سلطان بن سلمان: تعزيز بعدنا الحضاري الخليجي ليس ترفا بل حاجة أساسية

الاثنين - 28 نوفمبر 2016

Mon - 28 Nov 2016

أكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان أن اعتزاز مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بالبعد الحضاري لبلادهم وتاريخهم وحضاراتهم المتعاقبة أسهم فيما تعيشه بلدانهم اليوم من استقرار أمني ورخاء اقتصادي، مشيرا إلى أن ما وصلت إليه دول المجلس من تحضر وما تعيشه من أمن وتآلف وتعاون وما تتميز به من قيم مشتركة، إنما وصلت إليه عبر تواتر تاريخي عظيم لا يجب أن نهمله أو ننساه.



وأكد خلال كلمته في الاجتماع الـ17 للوكلاء المسؤولين عن الآثار والمتاحف بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي افتتح برعايته اليوم في الرياض أن السعودية تمر بمرحلة استثنائية يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للعناية بالتراث الحضاري وتطوير المشاريع المتعلقة به.



وقال "نجتمع اليوم في قلب الحضارة الإنسانية في الجزيرة العربية، في وقت مهم تشهد فيه المنطقة الكثير من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، وتزداد فيه الحاجة لتعزيز روح الانتماء والاعتزاز بالمواطنة، والتمسك بالقيم والمثل التي كفلها لنا ديننا العظيم الذي شرفنا الله بأن يخرج من أرضنا وبلساننا العربي، وذلك ما يجعل مهمتنا في إبراز موروثنا والعناية بالمستكشفات الأثرية أمرا حتميا لإحداث التوازن في وقت التحديات، وتوثبنا للانطلاق للمستقبل بخطى ثابتة، ونحن كمسؤولين عن قطاعات الآثار ينصب اهتمامنا في هذه المرحلة على تعزيز البعد الحضاري الذي لا نعده ترفا، بل حاجة أساسية ليتعرف مواطنو منطقتنا بحضاراتهم وتاريخهم والأرضية الصلبة التي يقفون عليها، واليقين بأن ما وصلنا إليه من تحضر وما نعيشه من أمن وتآلف وتعاون وما نتميز به من قيم مشتركة إنما وصلت إلينا عبر تاريخ مجيد وتواتر تاريخي عظيم لا يجب أن نهمله أو ننساه، ونحن في دول مجلس التعاون تربطنا حضارات وتاريخ وقيم مشتركة، وهذا ما يجمع الناس في نهاية الأمر، فالناس لا تجمعهم اتفاقيات اقتصادية أو أمنية أو غيرها، ولكن تجمعهم الروابط الإنسانية والحضارية والتاريخ المشترك والمستقبل الواحد، وأصبح مشاهدا للعالم اليوم أن تلاحمنا مع بعضنا البعض هو السبيل للخروج من الأزمات، وتأكد لدى الجميع أن التلاحم والتآلف والتعاون هي مستقبل دول الخليج، وهو ما قاله سيدي خادم الحرمين الشريفين، وهو ما أتوقع أن يكون محور اجتماعات القمة الخليجية التي ستنعقد هذا الأسبوع".



وأبان الأمير سلطان بن سلمان أن الوحدة التي تجمع دول هذه المنطقة المحورية في العالم والحضارة الإنسانية الزاخرة بأحداث مهمة وتقاطعات مفصلية في تاريخ البشرية، تحتم علينا أن ننظر لأحداث الجزيرة العربية ضمن سياقاتها الشاملة، وعبر موقعها في قصة خلق البشرية، وتهيئة الظروف لاحتضان أعظم رسالة للبشرية جمعاء، التي اكتملت فصولها وتهيأت ظروفها لخروج الإسلام وانطلاق رسالته للعالم أجمع، وذلك ما نلمسه في كل كشف جديد، ويزداد فهمه مع كل دراسة تظهر.



وأكد أن الهيئة تسابق الزمن لتدريب القدرات الوطنية لإدارة العمل في القطاعات التراثية والكشوفات الأثرية والمتاحف، منوها إلى أن المواطن هو أكثر شخص مؤهل للعناية بتراث بلاده وإدارة مواقعها، وهو أكثر شخص نستهدفه ببرامج العناية بمواقع التراث ليتمكن من معايشة تاريخ بلاده بدل أن يقرأ عنها أو يسمع.



وأضاف "نحن في السعودية نشهد كما دول مجلس التعاون مرحلة استثنائية يقودها سيدي خادم الحرمين الشريفين، للعناية بالتراث الحضاري في المملكة، وتطوير مشاريعه والتوسع فيها، والتي توجت بإقراره برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، هذا البرنامج الذي أصبح علامة مهمة وإنجازا كبيرا بالنسبة لنا، الذي أقره الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، ثم أعاد إقراره وتأكيده والتوسع فيه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ثم وجه بدعمه بميزانية مهمة في المرحلة الأولى وصلت إلى نحو 4 مليارات ريال، وتم اعتماد ميزانية العام المقبل التي بلغت مليارا و300 مليون ريال لاستعجال مشاريع البرنامج.



