كيف تغير العالم دون أن ينتبه أحد؟

الأربعاء - 08 فبراير 2017

Wed - 08 Feb 2017

حالة الإنكار قد لا تمر بشخص واحد حين يكون عقله غير جاهز لمواكبة المعرفة المطروحة، بل قد تمر بشريحة مجتمع كامل، أو ربما بمرحلة تاريخية بحسب القصة المنشورة في موقع "Collaborative Fund"، والتي أورد فيها هذه التفاصيل:







هل تعرف ما الذي حدث في هذه الصورة؟ إنه حرفيا أحد أهم الأحداث في تاريخ البشرية. ولكن إليك أكثر شيء مدهش في القصة، في ذلك الوقت القليل انتبه لما حدث، حين تمكن كل من الأخوين "ولبور وأورفيل رايت" من التحليق في الـ17 من ديسمبر عام 1903.



القليل من الاختراعات كان لها التأثير الجذري نفسه في القرن التالي، تطلب الأمر أربعة أيام للسفر من نيويورك إلى لوس أنجلوس في بداية القرن الـ20 بواسطة القطار.



بحلول الثلاثينات، كان من الممكن إنجاز الرحلة في غضون 17 ساعة جوا. وبحلول 1950، كانت الرحلة تستغرق 6 ساعات فقط.



على الرغم من أن الطيران ليس معقدا، إلا أن فكرة رجل في صندوق يطير كانت عجيبة للغاية، ولكن بعد مرور أيام وأشهر بل وحتى سنوات من تحليق الأخوين رايت، بالكاد لاحظ أحد الأمر، حتى إن الصفحة الأولى لصحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي للرحلة الأولى لم تذكر ولا كلمة عن الأخوين رايت. وبعد يومين من الرحلة أيضا لم تذكر الصحيفة شيئا عن الرحلة، وبعدها بثلاثة أيام كان الأخوان رايت يقومان بمحاولتهما الرابعة التي استمرت نحو دقيقة، ولم تذكر الصحيفة شيئا.



ومرت أربعة أيام ثم خمسة ثم ستة، فستة أسابيع، فستة أشهر، دون أن يرد ذكر اسم الرجلين اللذين اقتحما السماء لأول مرة في تاريخ البشرية.



مكتبة الكونجرس تحتوي على أوراق تكشف سرين مهمين؛ الأول أن أول ذكر للأخوين رايت في صحيفة النيويورك تايمز كان في عام 1906، أي بعد ثلاث سنوات من الرحلة الأولى.

الثاني، هو أن الصحيفة سألت عام 1904 مختصا في صناعة المناطيد حول إمكانية أن يطير الإنسان ذات يوم، فأجاب بالقول "في المستقبل البعيد جدا". وكان ذلك بعد مرور عام على أول رحلة للأخوين رايت.



كتب "فريدريك لويس ألين" في كتابه الذي صدر عام 1952 بعنوان التاريخ الأمريكي: مرت سنوات عدة قبل أن يستوعب الناس ما كان يفعله الأخوان رايت. كانوا مقتنعين أن الطيران مستحيل لدرجة أن معظم من رأوهما يطيران لأول مرة في دايتون بأوهايو في عام 1905 ظنوا أن الأمر حيلة.



ظل الأمر على هذه النحو حتى مايو عام 1908، أي بعد نحو أربع سنوات ونصف السنة من محاولة الأخوين رايت الأولى، فأرسلت تقارير لمراقبة ما كانا يفعلانه، واستيقظ العالم في نهاية المطاف على حقيقة أن الإنسان قد طار بنجاح.



تبرز هذه قصة أمرا شائعا، وهو أنه عادة ما يكون هناك فجوة كبيرة بين تغيير العالم وإقناع الآخرين أنك قمت بتغيير العالم.



قال جيف بيزوس ذات مرة "يتطلب اختراع أمر ما الاستعداد على المدى الطويل لأن يساء فهمك، أن تفعل شيئا تؤمن به ولديك قناعة حوله، ولكن لفترة طويلة من الزمن قد ينتقد ذوو النوايا الحسنة هذا الجهد. إذا كان لديك قناعة أنهم ليسوا على حق، تحتاج إلى أن يكون لديك استعداد طويل الأجل ليساء فهمك، إنه جزء رئيس من الاختراع."



إنها رسالة مهمة، فالأشياء التي تعجب الناس على الفور عادة ما تمثل انحرافات بسيطة عن المنتجات القائمة، إننا نحبها لأنها شائعة، فأكثر المنتجات ابتكارا والتي تغير العالم عادة ما يساء فهمها في البداية، حتى من قبل الأذكياء من الناس.



