التأني بتنفيذ مشاريع مكة يضمن جودتها.. وحتى يلتقط الأهالي أنفاسهم!

فرحت كما فرح أهالي مكة عند اعتماد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (حفظه الله) مبلغ مئة مليار ريال لتنفيذ مشاريع الخطوط الدائرية الأربعة والطرق الإشعاعية، بالإضافة لمشاريع النقل العام من «مترو» وحافلات ترددية، وفرحنا أكبر لأن تنفيذها سيكون خلال أعوام قليلة قادمة وحتى تنتهي معاناة الأهالي والزوار من كثافة الازدحام وقصور خدمات النقل العام في مكة

فرحت كما فرح أهالي مكة عند اعتماد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (حفظه الله) مبلغ مئة مليار ريال لتنفيذ مشاريع الخطوط الدائرية الأربعة والطرق الإشعاعية، بالإضافة لمشاريع النقل العام من «مترو» وحافلات ترددية، وفرحنا أكبر لأن تنفيذها سيكون خلال أعوام قليلة قادمة وحتى تنتهي معاناة الأهالي والزوار من كثافة الازدحام وقصور خدمات النقل العام في مكة

الأربعاء - 27 أغسطس 2014

Wed - 27 Aug 2014



فرحت كما فرح أهالي مكة عند اعتماد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (حفظه الله) مبلغ مئة مليار ريال لتنفيذ مشاريع الخطوط الدائرية الأربعة والطرق الإشعاعية، بالإضافة لمشاريع النقل العام من «مترو» وحافلات ترددية، وفرحنا أكبر لأن تنفيذها سيكون خلال أعوام قليلة قادمة وحتى تنتهي معاناة الأهالي والزوار من كثافة الازدحام وقصور خدمات النقل العام في مكة.

لكن مع بدء «تسارع» أعمال المشاريع الواحد بعد الآخر، ومع استعجال «مشرط» المهندسين والمخططين بقطع أحياء مكة القديمة والحديثة ومواقعها التاريخية .. ومع النزع الهائل للعقارات وهدم المباني، وبالتالي ما حصل من ارتفاع لقيمة العقارات وإيجارات المساكن، أصبحت أشعر بالقلق كما شعر به الجميع من هذا «التسارع» المتزايد وخطورته على صوابية القرارات التخطيطية المتخذة، وعلى قدرة المنفذين (مهما كانت كفاءتهم) من تقديم جودة تليق بالبلد الحرام.

وتفكرت حينها بأن في مقدور الله عز وجل إيجاد الدنيا كلها حين خلقها بكلمة «كن» فتكون، لكنه مع ذلك اختار أن يخلقها سبحانه وتعالى في ستة أيام!

وقد سن الله بذلك قانونا نفهم منه أهمية «التدرجية» في الأداء، وليصبح هذا القانون من سنن الله الكونية في دنيا «بذل الأسباب والتأثر بالمسببات»، وبذلك يندر أن نرى فعلا طبيعيا يأتي بنفسه مرة واحدة أو بشكل مفاجئ وبدون مقدمات!

وكل مرة أتأمل فيها آية الشروق والغروب مع تكرارها اليومي العجيب أتذكر الآية القرآنية (ألم تر أن الله «يولج» الليل في النهار و»يولج» النهار في الليل...)، وأتدبر كلمة «الإيلاج» هنا ليتبين لي معناها بتداخل المراحل الزمنية في بعضها البعض بتدرجية دقيقة.. وحتى تسمح بالانتقال الطبيعي التدريجي للأمور لا بالأسلوب المفاجئ.

وأتساءل هنا:

ألم يكن بمقدور الله عز وجل بسط بياض النهار فجأة بعد ظلام الليل الحالك، وكذلك العكس بأن يبسط سبحانه وتعالى الظلام فجأة عند المغرب دون تدرجية؟

بلى هو قادر سبحانه وتعالى، لكنه لم يفعل.

ولربنا عز وجل حكمة عظيمة من هذه السنة الكونية في «تدرجية» اختفاء الظلام و»تدرجية» انتشار الضوء، وهي أن يخبرنا من خلالها عز وجل أن لا شيء في الدنيا سيذهب فجأة، ولا شيء أيضا يأتي فجأة، بل إن كل ميلاد أو موت لمخلوق سواء كان إنسانا أو حيوانا أو نباتا.. أو عائلة أو مجتمعا أو دولة أو أمرا أصغر من ذلك أو أكبر، إلا وله مقدمات وإرهاصات تسبق قدومه وانتهاءه.. قد يعلمها البعض وتخفى عن البعض الآخر، لكنها فعلا موجودة!

وكأني أرى - أيضا - التوجيه الإلهي من خلال هذه السنة الكونية يقول لنا:

- لا تستعجلوا أداء شيء تحبونه وأنتم عاملون عليه، لأنه لن يأتي إلا في وقته المناسب.

- ولا تتطلبوا من الله أمرا ليتحقق فجأة دون استكمال متطلباته القبلية، بل تدرجوا في طلبه فهو الخير لكم ..

وبهذه القناعة، وبما قرأته في الحديث الصحيح عن سيدي النبي عليه وآله الصلاة والسلام قوله لأحد الصحابة (إنَّ فيك لخَصلتَين، يحبُّهما اللهُ تعالى: الحِلمُ والأَناةُ)، أصبحت أتمنى صدور قرار بإعادة النظر في تمديد الجدول الزمني لتنفيذ مشاريع مكة المكرمة لمدة زمنية لا تقل عن خمسة عشر عاما لتتم دراسة المشاريع بمزيد من التروي و»الأناة»، وليلتقط الأهالي وزوار البلد الحرام أنفاسهم شيئا فشيئا دون معاناة .. وقد قال المكيون قديما «أكل اللوز يا هوووه حبة حبة».