السعودية ونادي الكبار
الأربعاء - 25 ديسمبر 2024
Wed - 25 Dec 2024
المُحيط ملتهب. والنار اشتعلت حتى سابع سماء. وهذا انقلب على ذاك، وذاك تموضع مقابل هذا. الكل باع الكل. وخيوط العنكبوت تشابكت، والأنظار شاحبة، والرعب منتشر في كل مكان، والثعابين حاضرة، والمواطنة ورقة خاسرة في بعض الاتجاهات. والتخوين أسهل ما يمكن أن يكون في أجزاء من المنطقة.
والقصص هناك مرهقة، نصف الوجوه ذهبت إلى الجحيم، والنصف الآخر يستعد للسلم الكهربائي السريع لجهنم. هي تريد حقها. العروش جاهزة في زمهرير، يجب أن يجلس عليها من يستحقها.
وحقوق الإنسان كذبة، وأفكار الغرب كذبة، وإنسانية الغرب كذبة، وبعض من طغاة العرب كذلك، مخادعون وكاذبون. البشر آخر اهتماماتهم. صراخهم عالٍ، لأنهم يقتاتون على ذلك.
كل تلك الحقائق السوداوية السابقة تخولني القول إن الخط السياسي السعودي في الاتجاه التاريخي الصحيح، كيف؟ لأن المملكة لم تكن يوما مشكلة أو جزءا منها في ملفات المنطقة، بل رأس حربة الحلول، حتى مع من أعلن العداء لها، سلكت طريق التسامي والحكمة والرجاحة.
سأتناول اليوم التعاطي السعودي مع الملف السوري، وهذا يتطلب العودة بالتاريخ بعض الشيء إلى الوراء. فحين اندلعت الأزمة السورية عام 2011؛ أسدت المملكة نصحا للفار بشار الأسد، بل ومنحته بعض الإعانات. صم الرجال آذانه واختار الحل بالحديد والنار.
صحيح أن سوريا التي عاشت تحت وطأة قانون الطوارئ لأكثر من 48 عاما، ذات خصوصية في تركيبتها الديمغرافية، ما يستدعي التعامل معها بطريقة خاصة.
وصحيح أن دمشق نزعت رداءها العربي في لحظات تاريخية معينة. إنما في واقعها حسب القناعات السعودية، عمق عربي لا يمكن أن يتم النظر إليه مختطفا في وضح النهار.
وعلى هذا الأساس كان الموقف السعودي ثابتا حتى هذا اليوم، فقد أولت الشعب السوري اهتماما أكبر من الأشخاص. لأن سوريا أكبر من الأسد وجنرالات نظامه السفاحين.
وللتاريخ يجب النظر لمحاولات الرياض تجنيب سوريا المستنقع الذي وقعت به. كانت أساسيات السياسة السعودية تجاه دمشق تتلخص، بضرورة أن ينعم الشعب السوري بالأمن والاستقرار، وأن تتمتع البلاد بكامل السيادة، دون وجود أثر للميليشيات المتطرفة أيا تكن سنية أو شيعية.
وللتاريخ أيضا بالضرورة تتبع مواقف بلادي بوجه العالم بأسره، والذي اكتفى بتقديم الإعانات للشعب المكلوم، كشكل من أشكال "تسمين الضحية"، بعد أن واجهه جيشه ودولته بالبراميل المتفجرة قرابة ربع قرن.
وعلى ذكر هذا المحور، يجب استذكار موقف الراحل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، حين قال يوما "من يرد أن يكون قوة عظمى فعليه تجميع عناصر القوة لمشروعه"، كناية عن تقاعس المجتمع الدولي تجاه الأزمة السورية. وفي هذا القول مرتفع السقف، مواجهة للأرض ومن عليها، تحملت المملكة تبعاته السياسية، دفاعا عن الشعب السوري.
وذلك ليس بفضل أو منّة، بل واجب الأخلاقي. إنه ديدن سعودي خالص في الأصل والمنشأ. فلم تكن يوما قضايا العرب حبيسة الأدراج، ولم يتم البحث عن مكتسبات أو موطئ قدم مقابل تلك المواقف.
