كاتب خيال علمي: التنبؤ بنتائج كارثية أنتج قصصا مكررة

ليس من السهل إقناع المشاهد بالأحداث التي تدور في أفلام الخيال العلمي، إذ يتطلب ذلك أدوات واحترافية في صياغة سيناريو يمكن تصديقه، حتى يحقق الفيلم رواجا وقبولا قبل ذلك

ليس من السهل إقناع المشاهد بالأحداث التي تدور في أفلام الخيال العلمي، إذ يتطلب ذلك أدوات واحترافية في صياغة سيناريو يمكن تصديقه، حتى يحقق الفيلم رواجا وقبولا قبل ذلك

الثلاثاء - 17 فبراير 2015

Tue - 17 Feb 2015

ليس من السهل إقناع المشاهد بالأحداث التي تدور في أفلام الخيال العلمي، إذ يتطلب ذلك أدوات واحترافية في صياغة سيناريو يمكن تصديقه، حتى يحقق الفيلم رواجا وقبولا قبل ذلك.

ويتكهن كتاب أفلام الخيال العلمي بأمور بالغة التعقيد، قد تنعكس يوما ما على الواقع، فيحولونها إلى سيناريوهات لأفلام خيالية، يمكن أن يستفاد منها في التطور التقني مستقبلا، كما تستفيد تلك الأفلام من التطور الإبداعي في كتابة الشخصيات والدراما المتصلة بها، والتي كانت وما زالت تحاول عكس مختلف الصفات والمشاعر الإنسانية عبر أفكارها الكبيرة والغريبة والمعقدة.


فطنة علمية
في هذا التقرير نسلط الضوء على أبرز كتاب أفلام الخيال العلمي، والتطرق إلى ظروفه التي نشأ فيها، والتي حولته إلى كاتب خيال علمي من الطراز الأول.

هيأت الظروف العائلية التي نشأ فيها كاتب الخيال العلمي نيل ستيفينسون الأجواء التي منحته فطنة علمية جعلته ينجذب إلى العلوم البحتة، كونه امتلك الأدوات لفهمها، حيث تعاقب الكثير من العلماء في عائلته عبر الأجيال، إضافة إلى نشأته في مدينة جامعة أميس، الأمر الذي جعله طفلا مولعا بالعلوم.


قصص الخيال
تتناول أعمال نيل ستيفينسون، كاتب الخيال العلمي الأفضل مبيعا، كل شيء من التشفير إلى الأساطير السومرية،.
وكانت أول رواية تنشر له في 1984 بعنوان (يو الكبيرة)، وهي رواية علمية تسخر من حياة الجامعة، بينما بدأ في إعداد كتابه (هيروغليفية) الذي يضم بين دفتيه مجموعة مختارة من قصص الخيال العلمي، لتحفيز الجيل الجديد من المهندسين.


سر الشغف
وأكد ستيفينسون أن امتهان الكتابة لم يكن خيارا مهنيا مقلقا على الإطلاق، بحسب ما جاء في مجلة نيتشر في نسختها العربية التي تصدر بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، لافتا إلى أنه قرأ في طفولته الكثير من روايات الخيال العلمي، وكتب الكلاسيكيات المصورة، وكان محظوظا بالتعلم من سلسلة من معلمي الإنجليزية الأفذاذ.

وأرجع سر شغفه بالعلوم إلى وجود العلماء في عائلته، ونشأته في مدينة الجامعة أميس بولاية إيوا، التي كانت أفضل مكان يمكن أن ينمو فيه المرء في تاريخ العالم، كما أن آباء أصدقائه إما لديهم شهادات دكتوراه، أو هم بصدد الحصول عليها، مبينا أن احترام العلم هو القيمة الضمنية في كل مناحي حياته، وقد انجذب إلى العلوم البحتة، لأنه يمتلك الأدوات لفهمها، وكانت تلك هي الثقافة التي انحدر منها.


