مُعرف بلا تعريف

عندما يضع الطبيب يده على المشرط مُعلناً بدء الجراحة فهذا يعني أنه اتخذ قرار تخليص روح من أنين الوجع، وهذا هو أيضاً حال الكاتب عندما يضع يده على قلمه معلنا اصطفاف أحرفه في سبيل تلخيص الحدث بوقائعه وقرائنه لتصبح تلك الصرخات البكماء مقروءة إعلانا عن وجوب العلاج، هذا الكاتب هو طبيب لكن بدون معطف، هو قاض لكن بدون مطرقة، هو أستاذ لكن بدون تلاميذ، هو مواطن جعل من القضايا بأنواعها وتصنيفها وإن لم يستطع معها صبرا همه ومهمته في سبيل خدمة الإنسان والارتقاء بإنسانيته، وإن كان دوره مقصوراً على نقل الوقائع وقرائنها، ولكن ما إن يصبح غرضه تجاريا حتى تبيت أحرفه بدون هدف وبدون هوية وتتخبط في سيرها ما بين الإنسان وقضيته والغاية المادية

عندما يضع الطبيب يده على المشرط مُعلناً بدء الجراحة فهذا يعني أنه اتخذ قرار تخليص روح من أنين الوجع، وهذا هو أيضاً حال الكاتب عندما يضع يده على قلمه معلنا اصطفاف أحرفه في سبيل تلخيص الحدث بوقائعه وقرائنه لتصبح تلك الصرخات البكماء مقروءة إعلانا عن وجوب العلاج، هذا الكاتب هو طبيب لكن بدون معطف، هو قاض لكن بدون مطرقة، هو أستاذ لكن بدون تلاميذ، هو مواطن جعل من القضايا بأنواعها وتصنيفها وإن لم يستطع معها صبرا همه ومهمته في سبيل خدمة الإنسان والارتقاء بإنسانيته، وإن كان دوره مقصوراً على نقل الوقائع وقرائنها، ولكن ما إن يصبح غرضه تجاريا حتى تبيت أحرفه بدون هدف وبدون هوية وتتخبط في سيرها ما بين الإنسان وقضيته والغاية المادية

الأربعاء - 16 يوليو 2014

Wed - 16 Jul 2014



عندما يضع الطبيب يده على المشرط مُعلناً بدء الجراحة فهذا يعني أنه اتخذ قرار تخليص روح من أنين الوجع، وهذا هو أيضاً حال الكاتب عندما يضع يده على قلمه معلنا اصطفاف أحرفه في سبيل تلخيص الحدث بوقائعه وقرائنه لتصبح تلك الصرخات البكماء مقروءة إعلانا عن وجوب العلاج، هذا الكاتب هو طبيب لكن بدون معطف، هو قاض لكن بدون مطرقة، هو أستاذ لكن بدون تلاميذ، هو مواطن جعل من القضايا بأنواعها وتصنيفها وإن لم يستطع معها صبرا همه ومهمته في سبيل خدمة الإنسان والارتقاء بإنسانيته، وإن كان دوره مقصوراً على نقل الوقائع وقرائنها، ولكن ما إن يصبح غرضه تجاريا حتى تبيت أحرفه بدون هدف وبدون هوية وتتخبط في سيرها ما بين الإنسان وقضيته والغاية المادية.

«بدون» التي وردت كثيراً أعلاه، هي كلمة رباعية الأحرف عندما يتم تقديمها على أي مُفردة أخرى في ترتيب الكلم فإنها تحمل معنى التجرد والنفي لتجلب صفاً حرفياً مُتعاطفاً مع ما ورد بعدها، ولكن طينها يزدادُ بللاً عندما تتفرد وتضاف لها «أل» التعريف لتصف إحدى أهم القضايا الإنسانية لأفراد لا يحملون هويات وطنية مُختصر حالهم «وطنيون بدون وطن» ومُختصر هتافاتِهم «يا وطن نحن الوطنية « ويصبح فيه الخصام وهو الخصم والحكم.

لا يخفى على أحد منا الدور البارز والحيوي الذي تمثله الهوية الوطنية لحاملها في مختلف الأوضاع ومقدار الضياع والتيه الذي يشعر به فاقدها، فما بالنا بمن يستحقها وهو منها محروم لأسباب واهية من لجان بالغت في التقصير والحجج لتتحول به أوضاع هؤلاء الوطنيين بلا مواطنة رغم امتدادهم العميق بجذوره للأرض قبل رسم خرائطها الجغرافية بحدود سياسية من مأساوية إلى مُزرية، ليقودهم ذلك إلى الحسرة والندامة على جلباب وطني رماهم برصاص اللوائح والأنظمة العاجزة عن الحل واستحداث البنود مع عدم قدرتهم على إنجابها من رحم الاعتماد عبر سين سلطوية تشد أزرهم وتيسر أمرهم لتدمي أقدام المُعرف بحثاً عن تعريف ينتشله من براثن الوجع ومتاجرة المنتفعين من جلباب القضية.

الإعلام بمختلف تقسيماته المقروءة والمسموعة والمرئية مجتمعة في وعاء واحد أو متفرقة في قولبة الحدث وصياغته، همش هذه القضية ولم يسلط عليها الضوء لانشغاله بنقل النزيف والتمزق والمجون، عوضاً عن طرح العوامل المُعينة على الوحدة والتقدم لتتحول بذلك السلطة الحرة الى دمُية ترتشف كأس الدم أو تترنم على المزمار، وهذا ما جعل الوعي العام يضيق ذرعاً من التعتيم المُبركِن للقضايا الإنسانية لينطلق بحروفه الدامية الباكية الشاكية الكاشفة لإيماءات الظلمة ومظلوميها وبغي المحسوبيات واستحواذ أصحاب الواو والعلاقات الهرمية عبر الشباك العنكبوتية، لتتحول به تلك الشباك لمنابر ضخمه تقولب وتطرح وتناقش بشفافية مُعلنة للحقائق ليصبح دور ما سواها محصوراً على الولولة والنحيب والتطبيل المؤكد لكل أحاديث العدو وأباطيله التنظيرية بانعدام فكرنا واضمحلال وعينا، جالبين بذلك الدم على قميص النبوءة بوفاتنا المزعومة.