معرض الرياض للكتاب 2030

الأربعاء - 08 مارس 2017

Wed - 08 Mar 2017

يوم أمس انطلقت فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام، وقد مر عليه 12 عاما عايشه كثير من المهتمين بالكتاب، سواء الناشرون أو المرتادون أو الكتاب والمثقفون، وكان لكاتب هذه السطور خلال هذه السنوات فرصة تأمل المعرض يكبر وينمو ويزداد ألقا وتوهجا حتى أصبح واجهة ثقافية عالمية للمملكة العربية السعودية.



وهذا الرصيد الثقافي الوطني المهم الذي صنعه أبناء المملكة من العاملين في وزارة الثقافة والإعلام وخارجها، ومن معهم من المتطوعين والمتطوعات، يفترض أن يتطور ويتقدم عما كان عليه في السنوات الاثنتي عشرة الماضية، فبلادنا ما زالت بحاجة إليه، ليس كسوق للكتاب فقط، وإنما كسوق لـ»صناعة» الثقافة وإنتاجها وترويجها، ليس على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى الدولي، ولكن ذلك يستلزم العديد من الإجراءات والقرارات.

فإذا ما توقف المعرض عن التطور ليواكب رؤية المملكة 2030 فسوف يفقد وهجه الذي كان عليه في السنوات الماضية، وبالتالي سوف يتدنى الإقبال عليه مستقبلا، وهذا ما يفقد سوق الكتاب قوتها الشرائية.



بشكل صريح ومباشر، نحن بحاجة إلى «خصخصة» المعرض، مع بقاء الإشراف الحكومي عليه من خلال وزارة الثقافة والإعلام، ليكون مشابها للمعارض الدولية الكبرى، لا نسخة طبق الأصل عنها. و‏وفق خبرة شخصية في المعارض الدولية أدعو إلى إعداد خطة استراتيجية لتطوير معرض الرياض الدولي للكتاب ليكون ملتقى استثماريا تجاريا لتجارة وصناعة الثقافة والفنون على المستوى العالمي، لأن لدينا أهم عنصر لقيام هذا الحلم، وهما المكونان الثقافي والبشري، ومن خلالهما نستطيع خلق المقومات التي تحقق هذا الهدف.



وربما أن أولى خطوات تحقيق التطوير هي تحجيم مشاركة المؤسسات الحكومية التي لا نشاط ثقافي ملموس لها، ورفع رسوم المشاركة في ظل وجود منافسة حقيقية للقطاع الخاص المتمثل بدور النشر والمؤسسات الثقافية والفنية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني.



كما يمكن الإفادة من التجارب الدولية الرائدة في مجال معارض الكتب، مثل معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي يعتبر سوقا دولية للصفقات التجارية في مجال الثقافة والنشر والفنون، بل إنه مناسبة مهمة تحرص عليها الشركات العالمية كونه يمثل سوقا للصفقات السينمائية والثقافية والفنية، وكل ذلك في ظل عدم وجود ظاهرة الشراء المباشر للكتب، فما يتم في «فرانكفورت» وغيره من المعارض الدولية الأوروبية هو عرض للكتب، ومن لديه الرغبة في الشراء يستطيع الشراء عبر منصات البيع الالكترونية.



من الجدير بالتنبيه أن بعض الدول العربية القريبة منا حاولت (استنساخ) تجربة معرض فرانكفورت بحذافيرها لكنها فشلت، لأن المعطيات الثقافية والسياسية والجغرافية والسكانية تختلف، وكذلك البعد المكاني والزماني أمر مختلف أيضا، ولا يمكن للتجارب الناجحة في بلد ما أن تستنسخ في بلاد أخرى ويكون حليفها النجاح.



وهذا الدرس للتطوير يستلزم دراسة الإمكانات وبحث احتمالات نجاحها وفشلها، وخاصة أن العوالم المنفتحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي تكثر فيها ظاهرة منافسة رؤوس الأموال والتمويل، وبالتالي طغيان نوعية معينة من المعارض الثقافية والفنية على نوعيات أخرى، وهذا الأمر غير ملموس لدينا في المملكة، مما يجعل فرص احتمال النجاح أعلى للمستثمر الخارجي، ولكن بشرط التخفيف من القيود التنظيمية البيروقراطية، ولا سيما إذا توافق هذا الأمر مع الرغبة الموجودة لدى فئات كثيرة من المجتمع السعودي للمناسبات الثقافية والفنية.



وتجدر الإشارة إلى أن تكريس اقتصاد المعرفة يبدأ من الاستثمار في مجال الثقافة والفنون، فهي أمور لا غنى للشعوب عنها، وهو الأمر الذي نطمح أن يكون عليه معرض الرياض الدولي للكتاب مستقبلا، في ظل الاتجاه إلى تحقيق برنامج التحول الوطني 2020، المؤدي إلى تحقيق رؤية المملكة 2030، بوجود العديد من التحديات، أولها قدرتنا البشرية على استيعاب معنى التحول.