أزمة المناخ وقعت بالفعل.. لكن يتم تجاهلها

الأربعاء - 19 أكتوبر 2016

Wed - 19 Oct 2016

ليس عليك أن تخاف من كل شيء، إنما عليك أن تكون حذرا من كل شيء. هذا يمكن أن يكون مدخل التعرف على اتهام صحيفة الجارديان عبر كاتبها جورج «مونبيوت» وسائل الإعلام بتجاهل أعظم خطر يواجه الإنسانية حاليا، وبأنه يتم إيراد هذا الخطر أحيانا بطريقة عابرة وسريعة دون اهتمام.



وقالت: إن هذا التجاهل يحدث من قبل السياسيين ورجال الأعمال الذين يقودون كوكب الأرض إلى الفناء.

طالما كان الاحتباس الحراري والتغير المناخي مشكلة أثارت الجدل حول العالم، ووجهت أصابع الاتهام إلى جهات عدة في التسبب بها.

فقد عقد عدد من الاجتماعات الدولية لمناقشة الأسباب ووضع حلول عاجلة لهذه المعضلة، التي قد تقضي على الجنس البشري، ولكن ذهبت كل الجهود أدراج الرياح.

يؤكد خبراء الطقس أن العام الحالي هو أكثر الأعوام ارتفاعا في حرارة الطقس على الإطلاق، وأن الشهور الـ 14 الأخيرة كسرت الأرقام القياسية في ارتفاع درجات الحرارة، رغم أن هناك من ادعى كذبا أن الاحتباس الحراري قد جرت السيطرة عليه في عام 1998.



مساحة الثلوج في القطب المتجمد الشمالي انحسرت الشتاء الماضي أكثر من أي وقت مضى، وقد ضربت الكوارث أرجاء العالم نتيجة الاحتباس الحراري، وتفشت الجمرة الخبيثة بين الناس والحيوانات في سيبيريا بسبب عدم دفن الجثث التي أصيبت بالوباء نفسه في عام 1914، وغرقت الهند وشرق أفريقيا في الجفاف والجوع بسبب فساد التربة الذي يسببه ارتفاع الحرارة الشديد.



تدعي وسائل الإعلام أن ظاهرة تعرف باسم «إل نينيو» هي السبب في الاحتباس الحراري والذوبان الجليدي، لكن الإحصاءات تشير إلى أن هذه الظاهرة لا تمثل إلا خمس الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الحرارة.

ومع ذلك ما زال التدهور متواصلا والتحركات في هذا الاتجاه ليست إلا للدعاية الانتخابية، فقد وعدت المرشحة للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، هيلاري كلينتون، بأنها ستعمل بجدية لحشد العالم لحل المشكلة «على مستوى لم نشهده من الحرب العالمية الثانية»، وأنها ستعمل على تحول أمريكا إلى استخدام الطاقة النظيفة بشكل كامل بحلول عام 2050.



في حين عقد مؤتمر في باريس لمناقشة القضية وخرج بتوصيات لمحاولة كبح جماح ارتفاع الحرارة، إلا أن ارتفاع الحرارة زاد أكثر مما كان متوقعا.

وهذا الأمر استغله دونالد ترامب المرشح الرئاسي المثير للجدل، فقد أتى بتفسير عجيب للظاهرة، يقول ترامب «إن التغير المناخي ما هو إلا خدعة من جانب الصينيين لضرب تنافسية الشركات الأمريكية»، ويدعي أن الفحم مصدر نظيف وغير مكلف للطاقة.



وتعهد بألا يلتزم بمقررات اتفاقية باريس، وبأن يوقف تمويل جهود الأمم المتحدة للحد من المشكلة، وعلى الرغم من زعمه بأنه نصير للمواطن البسيط، ويعادي الشركات الرأسمالية المتوحشة، إلا أنه بخطابه هذا تحقق الرأسمالية انتصارا كاسحا.



وتؤكد الجارديان أن وسائل الإعلام تكتفي بالإشارة على استحياء إلى الأزمة التي تهدد البشرية، وأن هناك نوعا من التحيز يطغى على تغطية الإعلام للمشكلة، وأنه لا يوجد من يحاسب المسؤولين عن عدم تنفيذهم وعودهم فيما يتعلق بالقيام بواجباتهم تجاه الأزمة، مثل ديفيد كاميرون. أما خليفته، تيريزا ماي، فقد اختارت وزيرا جديدا للتغير المناخي يعي أبعاد المشكلة.

الجديد الآن أن وسائل الإعلام أصبحت طرفا في هذه الأزمة، والتظاهر بحياديتها أمر بعيد عن الواقع، فعلى سبيل المثال، تلقت صحف ومجلات أمريكية عدة أموالا من مؤسسات بترولية مقابل استضافة سلسلة من اللقاءات الحوارية، حيث تحدث فيها علماء ينكرون وجود المشكلة، فعلى ما يبدو أن للمال سطوة في هذا الشأن.

إذا فشل العالم في وضع حد للمشكلة، فإن من سيتحمل المسؤولية ليس الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، وإنما الغطاء الاجتماعي الذي يمنحها رخصة للعمل.

الأكثر قراءة