حدث هذا مع الهاتف، حاول ألكسندر جراهام بيل بيع منتجه إلى وسترن يونيون التي ردت سريعا بالقول: هذا الهاتف به كثير من العيوب حتى يعد وسيلة اتصال، إن هذا الجهاز ليس ذا قيمة لنا. كيف يمكن للشركة أن تستفيد من هذه اللعبة الالكترونية؟



حدث ذلك مع السيارة، قبل 20 سنة من إقناع هنري فورد العالم بأنه اخترع شيئا، نشر الكونجرس مذكرة يحذر فيها بالقول:



"عربات بلا أحصنة تعمل بالبنزين بسرعات تصل إلى 14 أو حتى 20 ميلا في الساعة، إن الخطر الذي يحيق بشعبنا من المركبات من هذا النوع التي تندفع خلال شوارعنا وطرقنا وتسمم الأجواء تدعو إلى اتخاذ إجراءات تشريعية فورية. إن تكلفة إنتاج البنزين تتخطى القدرة المالية للقطاع الخاص. وبالإضافة إلى أن تطوير هذه الطاقة الجديدة قد يحل محل استخدام الخيول، وهو ما من شأنه تدمير زراعتنا".



حدث ذلك مع صندوق المؤشر، وهو ببساطة الابتكار المالي الأكثر أهمية في النصف الأخير من القرن الماضي، وقد أطلق جون بوجل صندوق المؤشر الأول في عام 1975.



لم يبد أحد اهتماما بالأمر في العقدين التاليين، ثم بدأ يكسب شعبية شيئا فشيئا، وفي التسعينيات، أي بعد ثلاثة عقود على تأسيسه، انتشرت الفكرة كالنار في الهشيم.



يتكرر الأمر نفسه الآن مع الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي بدأت تشتهر في السنوات الخمس الأخيرة. لكنها ليست اختراعا جديدا تماما. فقد ذكرت في مقابلة مع المدير التنفيذي للأنظمة ثلاثية الأبعاد من عام 1989. وكما حدث مع عدد من الاختراعات، كانت هناك فجوة استمرت عقودا بين اختراعها وتبنيها.



الحال نفسه ينطبق على الخلايا الشمسية، فقد اكتشفت الخلايا الكهروضوئية في 1876، وطرحت للبيع في الخمسينات، ووضع الرئيس جيمي كارتر ألواحا للطاقة الشمسية في البيت الأبيض في السبعينات. لكنها لم تشتهر إلا في الألفية الجديدة.



تمر الاختراعات الكبرى بسبع خطوات:



1 في البداية لا يسمع عنها أحد.

2 ثم يسمع الناس عنك ويحسبونك مجنونا.

3 ثم يفهمون منتجك، لكن يعتقدون أنه لن ينجح.

4 ثم ينظرون إلى منتجك على أنه لعبة.

5 ثم ينظرون إليه على أنه منتج مذهل.

6 ثم يبدؤون في استخدامه.

7 ثم لا يتخيلون الحياة بدونه.



هذه العملية تستغرق عقودا، ونادرا ما تستغرق بضع سنوات فقط. وهنا تبرز ثلاث نقاط:



1 يحتاج الأمر إلى عبقرية كبيرة لإحداث تغيير في العالم.

2 يحتاج الأمر إلى شيء مغاير تماما حتى يتحلى المخترع بالصبر إلى أن يلاحظ الناس اختراعه.



إن الصبر ليس صفة قاصرة على رواد الأعمال فقط. لكنها عادة مطلوب التحلي بها، ولا سيما بالنسبة للمنتجات الاستثنائية. عندما يقاس الابتكار بالأجيال لا ينبغي قياس النتائج بالأشهر.

التاريخ قصة حقيقية عن كيف أن التغيير يمكن أن يكون طويلا للغاية، سوق الأوراق المالية يحمل ويقدم قصة مذهلة عن الملايين من الناس الذين يتوقعون أن الشركات الحالية ستؤدي عملها بشكل سريع ومنظم، فالفجوة بين الواقع والمأمول تفسر الإحباط الخفي.



3 الاختراع هو أول خطوات الابتكار. يقول البروفيسور في جامعة ستانفورد "يحتاج الأمر إلى 30 سنة حتى تتكون الفكرة الجديدة في ثقافة ما. فالتنقية لا تقود التغيير إنما هي مسؤوليتنا الجماعية للرد على البدائل والفرص التي تقدمها التكنولوجيا التي تحدث التغيير".