اتفق العرب ألا يتفقوا
مقولة استشهد بها كثيرون عبر التاريخ، من أشهرهم ابن خلدون وجمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز، وحتى الآن لا نعلم من هو مصدرها الحقيقي، لربما هو بيت الشعر الذي قاله جمال الدين الأفغاني "شر أدواء العرب داء انقسام أهله، يتحدون على الاختلاف، ويختلفون على الاتحاد، فقد اتفقوا ألا يتفقوا"، فلا يهم من القائل طالما الواقع يوافق ما قيل طوال قرون عديدة، ولربما استخدمت هذه العبارة مرة واحدة على الأقل في برامج التواصل الاجتماعي، البعض رجع بِنَا إلى ما قبل ذلك بكثير إلى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفجر الإسلام وهذا الصراع قائم ولا يهدأ أو يموت
مقولة استشهد بها كثيرون عبر التاريخ، من أشهرهم ابن خلدون وجمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز، وحتى الآن لا نعلم من هو مصدرها الحقيقي، لربما هو بيت الشعر الذي قاله جمال الدين الأفغاني "شر أدواء العرب داء انقسام أهله، يتحدون على الاختلاف، ويختلفون على الاتحاد، فقد اتفقوا ألا يتفقوا"، فلا يهم من القائل طالما الواقع يوافق ما قيل طوال قرون عديدة، ولربما استخدمت هذه العبارة مرة واحدة على الأقل في برامج التواصل الاجتماعي، البعض رجع بِنَا إلى ما قبل ذلك بكثير إلى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفجر الإسلام وهذا الصراع قائم ولا يهدأ أو يموت
السبت - 07 فبراير 2015
Sat - 07 Feb 2015
مقولة استشهد بها كثيرون عبر التاريخ، من أشهرهم ابن خلدون وجمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز، وحتى الآن لا نعلم من هو مصدرها الحقيقي، لربما هو بيت الشعر الذي قاله جمال الدين الأفغاني "شر أدواء العرب داء انقسام أهله، يتحدون على الاختلاف، ويختلفون على الاتحاد، فقد اتفقوا ألا يتفقوا"، فلا يهم من القائل طالما الواقع يوافق ما قيل طوال قرون عديدة، ولربما استخدمت هذه العبارة مرة واحدة على الأقل في برامج التواصل الاجتماعي، البعض رجع بِنَا إلى ما قبل ذلك بكثير إلى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفجر الإسلام وهذا الصراع قائم ولا يهدأ أو يموت.
الكاتب عبده خال قال لنا في حديثه لـ"مكة" كل ما يشاع علينا العودة للخلف لمعرفة منبع انطلاق المقولات الثابتة، ومسألة عدم اتفاق العرب استندت للحديث لا أعرف مدى صحته، إلا أنه شكل وعاء لمقولة عدم اتفاقهم وفي الحديث، روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من ربه ثلاث خصال فأجابه في اثنتين ولم يجبه في الثالثة "ألا يلبسنا شيعا"، وهي الخاصة بوقوع الفتنة والشقاق والاختلاف بين المسلمين أنفسهم، وهذا الحديث رسخ ترسيخا جوهريا وصعد فكرة أن العرب لا يتفقون أبدا، بينما كان الخطاب أكثر اتساعا وهو في الدائرة الكبرى (الإسلام)، وثمة حديث آخر رسخ بقاء العصبية في كثير من الحمولات الثقافية تم حملها عبر الزمن راية بلا سارية ومن غير دراية بفحوى الحديث وظرفيته، فإذا ما أردت أن تجد لها مبررات وأسباب لوجودها وانتشارها فإنها في الأساس خرجت من منطلق ديني مغلوط.
ومن الحرب العالمية الثانية واستقلال الدول العربية مجزأة غدا لكل دولة انتماء مستقل عن الأخرى، ومن هنا أصبحت مصالح كل دولة تتعارض مع مصالح الدولة الأخرى، وهذا هو السبب الأول للاختلاف الجوهري الذي كان بين العرب، إذ غدا مفهوم الوطن هو "القُطر" ولا يعني الأمة، أي إنه محدد في مساحة جغرافية لها سيادتها ونظامها المستقل عن الأمة الكبرى التي ينتمي الجميع لها.
ومع أن الجغرافيا جمعتهم، إلا أن السياسة والمصالح فرقتهم، وكان من الأولى أن تقودهم الثقافة وليس السياسة، فالسياسة استجلبت الفرقة واستدعت موروثها واستخدم السياسي ثقافة الاستقطاب والمماثلة والمشابهة، ففشل السياسي والثقافي في الوحدة، ما جعل الثقافة تمجد حالة الفرقة بجعل بطولة الزير سالم أنموذجا، فعاد العربي إلى ثقافته الأم في أن يغزو هذا ويقتل هذا، أي أنه عاد إلى الجذر الثقافي الأول، والرؤية الإيجابية في كل ذلك هي تصفية الثقافة والموروث من كل شوائب الاختلاف، سواء كانت مذهبية أو طائفية أو عنصرية ونبذ الكراهية، وهي مهمة المثقفين الأحرار ممن لا يستجيبون لتمرير كل المغالطات التاريخية، وتبرئة الدين مما لحقه من ادعاءات، ففكرة الإسلام ومبادئه وقيمه هي أفكار ثقافية بحتة، وإذا ما تسيّدت الثقافة بمفهومها الأخلاقي سيغدو هناك توافق وانجذاب بعكس المفهوم الثقافي السياسي الذي تتحكم به مصالح الدول على حساب مصلحة الأمة العربية في دائرتها الصغرى، والأمة الإسلامية في الدائرة الكبرى".