النقد الدولي: المملكة تواجه العجز بأدوات وقائية قوية

السبت - 15 أكتوبر 2016

Sat - 15 Oct 2016

أكد صندوق النقد الدولي أن لدى السعودية احتياطيات وقائية مالية قوية، ولذلك تستطيع الجمع بين السحب من أصولها المالية والاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل العجوزات.



وقال الصندوق في تقرير أعده 14 خبيرا ونشر على موقعه مساء الخميس الماضي، إن المملكة تدخل فترة من العجز المالي ولديها أدوات وقائية قوية «بخلاف التسعينات».

وقدر الخبراء، الاحتياجات التمويلية التراكمية في الميزانية للفترة 2016 -2021، بنحو 1460 مليار ريـال.



ووضع الصندوق خمسة سيناريوهات تمويل مختلفة للمساعدة في تمويل العجوزات وتقييم الانعكاسات الرئيسية منها. وبحسب السيناريو الأول، تستوعب البنوك المحلية حصة كبيرة من الاقتراض المحلي الحكومي، مما يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على ائتمان وتقييد أوضاع السيولة المحلية.



ويفترض السيناريو الثاني أن تستوعب المؤسسات غير المصرفية المحلية حصة أكبر من الاقتراض المحلي من خلال تقليص أصول أخرى (بما في ذلك الودائع لدى الجهاز المصرفي المحلي).



أما السيناريوهات من 3 إلى 5 فتبحث في سبل الحد من المزاحمة المحتملة للأصول المحلية التي يحتفظ بها كل من البنوك والمؤسسات غير المصرفية. ويتعلق السيناريو الثالث بحالة يتم فيها إصدار كمية كبيرة من السندات الخارجية لمستثمرين غير مقيمين. ويفترض السيناريو الرابع إجراء سحب أكبر من الودائع الحكومية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وبالتالي تقليل الهوامش الوقائية المالية. ويوضح السيناريو الخامس منافع زيادة التعميق المالي، وهو ما ترجم إلى ارتفاع نمو ودائع العملاء في الجهاز المصرفي والائتمان الممنوح للقطاع الخاص.

وأثنى خبراء الصندوق على الجهود الأخيرة لإعادة بناء المنظومة الاقتصادية في البلاد، ودعوا إلى مواصلتها وتعزيزها بتشريعات فاعلة، خاصة فيما يتعلق بسوق الصكوك «حتى تكتسب قبولا أوسع».



وقال هؤلاء إن السعودية تبدأ من «وضع قوي للأصول والخصوم»، خاصة مع ازدياد محفظة الأصول الحكومية على مدى العقد الماضي، مؤكدين أن «لدى الحكومة خبرة واسعة في إدارة محفظة أصولها».



ووضع التقرير، عبارة لولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، على رأس فصل أفرده التقرير عن مسار الخصخصة في السعودية. وحيث قال الأمير محمد إن «لدينا فرص عظيمة لتوفير وظائف في القطاع الخاص»، طمأن تقرير الصندوق بأن احتمال فقدان الوظائف على المدى القصير بسبب الخصخصة، ستقابله تأثيرات كلية إيجابية على التوظيف على المدى الطويل.



تأييد لهدف الرؤية والتحول

وأيد الخبراء هدف توازن الموازنة على النحو الوارد في «رؤية 2030» و«برنامج التحول الوطني»، مشيرين إلى أن تنفيذ هذا المسار على مدى السنوات الخمس القادمة، سيؤدي إلى استقرار نسبة صافي الأصول المالية الحكومية إلى إجمالي الناتج المحلي عند مستوى أعلى من الصفر قليلا والحفاظ على الحيز اللازم للتعامل مع الصدمات المستقبلية وأولويات السياسات.



وأشاروا إلى أنه في حالة تجاوز أسعار النفط المستويات المتوقعة ينبغي ادخار الإيرادات الإضافية، بينما في حالة تراجعها عن المستويات المتوقعة، يتعين تحديد ما إذا كان هذا التراجع موقتا أم دائما، فإن كان موقتا، يؤيد الخبراء مواصلة الإنفاق حسب الخطة المقررة، أما إذا كان دائما، فسيكون من الضروري تنفيذ إجراءات إضافية لتصحيح مسار الإنفاق.



