محمد حطحوط

التسويق في القطاع الخيري

الثلاثاء - 31 أكتوبر 2017

Tue - 31 Oct 2017

اتصل بي زميل طالبا المساعدة في صناعة خطة تسويقية، وهو يعمل في جهة خيرية فاعلة في السعودية، ولكن عيبها الوحيد أنها ضعيفة تسويقيا، بالرغم من الجهود المذهلة، ولأن الترويج لديها ضعيف، حدث ما كان متوقعا، وهو ما تهرب منه كل جمعية خيرية بالعالم، ضعف مواردها المالية التي تشكل شريانا رئيسا لأي منظمة خيرية.

اجتمعنا مع الزملاء، وبعد عدة لقاءات تم وضع ملامح لخطة تسويقية، بتكلفتها السنوية، وتم الرفع لمجلس الإدارة للموافقة النهائية، وكان الرد بالرفض، لأن مجلس الإدارة استكثر المبلغ المخصص للخطة التسويقية، وهي مشكلة تعاني منها جهات خيرية بالعالم، لأن الكثير لا يعي أن هذا استثمار حقيقي يدر عليك الكثير لو تم تطبيقه باحترافية. هناك زميل في جمعية خيرية بمحافظة صغيرة يخبرني، ومن حسن حظه، أن لديه مجلس إدارة يدرك أهمية التسويق وتأثيره المذهل، بقصة حدثت لهم: حصلت الجمعية في يوم عرفة الماضي على تبرعات فاقت مليونا وثلاثمئة ألف ريال! المذهل في القصة أن هذا كلف الجمعية تسويقيا 45 ألف ريال فقط! وهذا يعد إنجازا كبيرا. نفس الجمعية هذه كان المجموع الكلي لما تحصل عليه سنويا 800 ألف ريال من التبرعات! بعد عام واحد فقط، وبعد تعيين مسوق ذكي، تضاعفت التبرعات وتجاوزت حاجز العشرة ملايين سنويا! الجمعية هي الجمعية.. والفريق هو الفريق.. فقط تم تعيين مدير تسويق!

اتصل صاحبي الذي ذكرت قصته في أول المقال بعد ذلك بأشهر، معللا أن مجلس الإدارة وافق على الخطة التسويقية بالمبلغ المقترح! عندها سألته: ما الذي تغير إذن؟ أجاب (وهنا مربط الفرس للمقال بأكمله): أتانا فاعل خير مختلف تماما، إذ تكفل بالميزانية التسويقية فقط! ولأنه رجل أعمال ناجح، فهو يدرك قيمة الاستثمار الخيري الذي يفعله، فهو تكفل بمليون ريال لميزانية تسويقية لجمعية خيرية أخرى، وكانت حملة ناجحة نتج عنها 13 مليون ريال من التبرعات، ولهذا هو يبرر عمله الذكي، أنه أنفق مليون ريال، وأخذ أجر 13 مليون ريال!

التسويق أصبح ضرورة في القطاع الخيري، وهناك عقليات شابة ودماء جديدة بدأت تتحفنا بعمل تسويقي إبداعي ينافس أحيانا القطاع الخاص، وهو مسألة وقت، حتى نتخلص من عقدة (التسويق سواليف يا رجال) والتي أخرت القطاع الخيري كثيرا، وحجبت الكثير من الخير عن الناس.

منظمة COW الأمريكية وهي منظمة لرصد القطاع غير الربحي، ذكرت أن الجمعيات الخيرية الكبرى في أمريكا تنفق على بند التسويق فقط سنويا قرابة الثلاثين مليارا!

  • ضعف الترويج لأي جمعية خيرية بالعالم يضعف مواردها المالية.

  • عقدة (التسويق سواليف يا رجال) أخرت القطاع الخيري كثيرا.

  • أي جمعية خيرية بحاجة لمجلس إدارة يدرك أهمية التسويق.

  • الجمعيات الخيرية الكبرى في أمريكا تنفق على بند التسويق قرابة الثلاثين مليارا سنويا.

  • هناك عقليات شابة بدأت تتحفنا بعمل تسويقي إبداعي.


@mhathut