الرؤية الاستراتيجية والتصرف التكتيكي
الأحد - 20 نوفمبر 2016
Sun - 20 Nov 2016
من ملامح وعي الإنسان وقوته أن يستطيع التكيف مع ظروف الحياة التي من سننها وقوانينها أنها دائمة التغير والتقلب، وأنها لا تبقى على حال من الأحوال، وأن يوظف هذه الظروف والأحوال المتباينة والمتقلبة لمزيد من التجربة والخبرة وصناعة المستقبل.
وحين يكون الإنسان قادرا على التكيف والتأقلم مع مختلف ظروف الحياة، ومستوعبا لهذه الظروف ومتماهيا مع الأحداث فإن ذلك أقرب إلى النجاح وأدعى للقدرة على العيش، وأضمن للتعاطي مع الحياة، أما حين تكون ردة الفعل تتمثل فقط في الاعتراض على التغيرات، والتباكي على تحول الأمور وتقلبها دون خطوات عملية للتعامل مع الواقع الجديد؛ فتلك حيلة العاجز التي لا تجدي.
ويبقى التكيف مع الظروف أمرا في غاية الأهمية، وسبيلا من سبل العيش، وهو لا يتعارض مع السعي إلى التطوير؛ فمثلا - وكما يقول المفكر الأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار - «حين يكون الكرسي الذي أجلس عليه خلف مكتبي غير مريح فما التصرف الأمثل في هذه الحالة؟ بعض الناس يتوقف عن القراءة، ويعرض عن الجلوس خلف المكتب إلى أن يحصل على كرسي مريح، وقد يمتد ذلك إلى شهور، فيحرم نفسه من خير عظيم، وبعض الناس يضغط على نفسه فيستخدم ذلك الكرسي مدة طويلة قد تمتد إلى سنوات، ولكن ستكون مدة جلوسه عليه قصيرة، وحين يجلس يشعر بالمعاناة.. علي أن أجلس على الكرسي غير المريح، واستثمر وقتي في القراءة، ولكن علي في الوقت نفسه أن أسعى بدأب لامتلاك كرسي مريح، إن هذه الرؤية تجمع بين التصرف التكتيكي والعمل الاستراتيجي، وإن الأول منهما يأخذ دائما طابع الموقت والعابر، على حين يرتبط الثاني بالديمومة وطول الأمد، لكن هناك دائما خوف من أن يتحول التكتيكي إلى شيء دائم يستمر مدة طويلة.. هناك خوف من أن تتحول الرؤية الاستراتيجية إلى أمنيات وأحلام تدغدغ العواطف، لكن ليس هناك أي مساع للسير على الطريق الموصل إليها.. العمل التكتيكي يمكن أن يصبح عملا تخريبيا ما لم يكن في إطار استراتيجية جيدة؛ فالموقت يجب أن يخدم الدائم والآجل، ويتصل به على نحو ما».
وهكذا ينقسم الناس بين من تسقطه الظروف والأحوال ولا يستطيع التكيف معها فيترك كل شيء ويفشل في كل شيء، وبين من «يصبر على النار ودخانها» إلى الأبد كما يقول المثل، وذلك التصرف يمكن أن يعوق عن التطوير والتحسين واقتناص الفرص التي تتاح، ولذلك يجب أن يكون الإنسان – بعد التوكل على الله – في حركة دائمة ودائبة، وأن يستثمر معطيات الحياة المحيطة به، وأن يتكيف مع الواقع، وفي الوقت نفسه يسعى إلى تحسينه، ولا بد أن تأتي اللحظة التي تكون فيها فرصة يجب اغتنامها، وهذا هو منهج رباني؛ فقد دعانا ديننا إلى العمل والمحاولة والاجتهاد، ونهانا عن الركون والضعف والاستسلام.
وتبقى الحياة ميدانا للركض والبذل والكفاح، تمضي دقائقها وساعاتها على الجميع، ولكن أن تمضي ساعاتها والإنسان في عمل وعطاء خير من أن تمضي وهو في ركون وخمول.
[email protected]
وحين يكون الإنسان قادرا على التكيف والتأقلم مع مختلف ظروف الحياة، ومستوعبا لهذه الظروف ومتماهيا مع الأحداث فإن ذلك أقرب إلى النجاح وأدعى للقدرة على العيش، وأضمن للتعاطي مع الحياة، أما حين تكون ردة الفعل تتمثل فقط في الاعتراض على التغيرات، والتباكي على تحول الأمور وتقلبها دون خطوات عملية للتعامل مع الواقع الجديد؛ فتلك حيلة العاجز التي لا تجدي.
ويبقى التكيف مع الظروف أمرا في غاية الأهمية، وسبيلا من سبل العيش، وهو لا يتعارض مع السعي إلى التطوير؛ فمثلا - وكما يقول المفكر الأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار - «حين يكون الكرسي الذي أجلس عليه خلف مكتبي غير مريح فما التصرف الأمثل في هذه الحالة؟ بعض الناس يتوقف عن القراءة، ويعرض عن الجلوس خلف المكتب إلى أن يحصل على كرسي مريح، وقد يمتد ذلك إلى شهور، فيحرم نفسه من خير عظيم، وبعض الناس يضغط على نفسه فيستخدم ذلك الكرسي مدة طويلة قد تمتد إلى سنوات، ولكن ستكون مدة جلوسه عليه قصيرة، وحين يجلس يشعر بالمعاناة.. علي أن أجلس على الكرسي غير المريح، واستثمر وقتي في القراءة، ولكن علي في الوقت نفسه أن أسعى بدأب لامتلاك كرسي مريح، إن هذه الرؤية تجمع بين التصرف التكتيكي والعمل الاستراتيجي، وإن الأول منهما يأخذ دائما طابع الموقت والعابر، على حين يرتبط الثاني بالديمومة وطول الأمد، لكن هناك دائما خوف من أن يتحول التكتيكي إلى شيء دائم يستمر مدة طويلة.. هناك خوف من أن تتحول الرؤية الاستراتيجية إلى أمنيات وأحلام تدغدغ العواطف، لكن ليس هناك أي مساع للسير على الطريق الموصل إليها.. العمل التكتيكي يمكن أن يصبح عملا تخريبيا ما لم يكن في إطار استراتيجية جيدة؛ فالموقت يجب أن يخدم الدائم والآجل، ويتصل به على نحو ما».
وهكذا ينقسم الناس بين من تسقطه الظروف والأحوال ولا يستطيع التكيف معها فيترك كل شيء ويفشل في كل شيء، وبين من «يصبر على النار ودخانها» إلى الأبد كما يقول المثل، وذلك التصرف يمكن أن يعوق عن التطوير والتحسين واقتناص الفرص التي تتاح، ولذلك يجب أن يكون الإنسان – بعد التوكل على الله – في حركة دائمة ودائبة، وأن يستثمر معطيات الحياة المحيطة به، وأن يتكيف مع الواقع، وفي الوقت نفسه يسعى إلى تحسينه، ولا بد أن تأتي اللحظة التي تكون فيها فرصة يجب اغتنامها، وهذا هو منهج رباني؛ فقد دعانا ديننا إلى العمل والمحاولة والاجتهاد، ونهانا عن الركون والضعف والاستسلام.
وتبقى الحياة ميدانا للركض والبذل والكفاح، تمضي دقائقها وساعاتها على الجميع، ولكن أن تمضي ساعاتها والإنسان في عمل وعطاء خير من أن تمضي وهو في ركون وخمول.
[email protected]