وأضاف "نسابق الزمن الآن لطرح المتاحف الجديدة والمتخصصة، التي تصل إلى 18 متحفا يشملها البرنامج، كما أننا نسابق الزمن في تطوير قدرات المواطنين والمواطنات الذين يعول عليهم لتشغيل المتاحف التي لن تكون مجرد مخازن آثار، بل مواقع جذب وإثراء للزوار ليعيشوا تجربة متكاملة لتراث بلادهم وتاريخ المناطق، إذ لن نسمح بافتقار متاحف المناطق للقطع المكتشفة فيها التي تروي التسلسل الحضاري في كل منطقة.



وأكد أن الهيئة كبقية الجهات المعنية بالآثار والتراث في دول المجلس مهتمة بتحويل مواقع التراث الحضاري ومواقع الآثار إلى مواقع جاذبة بدون امتهان لها، ومواقع مرئية ومحسوسة للمواطن، والنشر في الكتب والصحف شيء مهم، ولكن ليس هناك تجربة أبلغ من زيارة الموقع التراثية ومعايشتها.

وأضاف "لدينا في دول المجلس تجاربنا المميزة، ومن المهم أن نستفيد من تجاربنا المشتركة في تطوير المواقع التاريخية، أنا زرت جميع دولنا، ورأيت جهود حماية المواقع الأثرية واهتمام هذه الدول بتطوير هذه المواقع، ليتمكن مواطنونا من معايشة هذه التجربة وليتعرفوا على الوحدة الحضارية التي جمعت منطقتنا وشعوبها منذ الأزل".



لافتا إلى الدعوة التي أطلقها في الاجتماع التأسيسي لوزراء السياحة الخليجيين في الكويت، ثم في الاجتماع التأسيسي المشترك لوزراء السياحة ووزراء الثقافة لدول المجلس الذي عقد أخيرا في الرياض، وحرص على أن يكون للمسؤولين عن السياحة والتراث اجتماع مشترك مع مسؤولي الثقافة في دول المجلس، لبلورة أهمية التراث والتعرف على دوره في تعزيز الهوية الوطنية، وتعزيز الانتماء لدى أبناء المنطقة وهو ما تحقق في الرياض أخيرا، وخرج بتوصيات مهمة وبرامج واضحة تتيح بلورة القصص، والقيم التي تزخر بها المواقع التراثية وتهيئتها للزيارة بطريقة لا تمتهن المكان.

وبعد الاجتماع كشف الأمير سلطان عن الإعداد لتنظيم ملتقى للآثار الوطنية في المملكة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة برعاية خادم الحرمين.



وأشار إلى أن هذا الملتقى الكبير يسترجع بدايات الآثار والمستكشفات الأثرية والرحالة في المملكة، منذ عصر الملك عبدالعزيز رحمه الله عندما بدأت عمليات التنقيب والاستكشاف التي كان يوجه بها، ونسترجع من خلال الملتقى الصور التاريخية وقصص المواطنين الذين عملوا في المواقع الأثرية، ونعيد هذا القطاع إلى صدر الساحة، إضافة إلى تسليط الضوء على ما وصلت إليه المملكة اليوم في مجال لعناية بالآثار وما شهدته من أنظمة وقرارات وبرامج ومشاريع في مجال الاهتمام بالتراث الوطني وفي مقدمتها برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، إضافة إلى المعارض التي تطوف العالم، ونعتز أنه وبرعاية سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، سوف يفتتح في مركز الملك عبدالعزيز الحضاري الثقافي (إثراء) التابع لشركة أرامكو الخميس المقبل إن شاءالله، جزء من معرض روائع آثار المملكة الذي طاف العالم في أوروبا وأمريكا، وسيأذن خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بانطلاق المعرض إلى جولته الآسيوية التي تبدأ من بكين في 20 ديسمبر، ثم كوريا واليابان، ثم ينطلق إلى دول أخرى حسب التوجيه الكريم، ليعرض ما تتميز به المملكة من تراكم حضاري من خلال 450 قطعة أثرية يحويها المعرض.



وكرم رئيس الهيئة خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع عددا من أصحاب المتاحف الخاصة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وبعد جلسة الافتتاح وتكريم المتخصصين في الآثار والمتاحف، عقدت الجلسة الأولى من اجتماع الوكلاء المسؤولين عن الآثار والمتاحف في مجلس التعاون، حيث ناقش الاجتماع عددا من الموضوعات التي تهم مسيرة العمل الخليجي المشترك في مجال الآثار والمتاحف، منها برامج المسح الأثري والتنقيب بدول مجلس التعاون، وبرامج التدريب التقنية المتخصصة في تراث دول المجلس، وبحث الاجتماع مشروع إنشاء قاعدة معلومات الكترونية عن المواقع الأثرية، ودليل المتخصصين العاملين في مجال الآثار والمتاحف.