الله يعطيك خيرها.. نموذج للتكامل

الاثنين - 14 نوفمبر 2016

Mon - 14 Nov 2016

إن المتابع للحراك المتميز الذي أحدثته المبادرة الوطنية للسياقة الآمنة «الله يعطيك خيرها»، يستطيع القول إن ذلك كان نتاج توفر مقومات عدة في مقدمتها مباركة القيادة ممثلة في تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ لانطلاقتها على المستوى الوطني وتوجيهه – أيده الله – بتعديل شعارها بإضافة اسم الجلالة، هذا إلى جانب طرحها من قبل مؤسسة خيرية رائدة وموثوقة كان لها السبق دائما في التصدي العلمي لقضية الإعاقة.. هي جمعية الأطفال المعوقين.



واكتملت تلك المقومات بتفاعل مميز من جهات حكومية وأهلية وتعليمية وإعلامية عديدة، بدءا بوزارة الداخلية، مرورا بإمارات المناطق ووزارات الصحة والإعلام والتعليم، وصولا إلى كبريات الشركات الوطنية والشخصيات الوطنية.



بمعنى آخر أن تلك المبادرة نجحت في استقطاب اهتمام وتفاعل ودعم كافة قطاعات المجتمع، بل وتميزت بتفوقها في حشد الآلاف من المتطوعين والمتطوعات في عدد من مناطق المملكة، إدراكا من الجميع بأننا أمام ظاهرة كارثية تستنزف الأرواح والأموال والقدرات دون هوادة، وبشكل متنام يتطلب انتفاضة الوعي المجتمعي.



وبانقضاء المرحلة الأولى من المبادرة نستطيع القول إنها كانت ولا تزال نموذجا مثاليا للتجارب الوطنية الناجحة التي توجت بوضع القضية على مائدة متخذ القرار، فصدر عدد من الإجراءات والقوانين التي تغلظ عقوبة المخالفات المرورية والاستهتار في القيادة، بالتوازي مع تكثيف برامج التوعية وتنوع وسائلها بشكل مبتكر، الأمر الذي ساهم في تراجع أرقام الحوادث المرورية بشكل ملموس، وبالتالي انخفاض معدلات الإعاقة والإصابات والوفيات بعد توفيق الله.



وها هي المبادرة تجدد آلياتها بالسعي للوصول إلى نطاق هام وحيوي ورئيسي في المجتمع، ألا وهو قطاع الأسرة، وانطلاقا من أن الأم هي المدرسة التربوية الأولى التي «تنقش» في عقول وذاكرة الأبناء القيم النبيلة والسلوكيات القويمة.



وإذا ما رغبنا في ترسيخ ثقافة مجتمعية عن السلوك الأمثل في التعامل مع العربة، سواء خلال القيادة أو الاستخدام بوجه عام، فعلينا أن نبدأ بالأسرة، وبخاصة الأم الحالية والمستقبلية.



ومن ثم فقد شرعت مبادرة «الله يعطيك خيرها» في تبني برنامج طويل المدى لتفعيل دور القطاع النسائي كشريك في حملات التوعية والتثقيف، نستطيع من خلاله بلورة أطروحات وبرامج توعوية يمكنها المساهمة بشكل رئيس في جعل الأم والأخت والابنة عنصرا هاما في تلك البرامج، فثقافة السلوك في التربية تعد الأسرة أول غراس ثمراتها، خاصة أن الانضباط واحترام حقوق الغير والالتزام بقواعد السلامة أثناء القيادة جميعها لن تكون فاعلة إن لم تنشأ في بيئة تقيم تلك العناصر وتعي جيدا ما هي أخطار عدم مراعاتها، لا قدر الله.