محمد أحمد بابا

ضريبة الماضي وضرورة الإفصاح

الأحد - 24 ديسمبر 2017

Sun - 24 Dec 2017

نحن في مجتمعاتنا الفكرية، وربما حتى في مجتمع أصحاب القرار، بدأنا ننتهج مجبرين ذات السياسة العالمية المتعارف عليها في دول أخرى، وهي: مبدأ الإفصاح عن الأسرار السابقة والإفراج عن سريتها.

ومع اختلاف وجهات النظر حول الفائدة المنهجية المرجوة من مثل هذه السياسة، إلا أنها عند (غيرنا) اتجهت منهج العمل المنظم، بحيث يضع أصحاب القرار اعتبارات: للمدة وللنوعية وللتوقيت وللقدر والطريقة.

فكثير من الوثائق لم تكن متاحة قبل عشر سنوات أصبحت بين أيدي الدارسين والمفكرين اليوم، فيما نسمعه ونقرؤه عن العالم الغربي، فلربما هم بذلك يتطورون.

نحن اليوم لكن (ببدائية) وغياب منهجية نفعل ذات الفعل في ظاهرة أحسبها (صحية) في طريق الموضوعية وبعض من الشفافية، رغم اعترافي بأن عقل المجتمع ربما فعل ذلك بالاضطرار العالمي، أو تمسكا بالبراءة من ماض، أو تسبيبا لتغيير مواقف وقناعات.

اليوم أصبح الحديث عن فتاوى قديمة متاحا بالنقد أو التخطئة، والحديث عن قصة إبرام عقود سابقة من ألسنة مسؤولين سابقين موفورا، والحديث عن عوامل قرار لمنع شيء أو السماح بشيء من فم من كان يملك ذلك يوما ديدنا ومساق تصريحات، وإظهار وثائق ومراسلات وخطابات وقرارات وأوامر للضوء في مواقع التواصل تخبر عن عصر من العصور كان فيه ذلك الأمر على غير ما هو مفترض شائعا ومستساغا.

لذلك فإن (محاكمة التاريخ) في البعد الانتقامي فخ المستعجلين ولغم أصحاب الحقد والكراهية، بينما نقد السابق حلية العقلاء ومفتاح المفكرين للوصول لوسطية خطط وحلقات تواصل بين أطراف أو تباينات.

وأمنيتي:

أن يتجه المفكرون والباحثون والدارسون للاستفادة من هذه الطفرة في استظهار الماضي لتحقيق قواعد وأطر جديدة في صنع القرار وصناعة الفتوى وإدارة التغيير للأفضل.

أما أن يكون الهم هو البحث عن دليل لتخطئة ماض لنيل نقطة في حرب مع معارضين فتلك مصيبة.

وكما أن غالب الرأي الجمعي استقر على أن لكل زمن دولة ورجالا، فإن التعقل يسوقنا حتما إلى أن تأثير التغيرات قائد لا محالة لامتثال التغييرات رضا أو كرها.

ما من معطيات السابقات إلا هو ذو فائدة جمة في نتاج الحاضرات، وهو كذلك مادة دسمة لرسم رؤية المستقبل وصولا أو محاولة وصول.

والإفراج الحتمي عن مسببات تنظيرات ونظريات قديمة من أصحاب سبر ودراسة فيما وراء التوجهات قادم شيئا فشيئا في ظل ثورة المعلومات والتقنيات ليرسو الحال يوما على أن لكل معلومة بعدا في الإفادة، ولكل وقت معلومة وإفصاح.

@albabamohamad