العمل الصالح

الاثنين - 06 مارس 2017

Mon - 06 Mar 2017

قصة: في ساحة المواقف لمجمع تجاري، فتح باب السيارة، ثم رميت علبة ماء فارغة على الشارع، التقطها شاب كان يمر في الطريق، وبهدوء، طرق نافذة السيارة. «سم» تفوه بها صاحب السيارة.

«لقد سقطت هذه العلبة من سيارتك» أجاب الشاب.

ابتسم صاحب السيارة بخجل وأخذ العلبة ثم شكره ومضى.. انتهت القصة.

لا أعلم هل يكفي هذا المقال لكتابة الدروس المعتبرة من هذه القصة القصيرة أم لا؟ بصراحة، لا أظن فهي دروس كثيرة، لكن لعلي أعرج على بعضها.

أول هذه الدروس، فن النصيحة.

الشاب لم يبالغ في نصحه ولم يأخذ موقف الواعظ الناصح الفاهم، ولكن أرسل أبلغ رسالة بعمل بسيط، أعتقد أن مفعولها أقوى وأرسخ وبكل تأكيد نصيحة لن تنسى أبدا.

ثانيا، إحسان الظن، فالرجل لم يقل «لقد رميت العلبة»، بل قال «لقد سقطت».

فيا جمال إحسان الظن، ووالله إنها قيمة أخلاقية إن اتسعت قد تحل نصف الخلافات الشخصية التي نمر بها، إن لم تكن كلها.

ثالثا، إماطة الأذى عن الطريق.

الشاب لم يقل «إنه شارع المجمع التجاري وليس لي علاقة به»، بل اعتبره أذى للمارة، وفضل أن يميطه.

فهذه الخصلة التي لو كرسناها في ثقافتنا لأصبحت شوارعنا من أجمل الشوارع في العالم وبيئتنا من أنقاها.

رابعا، حب الخير للجميع.

أراد الشاب ألا يلحق صاحب السيارة ذنبا أو سيئة، بل على العكس فضل أن تكتب له حسنة فشاركه أجر الإماطة.

وكأنه يريد أن يؤصل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «حب لأخيك كما تحب لنفسك»، وتوجد دروس أخرى ربما يجيد القارئ استنباطها أكثر مني.

هذه القصة، بكل ما فيها من عبر ودروس، تختصر بعضا من الأخلاق والقيم التي بعث الرسول صلى الله عليه وسلم ليتمها.

فهذا الشاب لا أعلم عن صلاته أو صومه فهي أعمال خالصة وخاصة لله تبارك تعالى، ولكن مما رأيت من تعامله مع البشر، فأظن أنه مثال للمسلم الذي يريده الله عز وجل.

قفلة:

يقول الله تعالى في سورة النور «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض»، حاليا الأرض ليست مستخلفة للمؤمنين، فهل يعقل أن الله - جل وعلا - أخلف وعده؟ أم إننا مقصرون في الأعمال الصالحة؟ أعتقد أن علينا إعادة النظر في تعريف العمل الصالح.