الوطن أيقونة الحياة

الخميس - 28 سبتمبر 2017

Thu - 28 Sep 2017

حب الأوطان غريزة فطرية لكافة بني البشر، تنبض به قلوبهم، وتجري به دماؤهم، وديننا الإسلامي الحنيف يحض على هذا الجانب، فحب المسلم لوطنه وتمني الخير له والعمل على رفعته ليس من العصبية في شيء، بل هو من سلامة النهج وصدق النية والعمل.

هذا الحب للوطن عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة هجرته ـ إلى المدينة، حيث وقف على مشارف مكة قائلا (ما أطيبك من بلد، وما أحبك إلي،، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك)، ومن جانب آخر علم النبي صلى الله عليه وسلم مدى حب أصحابه لوطنهم ـ مكة، فكان يسأل الله كثيرا أن يرزقه هو وأصحابه حب المدينة حبا يفوق حبهم لمكة، لما لها من الفضل في احتضانها للإسلام ودعوته، وحمايتها ونصرتها للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكان يقول في دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد).

ويقول الغزالي «والبشر يألفون أرضهم على ما بها، ولو كانت قفرا مستوحشا، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتقص».

وحديثنا عن مناسبة اليوم الوطني هذه الأيام ذو شجون ولا يمكن أن يختزل في حديث عبر وسائل التواصل المختلفة أو مقالة تكتب أو الاحتفال بيوم واحد، إلا أننا نحاول استثمار هذا اليوم بتذكير أنفسنا والأجيال القادمة بمسيرة بناء هذا الكيان الشامخ شموخ الجبال، نستذكر خلاله قصة الشتات والخوف والجهل والجوع التي كانت تعيشها بلادنا، قبل توحيدها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه.

في السابق كان هناك قصور من جانب الإعلام في إبراز هذه المناسبة الغالية على قلوبنا ولم يحظ ذلك الجيل بمثل ما يقدم اليوم من برامج وطنية إثرائية يجد المواطن فيها ضالته، إلا أن البديل كان في مجالس الآباء والأجداد الذين كانوا شهود عيان على حقبة زمنية أدركوا فيها قيمة ذلك التحول النوعي في حياتهم وعلى كافة الأصعدة، فقد كانت أحاديثهم بالفطرة مليئة بالصدق صافية كصفاء قلوبهم، لذلك استوعبنا منهم تلك الدروس التي زرعت فينا حب الوطن والولاء والطاعة لولاة أمرنا.

والآن جاء دورنا نحو أبنائنا لنغرس تلك المفاهيم العظيمة في نفوسهم، وحمايتهم من خفافيش الظلام عبر وسائل التواصل المختلفة، التي تسعى جاهدة لشق الصف وبث السموم حقدا وكراهية للنيل من وحدة وتماسك هذا الكيان.

والمسؤولية اليوم كبيرة أمام كل تلك التحديات من خلال الأدوار المتكاملة بين البيت والمسجد والمدرسة، لحماية عقول الأجيال القادمة من أي أفكار مستوردة.

فما أحوج أبناء اليوم إلى دروس الأجداد لمعرفة ما هم فيه من نعم عظيمة تغيظ كل عدو وحاسد، وتبهج كل مواطن صالح يعرف حق المواطنة.

أدام الله وحدتنا، وحفظ لنا عقيدتنا، وولاة أمرنا، وكل عام والوطن في أمان.