آه لو استلم تلميذي البدوي (بندر) التعليم!!!

بعد موقفي الصارم مع الزملاء المتشددين، تعرضت لمضايقات غير مفهومة، علمت بعد تركي الهيئة الملكية بسنوات أنها كانت (مدبرة)؛ حيث اتصل بي زميل يطلب مني السماح لمساهمته فيها!! وكان هدفهم إبعادي من متوسطة (أم القرى) قبل الامتحانات!! ولهذا وافق الوكيل على طلبي النقل لمتوسطة (الفاروق) فورًا وأعطاني إخلاء الطرف، واتصل بأحد المشرفين في الإدارة؛ ليبلغني بضرورة المباشرة هناك قبل نهاية الدوام!!



وإذا كانت متوسطة (أم القرى) لأبناء الأسر المتحضرة (الهاي)، فقد كانت متوسطة (الفاروق) لأبناء أسر تنحدر كلها من (البادية) ومنطقة (جازان)، وبعض الوافدين!!



وفي اليوم التالي قال لي أستاذ الرياضيات (المصراوي) الشاب الحاصل على الماجستير من فرنسا «مين اللي دعا عليك وجابك لهؤلاء البدو الـ(....)»! ثم انهار يبكي وهو يشكو (عمايلهم) فيه! وخوفه على (لقمة العيش) بعد أن شكاهم أكثر من مرة؛ فأخذوا عنه انطباعًا بضعف الشخصية!



فاستأذنته أن أدخل معه الفصل خمس دقائق فقط، بعد أن حدد المشكلة في عصابة مكونة من (5) طلاب بقيادة (بندر)، كانوا راسبين في السنة الثالثة المتوسطة، وزملاؤهم الناجحون كانوا في السنة الأولى في الكلية!



وأشار إلى العصابة واحدًا واحدًا، وكلما عرفني أحدهم باسمه قلت له: ونعم! ودغدغت غروره بذكر أبرز مآثر قبيلته صدقًا وليس (هياطًا)! ثم قلت لهم: طالبكم يا رجال! فقال زعيمهم: جاك قبل ما تقول ولو كان رقبة واحدٍ منا! وأضاف: مير أنت وش تعوّد؟ فقلت: أنا (وذكرت اسم زميلي المصراوي وهو متنَّح ع الآخر) وطالبكم تحترموني وتركزون معي!



فبادر الخمسة فورًا وقبلوا رأس أستاذهم! وبدل أن كان المعلمون يشكون من إهمالهم صاروا يشكون من شدة حرصهم!!



وسرعان ما توطدت العلاقة بيني وبينهم! وفي رحلة برية فوجئت بـ(بندر) يمسك بذقني ويقول: تكفى نجّحني بالطيبة ولّا بأختها.. عندي (واسطة) في الحرس الوطني، ولكنهم يشترطون الشهادة، وأنا (مغرّز) بسبب (القواعد والنصوص) ثلاث سنوات!!



فقلت له: كيف أنجحك وأنت تعرب اسمك في مثال (جاء بندر): الباء حرف جر، و(نْدر) اسم مجرور وعلامة جره الضمة؟؟



فقال: يا بو (رويشد) ـ اسم والدي ـ نعنبو غيرك!! أحد بيوقّفك في الشارع يقول أعرب ما تحته خط، أو اشرح البيت التالي؟ يا بوكم علمونا شي ينفعنا!!



كان ذلك في اليوم التالي لمباراتنا الشهيرة مع (بلجيكا) في كأس العالم (1994)!!!!