الأرجنتين أكثر من مجرد كرة قدم

بل هي أكثر من ذلك بكثير..وباختصار، إذا أردت تجربة رحلة سفر غنية بلذة اكتشاف عالم جديد وبعيد، فضع الأرجنتين على قائمة وجهات سفرك المفضلة.

بل هي أكثر من ذلك بكثير..وباختصار، إذا أردت تجربة رحلة سفر غنية بلذة اكتشاف عالم جديد وبعيد، فضع الأرجنتين على قائمة وجهات سفرك المفضلة.

السبت - 14 يونيو 2014

Sat - 14 Jun 2014



بل هي أكثر من ذلك بكثير..وباختصار، إذا أردت تجربة رحلة سفر غنية بلذة اكتشاف عالم جديد وبعيد، فضع الأرجنتين على قائمة وجهات سفرك المفضلة. من المستحيل تلخيص بلاد الفضة (أرجنتينا) في رحلة لم تتجاوز 9 ليال وعشرة أيام، لكنها كافية لاكتشاف بعض مكامن فتنتها وسحر خيارات سياحية تمنحك شعورا جديدا كل يوم. السفر من الرياض إلى الأرجنتين قطعة من العذاب مع 24 ساعة طيران على الأقل، لكن وكما يقال دوما لا حلاوة بلا نار. يكفي أن يكون في استقبالك بواكير شتاء لطيف ينسيك حتما حرارة الصيف العربي اللاهب.



بيونس آيرس



العاصمة اتخذت اسمها من النسيم العليل و"الرياح الطيّبة"، وتعرف بأنها باريس أمريكا اللاتينية. الحقيقة أن هذا الوصف ضيّق على هذه المدينة التي وضعت لبناتها الأولى على النمط العمراني الإسباني في 1880.

فهي تلخصّ وبجدارة أكثر من مدينة عالمية، بكل معالمها وفنونها العمرانية وثقافاتها المتباينة بفضل تمازج عرقها اللاتيني واختلاطه بأصول وثقافات المهاجرين القدماء من معظم بلدان القارة الأوروبية. تتكئ بيونس آيرس في جمال ظاهرعلى أعتاب نهر الفضّة (ريو دي لابلاتا)، وهو أعرض نهر في الأرض (220كلم). وهو نهر كاف لكل الأنشطة البحرية التجارية والعسكرية والترفيهية للمدينة.

وتقول لورينا فالي "مرشدة سياحية": إن خمس المياه العذبة في العالم موجود في بلاد جبال الإنديز، فالمياه تجري بوفرة في كل سهولها الواسعة.

وإن أخصب أرض وتربة في العالم توجد في الأرجنتين. ومن المعروف عالميا أن الأرجنتين تشتهر بألذ اللحوم الحمراء في العالم. كما أن قوائم الطعام هنا متنوعة ولذيذة وسخية جدا وبسعر مقبول.



الليل والنهار



في الثلث الأخير من شهر مايو الماضي، كان فصل الخريف برياحه الخفيفة يلملم بقايا أوراق الشجر المتساقط بلونها الكموني الأخاذ، استعدادا لخروج الأهالي لقضاء أمسيات هانئة، وللجميع مكان يليق بهم ويضمن لهم السعادة في جو آمن.

الأرجنتينيون يفضلون الخروج كل ليلة على البقاء في منازلهم.

المقاهي والمطاعم ترحب بالجميع دوما على وقع الموسيقى ووشوشات المحبين في أحاديث الأمسيات الهادئة.

المسارح وقاعات السينما وأندية الليل وفيرة هنا، كما أن الحدائق المضاءة تفتح ذراعيها لذوي الدخل المحدود ليلا ونهارا.

مع شروق شمس الصباح وطوال ساعات النهار تتفتح على نواصي الطرقات أكشاك بيع الورد والزهور والنباتات الجميلة، وأخرى للصحف والمجلات والكتب، وثالثة للهدايا والتذكارات الصغيرة أمام المقاهي ومطاعم الإفطار المشرعة الطاولات والكراسي في الهواء الطلق.

لن تعدم خيارا متاحا للقيام بجولات سياحية على المتاحف والأسواق المتنوعة ومدن الملاهي والرحلات البحرية وجولات اكتشاف المدينة بالحافلات المكشوفة.

وستجد نفسك تزاحم سير أناس ودودين فوق الأرصفة ومقاعد النقل العام المختلفة وهم يبادرونك بكلمة بوندياس (صباح الخير).



عالم مجنون



الشعب الأرجنتيني، رغم تدينه (يتبعون الكنيسة الرومانية الكاثوليكية) يبدو متطرفا في اغتنام لحظات لذة العيش. يقف دوما على حافة كلّ شيء.

ويعيش يومه وكأنه اليوم الأخير في حياتهم. ويعرفون كيف يصنعون لحظات تترنح بين العقل والجنون، الحياة والموت، اللذة والعذاب.

يكفيك أن ترى هوسهم الطاغي بالرياضة والموسيقى ورقصة التانجو الشهيرة. الجنون بعالم كرة القدم هنا قصة معروفة. من لا يعرف بلادا أنجبت مارادونا وميسي؟ في بيونس آيرس فقط 24 فريق كرة قدم. أشهرها بوكا جونيور وريفرت بليت بالطبع الذي حاز على بطولة الدوري هذا العام.

في المقابل، يمكن القول إن ثنائية الموسيقى ورقصة التانجو هي روح الأرجنتين في تلخيص بسيط. رقصة حبّ نبتت قديما بين أقدام الفقراء ذوي البشرة السمراء. وهي لم تك قط ترفا للجميع (كما يحدث الآن) بقدر ما كانت سجلا يحكي جانبا من قصة السكان الأوائل مع الجوع والخوف والحرية.

رتم حركاتها السريعة لا يمكن تفسيره بغير رغبة جامحة لعاشقين قررا الهروب (روحيا) من واقعهما البائس.

ربما كان شعارهم يومها أن أرض العبودية المؤلمة يمكنك الرقصّ عليها لتشعر لوهلة بالحرية! يكفي أن تشاهد عرضا مسرحيا غنائيا راقصا لن تنساه ذاكرتك في قاعة تانجو بورتينو على ناصية ميدان 9 مايو الشهير بمسلته المصرية الشاهقة لتعرف ماذا تعني رقصة التانجو في حياة مجتمع الأرجنتين.



كالافاتي أنف العالم



في مدينة كالافاتي الصغيرة، بمقاطعة بتاجونيا الجنوبية (3 ساعات ونصف بالطائرة) يمكنك أن تمارس كل الرياضات الشتوية اعتبارا من شهر يونيو الجاري. هذه المدينة الصغيرة التي لا يسكنها سوى 18 ألف نسمة في الصيف تكاد تكون على حافة الأرض.

تبعد نحو 3 آلاف كلم فقط عن قارة أنتارتيكا القطبية، وبها متحف تفاعلي كبير عن عالم الجليد، وأسواق شعبية وتقليدية، وأكثر من 25 ألف غرفة فندقية لاستقبال سياح الشتاء.

في متنزه (ناشيونال بارك ديكليشرز) ستقف على واحد من أجمل مناظر الطبيعة في قول واحد. كانت السفينة تقترب من جبال الجليد التي تتساقط أطنان من حوافها بدوي هائل وساحر في آن على مياه بحيرة مثلجة. وليس هناك على الأرض هواء نقي ومفعم بالأكسجين كالذي تتنفسه هنا.

في طريق العودة ستتذكر دوما أن الأرجنتين بالفعل أكثر من مجرد كرة قدم!