الأغنية التي أفسدها كذب المغني!

أحسب لنفسي، وفقني الله وسدد على طريق الخير خطاي، أنني لم أكن يوما من المعجبين ببرامج الجزيرة ولا بأخبارها، ولم أتابع حساباتها في وسائل التواصل ولم أنقل عنها يوما ما، ولم أكن من الذين «يتسدحون» أمام شاشاتها ويشيدون بمذيعيها وببرامجها قبل أن يقرروا فجأة إخباري أنهم صبروا على الجزيرة عشرين سنة. وأتحدث هنا عن أصدقائي في العالم الحقيقي، ولا أعني بالطبع أولئك الذين لا أعرف ماذا كانوا يصنعون حين يشاهدون الجزيرة، وهل كانوا يرددون «اللهم طولك يا روح» في كل مرة يشاهدون برنامجا لها، أم إن الأمر لم يكن يعني لهم أي شيء مثل أصدقائي الذين أكرههم على أي حال.

الشيء الوحيد الذي كان يعجبني في القناة هو اللغة الجميلة التي تكتب بها تقاريرها، وأنا أحب اللغة الجميلة حتى لو كانت خطبة للشيطان شخصيا.

أما قصة الحرية والرأي والرأي الآخر إلى آخر هذه المنظومة من العبارات التي لا تعني أي شيء على أرض الواقع وتستخدم غالبا ككلمات حق يراد بها باطل في الجزيرة وفي غيرها ممن تعجبه ذات النغمة في العالم العربي فلم أكن أصدقها، وغالبا ما اعتبرتها عبارات ساخرة أكثر من كونها أي شيء آخر.

والتلون ليس عيبا رئيسيا في القنوات التلفزيونية أو الوسائل الإعلامية بشكل عام، خاصة تلك التي لا تتحدث عن حرية التعبير كثيرا، أما حين تقدم قناة مثل الجزيرة نفسها للعالمين على أنها منبر حر ثم تختلف آراؤها في قضية ما باختلاف آراء الدولة التي تتبعها فإن الحرية هنا ليست أكثر من دعابة لا يأخذها بجدية إلا إنسان يعاني من خلل ما.

أبسط الأمثلة الكوميدية على هذه «الحريات» هو تقارير قناة الجزيرة وآراء مذيعيها ومعدي برامجها عن الحرب في اليمن. كانت هذه الحرب إلى قبل شهرين من الآن عملا عظيما أنقذ الأمة. ثم تحولت بخروج قطر من التحالف إلى عمل عدواني بشع يقتل الأبرياء وينشر الأمراض. ولا أعلم هل الحرب تغيرت فجأة، أم إن الإيمان دخل قلب الجزيرة فجأة هو الآخر.

وعلى أي حال..

الجزيرة مشروع ذكي، عرف من أين تؤكل الشعبية، غنت أغنية «أحلام الشعوب» وهي أغنية تطرب، لكنها مثل أي أغنية أخرى تصبح مملة وساذجة إذا لم يكن من يؤديها أول من يتأثر بها، هي تشبه أن يغني مطرب أغنية حزينة الكلمات واللحن وهو يضحك. ستفسد الأغنية ولا يتذكر الناس إلا كذب «المؤدي».

@agrni