فجوات التحول السريع وأثرها على المواطن

السبت - 06 يناير 2018

Sat - 06 Jan 2018

تمر بلادنا هذه الفترة بمنعطف تاريخي اقتصادي هام وحاد جدا، هو امتداد لخطة التحول الوطني الذي يعتبر التحول الاقتصادي محوره الرئيسي، بالتحول من الاقتصاد الريعي الذي يعتمد بشكل رئيسي على الثروة النفطية إلى الاقتصاد الإنتاجي، بمعنى التحول من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج على المستوى الصناعي والزراعي والمعرفي والترفيهي وغيرها من المجالات، وهذا سيؤدي بدوره إلى تغيير ثقافي اجتماعي جذري بترسيخ ثقافة الإنتاج والعمل، وستتبعه بالتالي تغيرات على مستوى العادات والتقاليد وأنماط المعيشة على مستوى الجماعات والأفراد.

لا نختلف على أن التغيير مطلب هام لمواكبة التغيرات والمستجدات العالمية، فالجمود نتيجته التخلف بلا شك، ووحده من لا يعمل لا يخطئ، فكفى بالجمود خطيئة.

وكل تغير في المسار لا بد له من ضحايا وتضحيات تتزايد طرديا مع زيادة حدة هذا التحول، لذلك ينبغي التخفيف من حدته لتخفيف نواتجه السلبية خاصة أننا لسنا في حالة طوارئ تستوجب الإسراع بهذا القدر، هذا من جانب، ومن جانب آخر القفزات السريعة لها ارتدادات أسرع وأقوى، وتترك فجوات تحتاج لتضحيات أكثر.

فدائرة صنع القرار وخطة التغيير تحتاج لمزيد من النضج، ويتضح نقصه جليا من تناقض تصاريح الوزراء، التي زادت الرؤية ضبابية أكثر لدى المواطن وهو يراهم يتجنبون الإجابة عن الأسئلة التي تمس حياته بشكل مباشر.

ولأن خطة التحول تعتمد بشكل كبير على قطاع المنتجات الصغيرة والمتوسطة فالإسراع في تكوين هذا القطاع يجعله هشا سيتساقط على رؤوس أصحابه مع أول مطب، فالفكرة ما زالت عنه لم تغادر مفهوم التوظيف، وجعل السعودة مخرجا للتحايل على أعداد البطالة بتوظيفهم في هذا القطاع الذي بدوره يتحايل على المسؤول لإكمال طريقه ورؤيته الخاصة به بإعطائهم رواتب رمزية كزكاة أو ضريبة قبضايات، كما أن الموظف ينظر له كمحطة موقتة وعينه على الوظيفة الحكومية، فتمر السنوات ولم يكون نفسه على أساس هذا العمل، ولم يحصل على الوظيفة الحكومية، فتعنس طموحاته وهو لم يطل بلح القطاع الخاص ولا عنب الحكومية، فالبحث عن العمل في القطاع الخاص يختلف عن التوظيف فيه، وللأسف المفهوم الرائج هو التوظيف في القطاع الخاص، وليس إنشاء مشاريع صغيرة، والإفادة من المهارات والأفكار والحرف التي تضيف قيمة اجتماعية ذاتية لنا وفي الخارج، فالعالم يحترم الشخص المنتج بقدر جودة إنتاجه، وهذا يختلف عن أن نكون مجرد مقر لمصنع أجنبي على الأراضي السعودية.

وكذلك التغيير يحتاج استقطاب الكثير من الصناعات وتوطينها وهذا يستوجب تهيئة المدن الاقتصادية ذات البنية التحتية المناسبة لتكون حاضنة لها، فكيف يكون ذلك وهذه المدن لا تزال مجرد مربعات على الخريطة لم تتجاوز نسبة الإنجاز منها ما يشفع لها باستقبال أي مشروع.

ختاما: نتفق على أن التغيير مطلب، وأنه لا بد له من ضحايا وتضحيات، لكن الإسراع به لمجرد إغلاق ملفات سيجعلنا نعود في كل مرة للخلف لتغطية فجوة تركناها، هذه الفجوات في روح وكيان المواطن البسيط يمكن تجنبها بالاقتراب أكثر من واقعه.

aziz33@