الرواية الأولى
وقال: أثناء الدراسة الجامعية درست خليطا سيئا من الفيزياء والجغرافيا وبرمجة الكمبيوتر، حيث لم تمتزج هذه العلوم بما يكفي لتصبح درجة علمية قابلة للتسويق، ووجدت نفسي أعمل كاتبا على الآلة الكاتبة في مكتبات جامعة إيوا، وأكتب روايتي الثالثة، جالسا على قفص من البلاستيك، مع مروحة وآلة كاتبة عتيقة مؤجرة، حتى انتهيت من الرواية وقبلت للنشر.
وقضى المحرر جيري فيسكيتجون عاما كاملا في تنقيح روايتي الأولى التي كانت مفككة ومترهلة، وكان عنوانها (يو الكبيرة) التي صدرت في 1984، دار هاربر بيرينيال، وهي رواية علمية تسخر من حياة الجامعة.


تجربة مريرة
وأشار إلى أنه دائما ما يتردد بين محاولة فعل الصواب وبين الذعر الأعمى، فبعد رواية (يو الكبيرة) اعتقد أنه سيكتب رواية عن الفيزياء.
كانت الفكرة هي انفجار ضخم في تونجوسكا بروسيا في 1908، ناتج عن ثقب أسود صغير، يظهر ويختفي على الأرض بصورة متقطعة، متصورا أن الناس الذين يتعقبونه يضعون ما يماثل حبلا مطاطيا حوله فيجذبهم إلى الفضاء.

وقال إنه أمضى سنوات في كتابة هذه القصة، وكانت تجربة مريرة، فقد شعر بالخوف من إضاعة فرصته في أن يصبح كاتبا، حتى إنه ألّف رواية أخرى في 30 يوما، وهي روايته الثانية المنشورة بعنوان (زودياك) التي كانت في 1988 بدورية أتلانتيك الشهرية.
وأكد أهمية الاتصال بالناس لمعرفة ما يفعله الآخرون، إذ إن ذلك يساعده على تصور الشخصيات والأفكار، رغم أنه يتجنب التركيز على أشخاص أحياء معينين في رواياته.


مركز العلوم والخيال
وبشأن كتابه الجديد (الهيروغليفية)، أفاد بأن الفكرة ولدت من حوار ودي مع رئيس جامعة ولاية أريزونا في تيمب مايكل كرو، بعد شكواه من فتور التقدم في تكنولوجيا المواد، قائلا: "لقد أخذنا الإبداع الذي وضعناه في تصميم الصواريخ، وحولناه إلى تكنولوجيا المعلومات، حيث يكرس الكثير من الأذكياء والنابهين حياتهم لأشياء غير مهمة، مثل كتابة تطبيقات المحمول، وما إلى ذلك، حتى أصبحنا نفتقر إلى الإبهار"، فيما حمل رئيس الجامعة كُتاب الخيال العلمي هذا الخطأ، إذ ينبغي عليهم أن يعطوا شيئا يُعمل عليه.
وأوضح أن الجامعة أسست بناء على اقتراحه مركز العلوم والخيال، وأطلقت مشروع (هيروغليفية) وهو منتدى على الانترنت، يتعاون فيه مؤلفو الخيال العلمي في كتابة قصص إيجابية، وطرح تقنيات سهلة المنال للمهندسين الشباب.


قصص مملة
وأشار إلى إن كتابه (هيروغليفية) الذي صدر في سبتمبر الماضي احتوى على قصص 20 عالما ملهما، مثل عالم الفيزياء الفلكية والكاتب الفائز بالجوائز جريجوري بينفورد، ومؤلفي الخيال العلمي: كوري دوكتورو، وإليزابيث بير، وبروس ستيرلينج، وأن إسهامه سيكون بقصة Atmosphaera Incognita عن إنشاء برج فولاذي، ارتفاعه 20 كيلومترا والمغامرات المترتِّبة على ذلك.

واعتبر نيل ستيفينسون أنه من السهل التنبؤ بنتائج كارثية متشائمة، لكن ذلك أدى إلى قصص مملة مكرّرة، ينقل بعضها من بعض، ويمكن التنبؤ بأحداثها بسهولة، خاصة في التلفزيون والأفلام، لافتا إلى أنه في الخمسينات من القرن الماضي، كان بالإمكان القول إننا نمتلك صاروخا، وإذا بنينا صاروخا أكبر فسنذهب إلى القمر، ولكن مع التقدم في تكنولوجيا النانو وتكنولوجيا المعلومات، حدثت نتائج كثيرة لم تكن متوقعها.