الشيخ الغامدي في مواجهة العنف!

أكثر من دلالة في العنف الذي يواجهه الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، بعد ظهوره مع زوجته السيدة جواهر الغامدي في برنامج «مع بدرية» التلفزيوني، مدلِّلاً على تبادله مع زوجته القناعة بالرأي الفقهي الذي رآه راجحاً على ما هو سائد – غالباً - في المملكة، في شأن تغطية المرأة وجهها وعزلتها عن الرجال

أكثر من دلالة في العنف الذي يواجهه الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، بعد ظهوره مع زوجته السيدة جواهر الغامدي في برنامج «مع بدرية» التلفزيوني، مدلِّلاً على تبادله مع زوجته القناعة بالرأي الفقهي الذي رآه راجحاً على ما هو سائد – غالباً - في المملكة، في شأن تغطية المرأة وجهها وعزلتها عن الرجال

الأربعاء - 17 ديسمبر 2014

Wed - 17 Dec 2014

أكثر من دلالة في العنف الذي يواجهه الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، بعد ظهوره مع زوجته السيدة جواهر الغامدي في برنامج «مع بدرية» التلفزيوني، مدلِّلاً على تبادله مع زوجته القناعة بالرأي الفقهي الذي رآه راجحاً على ما هو سائد – غالباً - في المملكة، في شأن تغطية المرأة وجهها وعزلتها عن الرجال.
وهو عنف لفظي يَتَداول في مواقع التواصل الاجتماعي لغة معبأة بالشتيمة والانتقاص: تَقْذف العرض، وتتهم النية، وتطعن في المعتَقَد، وتتخذ من ظهور زوجته الفاضلة إلى جواره مصدراً لاستمداد عاطفة الفحولة الاجتماعية ونثرها تباكياً على الغيرة! ولا أستطيع أن أورد من ذلك حرفياً نعوتاً وشتائم بالغة الفحش والأذى.
والأسف يزداد حين يجد المرء أن تصاعد هذا العنف واشتداده يرجع إلى مشاركة بعض الدعاة وطلبة العلم المعروفين، وأنه وصل حد تلقي الشيخ الغامدي تهديدات بالقتل!وأول دلالة لهذا العنف هي ضيق الرأي المذهبي بالاختلاف، وتشدده في الوقوف ضده.
فمن المعلوم أن رأي الشيخ أحمد هو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة، وهو رواية عن الإمام أحمد، رجَّحها كثير من الحنابلة في مصنفاتهم.
فما معنى الهجوم عليه إذن؟! هل من يهاجمه لا يعلم أن هذا هو رأي الجمهور؟! وإذا كانت المسألة خلافية، فأين من يهاجمون الشيخ من قول الإمام أحمد: «لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه».
هكذا يغدو فقه الاختلاف عندهم للمختلف خارج المذهب لا داخله، إلى الدرجة التي توهم أن ما هو خارج المذهب هو خارج الإسلام!وتقودنا هذه الدلالة إلى أخرى ذات صلة بالاختلاف أيضاً: كم نسبة القائلين بوجوب النقاب وبعدم جواز الاختلاط من الفقهاء ومن عامة المسلمين؟! إنهم نسبة لا تكاد تجاوز 10%.
وعلى ذلك فإن باقي أمة المسلمين أي 90% هم مصب ذلك الهجوم وموضوع ما يتضمنه من طعن وقذف، وليس الشيخ أحمد وزوجته لوحدهما.
وهذا يعني أن هذا الهجوم يتضمن وعياً انعزالياً عن المسلمين فضلاً عن العالم.
ولا يخرج عن الدلالتين السابقتين دلالة ثالثة، ناتجة هذه المرة عن المفارقة بين الغاية والوسيلة؛ فالذين يهاجمون الشيخ أحمد يريدون – فيما يبدو - بصنيعهم هذا الدلالة على تدينهم وغيرتهم وتحريهم للأصوب.
لكن هذه الغاية منقوضة لديهم بوسيلتهم إليها؛ فإذا كان الإجماع منعقداً على أن وجوب النقاب على المرأة وعدم اختلاطها بالرجال موضع اختلاف، فإن الإجماع منعقد على حرمة عرض المسلم.
ومعنى ذلك أن الهجوم على الشيخ خارج أي دلالة قويمة دينياً، وخارج أي رغبة في تحري الحقيقة.
وتَحْصُر الدلالات السابقة المهاجمين للشيخ في خانة التشدد.
والتشدد هو وصف الشيخ الألباني - الفقيه السلفي والمحدِّث المعروف - لمن يقول بوجوب النقاب ويرفض رأي من يختلف معه فيه.
ولقد كان التشدد دوماً مصدراً للعنف؛ فليس الجامع بين جماعات التشدد إلا دعوى امتلاك الرأي الديني وفَرْضه على المختلف، ثم البناء على ذلك مقولات النزاع والتفاصل بينهم وبين المسلمين والعالم بأوضح ما تدل عليه أزمة المسلمين في عصرنا.