أسامة يماني

قراءة لخطابات الرئيس ترامب

السبت - 19 نوفمبر 2016

Sat - 19 Nov 2016

لأننا نفتقر في عالمنا العربي لمراكز البحوث (Think Tank)، لذا فإن كثيرا من القرارات في المنطقة تبنى على اجتهادات شخصية أقرب للفعل وردة الفعل. أي إنها تفتقر لاستراتيجية وتصور بعيد وعميق ومتأن.



فكم من قرار هام وخطير اتخذ في عالمنا العربي من فوق منبر هلل له الجمهور، وفي النهاية دفع الوطن والمواطن الثمن.



اليوم نعتمد في عالمنا العربي على ما تنشره الصحف والمجلات الأجنبية ووسائل التواصل من تحاليل وقراءات للأحداث، والتي في أغلبها هي تسريبات أو بالونات اختبار، أو أن تكون قد نشرت بهدف التضليل للمسؤول في عالمنا وتوجيهه للاتجاه المطلوب توجيهه إليه. وهكذا يعيش عالمنا ردة الفعل والخلافات الطائفية والقبلية والمناطقية فتضيع الصورة الكبرى، ويصبح العمل والتنمية مرتبطين بالمنطقة وليس بالمصلحة العامة. وإن أحسن مثال على ذلك نجده في تكدس المنشآت والجامعات والتنمية والبنية التحتية في بعض العواصم العربية، وضياع ذلك كله في باقي مدن الدولة، وكل ذلك مرده القرارات غير المدروسة والمبنية على عناصر بعيدة عن الجدوى الاقتصادية والمصلحة الوطنية.



لذا فإنه يتوجب عند قراءة خطابات الرئيس المنتخب دونالد ترامب أن لا ينظر إليها بشكل ظاهري، أو بنوع من السطحية أو الانفعالية، لأن ذلك سيؤدي إلى فهم خاطئ وسوء تقدير. إن الفهم الصحيح لمغزى خطابات الرئيس المنتخب أثناء حملته الانتخابية ممكن من خلال قراءة ملامح شخصيته وبرنامجه وتوجهاته، بعيدا عن الصورة التي صورته بها وسائل الإعلام الأمريكية. فقد خالف معظم التوقعات والاستطلاعات والتصورات في كل المراحل لهذه الدورة الانتخابية، بخلاف ما تنبأت به الصحف الأمريكية والإعلام الأمريكي والدولي بوجه عام. ولم تنجح محاولة إظهاره بمظهر المجنون أو المتطرف والمتهور وزير للنساء، واتهامه بالعنصرية وغير ذلك، من النجاح ومن تحقيق النصر على خصومه.



وعلى سبيل المثال، فإن خطاب ترامب أمام منظمة إيباك اليهودية يكشف بعضا من فكر الرجل والكلام الذي كان يردده منذ فترة طويلة. وليس بالضرورة أن يعتقد المرء أن كلام الرئيس المنتخب يصب في غير مصالحنا القومية كما يظهر في خطابه، حيث احتوى خطابه على عدة رسائل منها أنه ضد معاملة اليهود كمواطنين من الدرجة الثانية في أمريكا، والرسالة الثانية هي سعيه لإحلال السلام في المنطقة الشرق أوسطية، ومحاربة الكراهية ضد اليهود التي يتعلمها الأطفال في مدارسهم، وأن التعليم الذي يجعل من المقاتلين أبطالا سوف يوجه الأطفال ليكونوا محاربين، في حين أن التعليم الذي يجعل الرياضيين والفنانين والمبدعين أبطالا سوف يحفز الأطفال ليكونوا رياضيين ومبدعين.



وخطابه عن دولة الكويت أو عن السعودية الذي يطلب فيه بأن تدفع الدولة المستفيدة ثمن الخدمة المقدمة لها من الولايات المتحدة لا شك أن ظاهره قد لا يرضي البعض، غير أن هذا الخطاب يدل على رغبة في تكافؤ المصالح، وعلى فكر رجل يميل إلى الانكفاء على الداخل. وأما بخصوص مكافحة الفكر الإرهابي في التعليم والكراهية، فإن ذلك ما ننادي به، وهو ما يجب أن ندعمه سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. فمكافحة الفكر الإرهابي والكراهية مطلب عادل ويجب أن يطبق على الجميع، وبذلك نكون مبادرين ومطالبين بحق يؤمن به الجميع، فالسلام للجميع والعيش لجميع أهل المنطقة.



osamayamani@