قد يقول قائل؛ إن بلادك فتحت الأبواب لبشار الأسد، ومدت له يد السلام وهو في الأصل منبوذ لقتله مئات الآلاف من السوريين، وتشريد الملايين. جوابي: غير صحيح، لماذا؟ أولا: فقد حاولت كسر عزلة سوريا عن العالم، لأنها غير مؤدية لأي حل. ما الدليل؟ حديث لوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، حول أن الحوار مع دمشق قد يؤدي على الأقل لمعالجة المشاكل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين. بمعنى أن الهدف كان الشعب السوري وليس النظام.
ثانيا: حضور بشار الأسد للمملكة، كان في إطار المشاركة في قمم، ناتجة عن إعادة المقعد السوري في الجامعة العربية. وهذا يقطع الطريق أمام المغالطات التي يحاول البعض تمريرها، بأن عودته للمشهد السياسي من جديد كان عبر البوابة السعودية.
قد يتساءل آخر، ألم تتحدث السعودية معه - أي الأسد - في القضية السورية خلال تلك الزيارات؟ صحيح، وهذا طبيعي. وكان على رأس النقاشات ضرورة إجراء إصلاحات تؤدي لتحقيق مصالحة عامة، وإعادة السوريين من الخارج مع ضمان حياة كريمة لهم، بالإضافة إلى مكافحة المخدرات، لكن الرجل لم يحرك ساكنا ومضى في سياسته المتعجرفة.
خلاصة القول؛ الأهم من الأسد ونظامه، أجزم أن هذا الوطن العظيم ينظر بعين الإكبار والتقدير لا الشفقة، لجيل كامل ولد وترعرع من السوريين على أرضه الطاهرة، ولم يعاملهم كلاجئين، بل مقيمين في وطنهم الأول.
وذلك دلالة على الإنسانية السعودية التي راعت ألا تشعرهم بالغربة، بدفعهم للانخراط بالمجتمع؛ وتوفير حياة كريمة، من تعليم وعلاج بالمجان، وأحقية ممارسة العمل، أسوة بأي مواطن سعودي، بينما هناك دول صدعت رؤوسنا بحقوق الإنسان، تاجرت بالسوريين، من أجل الحصول على أكبر قدر من الإعانات.
إن صانع القرار السعودي لم ولن يقبل رؤية أبناء سوريا تحت تأثير العاصفة أو الزوابع الأسدية أو الميليشياوية المتطرفة. والعبرة بالخواتيم، فقد استمات النظام لتركيع الشعب. وفي النهاية عاش الهزيمة ولم يعلنها، وبقي الشعب الذي ساندته السعودية.. واستمرت في نادي الكبار.
تعظيم سلام.
والقصص هناك مرهقة، نصف الوجوه ذهبت إلى الجحيم، والنصف الآخر يستعد للسلم الكهربائي السريع لجهنم. هي تريد حقها. العروش جاهزة في زمهرير، يجب أن يجلس عليها من يستحقها.
وحقوق الإنسان كذبة، وأفكار الغرب كذبة، وإنسانية الغرب كذبة، وبعض من طغاة العرب كذلك، مخادعون وكاذبون. البشر آخر اهتماماتهم. صراخهم عالٍ، لأنهم يقتاتون على ذلك.
كل تلك الحقائق السوداوية السابقة تخولني القول إن الخط السياسي السعودي في الاتجاه التاريخي الصحيح، كيف؟ لأن المملكة لم تكن يوما مشكلة أو جزءا منها في ملفات المنطقة، بل رأس حربة الحلول، حتى مع من أعلن العداء لها، سلكت طريق التسامي والحكمة والرجاحة.
سأتناول اليوم التعاطي السعودي مع الملف السوري، وهذا يتطلب العودة بالتاريخ بعض الشيء إلى الوراء. فحين اندلعت الأزمة السورية عام 2011؛ أسدت المملكة نصحا للفار بشار الأسد، بل ومنحته بعض الإعانات. صم الرجال آذانه واختار الحل بالحديد والنار.
صحيح أن سوريا التي عاشت تحت وطأة قانون الطوارئ لأكثر من 48 عاما، ذات خصوصية في تركيبتها الديمغرافية، ما يستدعي التعامل معها بطريقة خاصة.
وصحيح أن دمشق نزعت رداءها العربي في لحظات تاريخية معينة. إنما في واقعها حسب القناعات السعودية، عمق عربي لا يمكن أن يتم النظر إليه مختطفا في وضح النهار.
