باسم سلامه القليطي

الحوار آداب وأفكار

الجمعة - 02 ديسمبر 2016

Fri - 02 Dec 2016

مميزة هي مجالسنا، بما فيها من تقدير واحترام، وترحيب وإكرام، وإن كانت ستعاب فلا شيء سوى أنها تفتقر أحيانا إلى آداب الحوار، فتجد القصة تقاطع في بدايتها، والفكرة تنتقد قبل شرحها، والمعلومة تكذب قبل التثبت من صحتها، والدعابة تستكمل ممن يعرفها، والمناقشة يكسبها صاحب الصوت العالي.

البعض بالمنطق والحجة لا يبالي، فتختلط الأصوات وتتشابك، وتتبعثر الكلمات وتتعارك، وكأنها معركة حياة وممات، وليست مجرد حوارات ونقاشات، ولا يعني هذا أننا لا نريد الاختلاف، بل هو مطلوب وصحي، ولكن لا يكون لمجرد الاختلاف والعناد، بل يكون عن فهم واقتناع، فذلك الفرق بين المتعلمين والرعاع، لأننا نريد أن نستمع لبعضنا، ونريد أن نتبادل خبراتنا وتجاربنا، فأكثر المشاكل والخلافات بسبب أنك لا تسمع ما أقول، أو أنني لم أفهم ما تريد، وكأننا لسنا متجاورين بل نتحادث من بعيد.

إذا أردت أن تحكم على مدى رقي مجموعة من الناس فانظر إليهم وهم يتحاورون، فدرجة الرقي تتناسب (تناسبا عكسيا) مع مستوى الصوت وعدد مرات المقاطعة.

في الغالب تجلس مع أصدقائك أو أقربائك تريد أن تستمتع بجلوسك معهم، وأن تستفيد من معرفتهم وتجاربهم، وتتعرف على عقولهم وشخصياتهم، لكن ما إن يبدأ أحدهم بالحديث وتصيخ له سمعك وتتواصل معه بالنظر كما يقتضي أدب الحوار، تفاجأ بمن يقطع الحديث عليه، وليست مقاطعة استفهام لما يقوله أو استدراك لما فاته، بل مقاطعة قلة احترام وجهل بفنون الحوار، فتجده يتحدث بلا مبالاة وكأن ليس له بالأمر علاقة، أو أنه لم يرتكب للتو حماقة، فلا يعكر صفو الحوار أكثر من المقاطعة والصوت العالي، فالحوار له قواعد وأسرار، من أجادها كسب محبة الناس ونال احترامهم، ومن أهملها أساء لنفسه وأفسد على الآخرين مجالسهم.

قال حكيم لابنه: تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام، فإن حسن الاستماع إمهالك للمتكلم حتى يفضي إليك بحديثه، والإقبال بالوجه والنظر، وترك المشاركة له في حديث أنت تعرفه، وأنشد:
ولا تشارك في الحديث أهله وإن عرفت فرعه وأصله