التاريخ.. دروس مجانية!
الاثنين - 31 أكتوبر 2016
Mon - 31 Oct 2016
بدأ القس مارتن لوثر مشروعه الإصلاحي في ألمانيا ووسط أوروبا متوجها إلى الكنيسة الكاثوليكية (الحوزة المسيحية) في روما بجملة إصلاحات رأت فيها الكنيسة بعض المخاطر على مكتسباتها، فأصدرت حكمها على لوثر بالهرطقة، تمهيدا لمحاكمته ومن ثم قتله، ولا يهمنا ما حصل بعد ذلك من أحداث، ولكن يهمنا ما انتهت إليه الأمور (فكريا) بطريقة لا تقل درامية عن الحروب والاغتيالات والحرائق التي ضربت أوروبا، فالذي حصل هو زيادة أتباع لوثر، مما يعني عدم نجاح دعاية التشويه التي أطلقتها الكنيسة ضد الرجل وأتباعه، في الوقت الذي كان فيه رجل الكنيسة يقول الكلمة فيدين لها كل شيء في أوروبا حتى الأباطرة!
بالتأمل في العناصر التي أنجحت الحراك اللوثري (البروتستانتي) سنجد أن أهم عنصر اتكأت عليه تلك الحركة هو عنصر اللاعقلانية عند الطرف الآخر/ الكاثوليكية، حيث الكثير من المآخذ التي أثارها لوثر في وجه الكنيسة، إلا أن ما حصل هو ذلك الانشقاق الكبير الذي قسم المسيحية إلى نصفين بدءا من القرن السادس عشر إلى يومنا هذا، فضلا عن المعارك الطاحنة بين الفريقين والتي استمرت مئة عام سفكت خلالها دماء الملايين، وهدمت المدن، وتقسمت البلدان الأوروبية إلى دويلات. كل ما حصل أنتج في النهاية قناعة ترسخت لدى الفريقين بأن فرض القناعات أمر لا يمكن حصوله، وأن الحل الوحيد هو التعايش وحرية الاختيار.
هل يحتاج الإنسان لكي يدرك الحقائق البسيطة إلى مئة عام من الدروس القاسية حتى يفهم؟
اليوم في واقعنا العربي المعاصر نحن بحاجة إلى استلهام درسين مما جرى في أوروبا إبان الحروب الطائفية:
• درس التعايش، لكي نصل مبكرا إلى الحقائق اليقينية التي وصلت إليها أمم الأرض بالتجربة التاريخية التي قدمتها لنا تلك الأمم على طبق من ذهب، دون الحاجة إلى البدء من نقطة الصفر حتى نفهم تلك الحقائق وندركها في أعماق اليقين!
• درس الإصلاح الديني، أو على الأقل البدء بحملة تصالح مع الواقع، ومن ثم التيقن بأن دعاية التشويه لن تنجح إلا في دوائر ضيقة، وأن العقل الذي شعر بالحاجة إلى الإصلاح سيخرج في كل مرحلة زمنية، فلوثر نفسه لم يكن سوى صدى لـ جون ويكليف، وجون هس الذي أحرق حيا بسبب دعوته الكنيسة لإصلاح عيوبها، ومرحلة سابقة لـ كالفن وزونجلي اللذين أكملا ما بدأه لوثر، وبلهجة تأخذ في التصاعد مع مرور الزمن، مما يعني أن الحاجة التي دعت أحدهم إلى (مخالفة السائد) لن تنتهي بحرق ذلك (المخالف) حيا أو بقتله أو بسجنه أو التضييق عليه.
الأمة الحية هي التي تستوعب التاريخ، وتستفيد بأقصى ما يمكن من دروسه وعبره، كما أن منطق الإصلاح (ولو كان في الدين) فلا يعني أن هناك خللا في الدين، بل إن هناك خللا في فهم بعض أوجه التبديات الدينية ومنطلقات التصورات حولها، وبالتالي فالبدء بعملية تصحيح للكثير من المفاهيم المعاصرة هو إنقاذ للدين نفسه أولا وقبل كل شيء، ثم تصالح مع الواقع الزمني الذي يلح بمنطقه الصارم طارقا بعنف أذهان جيل جديد يرى ويسمع ثم يقارن ويتساءل.
[email protected]
بالتأمل في العناصر التي أنجحت الحراك اللوثري (البروتستانتي) سنجد أن أهم عنصر اتكأت عليه تلك الحركة هو عنصر اللاعقلانية عند الطرف الآخر/ الكاثوليكية، حيث الكثير من المآخذ التي أثارها لوثر في وجه الكنيسة، إلا أن ما حصل هو ذلك الانشقاق الكبير الذي قسم المسيحية إلى نصفين بدءا من القرن السادس عشر إلى يومنا هذا، فضلا عن المعارك الطاحنة بين الفريقين والتي استمرت مئة عام سفكت خلالها دماء الملايين، وهدمت المدن، وتقسمت البلدان الأوروبية إلى دويلات. كل ما حصل أنتج في النهاية قناعة ترسخت لدى الفريقين بأن فرض القناعات أمر لا يمكن حصوله، وأن الحل الوحيد هو التعايش وحرية الاختيار.
هل يحتاج الإنسان لكي يدرك الحقائق البسيطة إلى مئة عام من الدروس القاسية حتى يفهم؟
اليوم في واقعنا العربي المعاصر نحن بحاجة إلى استلهام درسين مما جرى في أوروبا إبان الحروب الطائفية:
• درس التعايش، لكي نصل مبكرا إلى الحقائق اليقينية التي وصلت إليها أمم الأرض بالتجربة التاريخية التي قدمتها لنا تلك الأمم على طبق من ذهب، دون الحاجة إلى البدء من نقطة الصفر حتى نفهم تلك الحقائق وندركها في أعماق اليقين!
• درس الإصلاح الديني، أو على الأقل البدء بحملة تصالح مع الواقع، ومن ثم التيقن بأن دعاية التشويه لن تنجح إلا في دوائر ضيقة، وأن العقل الذي شعر بالحاجة إلى الإصلاح سيخرج في كل مرحلة زمنية، فلوثر نفسه لم يكن سوى صدى لـ جون ويكليف، وجون هس الذي أحرق حيا بسبب دعوته الكنيسة لإصلاح عيوبها، ومرحلة سابقة لـ كالفن وزونجلي اللذين أكملا ما بدأه لوثر، وبلهجة تأخذ في التصاعد مع مرور الزمن، مما يعني أن الحاجة التي دعت أحدهم إلى (مخالفة السائد) لن تنتهي بحرق ذلك (المخالف) حيا أو بقتله أو بسجنه أو التضييق عليه.
الأمة الحية هي التي تستوعب التاريخ، وتستفيد بأقصى ما يمكن من دروسه وعبره، كما أن منطق الإصلاح (ولو كان في الدين) فلا يعني أن هناك خللا في الدين، بل إن هناك خللا في فهم بعض أوجه التبديات الدينية ومنطلقات التصورات حولها، وبالتالي فالبدء بعملية تصحيح للكثير من المفاهيم المعاصرة هو إنقاذ للدين نفسه أولا وقبل كل شيء، ثم تصالح مع الواقع الزمني الذي يلح بمنطقه الصارم طارقا بعنف أذهان جيل جديد يرى ويسمع ثم يقارن ويتساءل.
[email protected]