وعلى هذا الأساس كان الموقف السعودي ثابتا حتى هذا اليوم، فقد أولت الشعب السوري اهتماما أكبر من الأشخاص. لأن سوريا أكبر من الأسد وجنرالات نظامه السفاحين.
وللتاريخ يجب النظر لمحاولات الرياض تجنيب سوريا المستنقع الذي وقعت به. كانت أساسيات السياسة السعودية تجاه دمشق تتلخص، بضرورة أن ينعم الشعب السوري بالأمن والاستقرار، وأن تتمتع البلاد بكامل السيادة، دون وجود أثر للميليشيات المتطرفة أيا تكن سنية أو شيعية.
وللتاريخ أيضا بالضرورة تتبع مواقف بلادي بوجه العالم بأسره، والذي اكتفى بتقديم الإعانات للشعب المكلوم، كشكل من أشكال "تسمين الضحية"، بعد أن واجهه جيشه ودولته بالبراميل المتفجرة قرابة ربع قرن.
وعلى ذكر هذا المحور، يجب استذكار موقف الراحل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، حين قال يوما "من يرد أن يكون قوة عظمى فعليه تجميع عناصر القوة لمشروعه"، كناية عن تقاعس المجتمع الدولي تجاه الأزمة السورية. وفي هذا القول مرتفع السقف، مواجهة للأرض ومن عليها، تحملت المملكة تبعاته السياسية، دفاعا عن الشعب السوري.
وذلك ليس بفضل أو منّة، بل واجب الأخلاقي. إنه ديدن سعودي خالص في الأصل والمنشأ. فلم تكن يوما قضايا العرب حبيسة الأدراج، ولم يتم البحث عن مكتسبات أو موطئ قدم مقابل تلك المواقف.
قد يقول قائل؛ إن بلادك فتحت الأبواب لبشار الأسد، ومدت له يد السلام وهو في الأصل منبوذ لقتله مئات الآلاف من السوريين، وتشريد الملايين. جوابي: غير صحيح، لماذا؟ أولا: فقد حاولت كسر عزلة سوريا عن العالم، لأنها غير مؤدية لأي حل. ما الدليل؟ حديث لوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، حول أن الحوار مع دمشق قد يؤدي على الأقل لمعالجة المشاكل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين. بمعنى أن الهدف كان الشعب السوري وليس النظام.
ثانيا: حضور بشار الأسد للمملكة، كان في إطار المشاركة في قمم، ناتجة عن إعادة المقعد السوري في الجامعة العربية. وهذا يقطع الطريق أمام المغالطات التي يحاول البعض تمريرها، بأن عودته للمشهد السياسي من جديد كان عبر البوابة السعودية.
قد يتساءل آخر، ألم تتحدث السعودية معه - أي الأسد - في القضية السورية خلال تلك الزيارات؟ صحيح، وهذا طبيعي. وكان على رأس النقاشات ضرورة إجراء إصلاحات تؤدي لتحقيق مصالحة عامة، وإعادة السوريين من الخارج مع ضمان حياة كريمة لهم، بالإضافة إلى مكافحة المخدرات، لكن الرجل لم يحرك ساكنا ومضى في سياسته المتعجرفة.
خلاصة القول؛ الأهم من الأسد ونظامه، أجزم أن هذا الوطن العظيم ينظر بعين الإكبار والتقدير لا الشفقة، لجيل كامل ولد وترعرع من السوريين على أرضه الطاهرة، ولم يعاملهم كلاجئين، بل مقيمين في وطنهم الأول.
وذلك دلالة على الإنسانية السعودية التي راعت ألا تشعرهم بالغربة، بدفعهم للانخراط بالمجتمع؛ وتوفير حياة كريمة، من تعليم وعلاج بالمجان، وأحقية ممارسة العمل، أسوة بأي مواطن سعودي، بينما هناك دول صدعت رؤوسنا بحقوق الإنسان، تاجرت بالسوريين، من أجل الحصول على أكبر قدر من الإعانات.
إن صانع القرار السعودي لم ولن يقبل رؤية أبناء سوريا تحت تأثير العاصفة أو الزوابع الأسدية أو الميليشياوية المتطرفة. والعبرة بالخواتيم، فقد استمات النظام لتركيع الشعب. وفي النهاية عاش الهزيمة ولم يعلنها، وبقي الشعب الذي ساندته السعودية.. واستمرت في نادي الكبار.
تعظيم سلام.