مخلصون رغم التهديد

الثلاثاء - 23 مايو 2017

Tue - 23 May 2017

صبيحة كل يوم دراسي أعاني من فوضى عبور الطلبة والسيارات عندما أنزل أولادي عند مدخل مدرستهم (الخاصة) رغم محاولات الحراس والعمال للتنظيم، وبعد خطوة منها أمر من أمام مدرسة حكومية تسمى المدرسة السعودية في تبوك وألاحظ أنه لا توجد أي فوضى عند مدخلها، حيث يقوم بعملية التنظيم مدير المدرسة بنفسه والذي اعتاد لسنوات القيام بهذه المهمة، ولا يسندها إلى العمال كما يفعل جيرانه في المدرسة الخاصة، والتي تتفاخر دائما بكونها أفضل مدرسة بتبوك.

شخصيا لا أعرف الرجل ولم أتشرف أبدا باللقاء به، لكن ما قيل لي عنه من قبل مشرفي إدارة التعليم يدعو للفخر بوجود مثله، والحقيقة أنه يوجد كثير من أمثاله لكن هذا (الكثير) يتحول إلى قلة في بحر عشرات ألوف المدارس. لكنهم على أية حال موجودون لأنهم يحبون ما يقومون به، يحبونه ويستمتعون بأدائه بتفان وإخلاص رغم عدم حصولهم على أي مزايا مادية والتي يحصل عليها مدراء المدارس في جل دول العالم سواء المتقدمة أو حتى المتخلفة.

ينظرون إلى المدرسة كنظرتهم لبيوتهم أو ربما أكثر، وينظرون لجميع تلاميذها كأبناء لهم، لكن أسوأ ما في هذا الإخلاص والتفاني أنه يظل دائما تحت تهديد تصرف أرعن من طالب أو حفنة طلبة داخل أو حتى خارج أسوار المدرسة يكون ناتجا بالأصل عن تربية سيئة في البيت والشارع وليس المدرسة، ليترك في النهاية هؤلاء المخلصون عرضة لإجراء عقابي يتخذه صاحب قرار لا يبذل نصف تعبهم وجهدهم لكنه يملك كامل السلطة ليقدمهم أكباش فداء متكئا على مجلدات من التعاميم التي تحمل المدير وحده أوزار كل البشر في مدرسته بدءا من الطلاب مرورا بالحراس والعمل والمعلمين، كما حصل مؤخرا في إحدى المدارس عندما حمل أحد المدراء المخلصين أخطاء سلوك الطلاب بتمزيق كتبهم خارج المدرسة، ليتم تقديمه كبش فداء من قبل صاحب قرار فضل التضحية به لامتصاص غضب المجتمع بدون أن يدخل في دوامة التحقيقات واللجان التي لا يحتاج إليها بحكم سلطته وصلاحياته.

هم رغم كل ذلك يعملون لأنهم يحبون عملهم ويرون نتائجه فإن غاب الحافز المادي فمن واجبنا تجاههم على الأقل تقديم الشكر على ما يقدمون من جهد يمس بشكل مباشر أهم شرائح الوطن الذي يحق له أن يفخر بهم.