مرزوق تنباك

المواسم

الثلاثاء - 03 أكتوبر 2017

Tue - 03 Oct 2017

انتهينا من ثلاثة مواسم متقاربة صاحبنا فيه الكثير من النجاح والتفاؤل والفرح أيضا.

الموسم الأول، الحج الذي مضى بيسر وسهولة ولم يتعرض لكثير من المنغصات التي قلما تخلو منها مناسبة مثله تجمع ملايين الناس في مكان محدود وزمن محدود، حتى الحج نفسه في السنين الماضية لم يسلم من العراقيل قلت أو كثرت، إلا أنه هذا العام لم يكن فيه ما يعكر صفوه ولا ينغص أيامه ولا يقلل من روحانيته وسلاسة مرورها، وقد عاد الحجاج إلى بلادهم يحملون أجمل الذكريات ويقصون أجمل الحكايات عما رأوه من خدمات وانضباط ويسر وسهولة، فكانت المناسبة التي لن ينساها من وفقه الله للحج وقضاء النسك. وليس فيما قدم منة ولا فضل لأهل بلادنا ورجالها الذين شرفوا بخدمة القادمين فجعلوا الحج يظهر بذلك اليسر والانسجام. ومن منا لا يكون سعيدا عندما ينجح الحج ويسعد الحجاج ونسعد معهم في خدمة شرفنا الله بها ومنحة وفضل جعل الله بلادنا مسؤولة عنها.

الموسم الثاني، بدء العام الهجري الجديد الذي يحتفل به العالم العربي والإسلامي بمظاهر دينية عامة، كنت في الأيام الأولى منه بالخارج في دولة إسلامية، فرأيت من مظاهر الاحتفاء بالعام الهجري الشيء الذي لم أعرفه عندنا ولا ظننت أن رأس السنة الهجرية ينال من اهتمام المسلمين ومن الاحتفاء به ما رأيت هناك. ورمزية الاحتفاء بالعام الهجري تذكرنا دائما بأيام الإسلام الأولى التي أخرجت قريش بها النبي من أحب البلاد إليه وهو يرفع يديه ويدعو ربه أن يكون مهاجره إلى أرض يحبها الله ويحبها المهاجرون، فكانت المدينة المنورة والتربة الطيبة، وكانت الهجرة إليها والمحبة لها والنصر والتمكين بعد ذلك.

الموسم الثالث، اليوم الوطني يوم فرح واحتفاء لم يعهد النـاس مثله من قبل، خرجت أسر بكاملها إلى الأسواق والحدائق العامة وأماكن التنزه، وأظهر الجميع الفرح وامتلأت المطاعم بالمحتفلين وبالغ بعضهم بالتعبير عما يشعرون به، وضخموا المناسبة لتتسع لما يريدون منها، ما حدث ليس

احتفالا باليوم الوطني فحسب وإن كان اليوم الوطني يستحق ذلك الفرح وأكثر منه، ولكنه احتفاء بشعورهم بالحرية وأن يتصرف الإنسان كما يريد وينطلق بعفويته فجاءت المناسبة محركا لهذه العفوية وفاضت بالحشد الكبير الذي رأيناه.

في زحمة المدينة المعاصرة واكتظاظها وانحصار السكان في أغلب أيام الأسبوع بين جدران أربعة، والكد والعمل في أكثر الأيام، كل ذلك جعل العالم يبحث عن المناسبات العامة والخاصة التي يخرج فيها من الضيق وينسى ما هو فيه من زحمة المطالب إلى لحظات سلو وانفراج في حياته، ولهذا كان كسر الرتابة والروتين ضروريا ومهما، والترويح غاية في حد ذاته. وتراثنا القديم لم يخل من البحث عن المتعة والترويح عن النفس ولو ساعة، وعلل ذلك الترويح بما نعلل به اليوم الحاجة إلى العطلات، فجاء فيه روحوا عن أنفسكم ولو ساعة فإن النفوس تكل كما تكل الأبدان، وهذا غاية في اللطف في المعاملة والأمر بمضاعفة العمل بعد كل جرعة من الانقطاع لحاجات النفس وأغراضها. انقضت المواسم المتقاربة في فترة لا تزيد عن شهرين وسننطلق في مشوار جاد من العمل ولمدة أربعة أشهر قادمة هي عمر الفصل الأول للدراسة، وأغلب المواطنين، أو كلهم، لهم علاقة بالدراسة وارتباط بها في صورة أو أخرى.

Mtenback@