40 مليارا إيرادات ضريبية

واتفق الخبراء على أن إصلاحات الإيرادات يجب أن تكون جزءا أساسيا من التصحيح المالي. وتعتزم الحكومة السعودية فرض ضرائب انتقائية على التبغ والمشروبات السكرية في 2017، وضريبة على القيمة المضافة في يناير 2018، وذلك بمجرد توصل دول مجلس التعاون الخليجي إلى اتفاقية عامة في هذا الشأن، مشيرين إلى أن تطبيق الضريبة في التاريخ المستهدف يستلزم الانتهاء قريبا من صياغة اتفاقية دول المجلس والبدء في الإجراءات الإدارية. وتقدر الإيرادات الناتجة عن الضرائب الانتقائية وضريبة القيمة المضافة بنحو 40 مليار ریال.



واقترحوا أن يكون تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالمعدل الصفري والإعفاءات منها في أضيق الحدود.

وأشاروا إلى أنه يمكن النظر في فرض ضريبة الدخل على الشركات المحلية على الأجل الطويل، لكن ينبغي أن تكون الأولوية في الأجل القصير لنجاح تطبيق الضرائب الانتقائية، والقيمة المضافة، والأراضي البيضاء.



زيادات تدريجية لأسعار الطاقة

ورحب الخبراء بالتزام الحكومة بتطبيق زيادات إضافية على أسعار الطاقة والمياه. ويقدر الخبراء صافي الإيرادات من زيادة الأسعار بعد خصم التعويضات بنحو 5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021.



وأعلنت الحكومة في ديسمبر 2015 عن زيادة أسعار معظم أهم منتجات الطاقة والمياه، ويتوقع أن تحقق الزيادات السعرية لمنتجات الطاقة إيرادات لشركة أرامكو بقيمة 28 مليار ریال خلال عام 2016، مما سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الحكومية.



مزايا وعيوب فك الربط بالدولار

ووفقا لمعايير الصندوق القياسية، تتمتع المملكة بمركز قوي للغاية في وضع الاستثمار الدولي ولديها احتياطيات كافية (32 شهرا من الواردات، و129% من عرض النقود بمعناها الواسع، و700% من مقياس صندوق النقد لكفاية الاحتياطيات في نهاية عام 2015).



وأشار الخبراء إلى أنه لن تكون المزايا المترتبة على إلغاء نظام ربط العملة أكبر من التكلفة المحتملة، فمن شأن خفض قيمة العملة أن يؤدي إلى:



1 زيادة الإيرادات المالية العامة بالريال.

2 دعم التصحيح المالي في حالة عدم ارتفاع المصروفات الاسمية في مواجهة زيادة التضخم.

3 يدعم تطوير قطاع السلع التجارية غير النفطية.

4 يتيح تطبيق سياسة أسعار فائدة أكثر استقلالية.

5 ولكن خفض قيمة العملة قد ينطوي على مخاطر بسبب الركيزة التي طالما أتاحها نظام الربط، وقد يؤدي إلى:

6 زيادة عدم اليقين وما قد يكون لذلك من تداعيات محتملة أوسع نطاقا بالنسبة للمنطقة ككل.

7 سيكون تأثيره الإيجابي على القدرات التنافسية محدودا.



القطاع المصرفي قوي

وبحسب الخبراء لا يزال القطاع المصرفي قويا رغم تأثره بتراجع أسعار النفط. ويرجح ارتفاع مستوى القروض المتعثرة، لكن البنوك في وضع جيد يؤهلها لاستيعاب الخسائر باستخدام مخصصاتها، ويفترض أن تظل نسب رأس المال ثابتة عند مستوياتها الحالية.



وذكروا أن البنوك تتمتع بنسب تغطية سيولة عالية وتستطيع إدارة أي تراجع في حجم الودائع. ويبدو أن البنوك قادرة عموما على استيعاب مزيد من الصدمات السالبة التي قد تؤثر على جودة الأصول والسيولة.



وأعرب الخبراء عن قلقهم بشأن النمو السريع في الائتمان المقدم إلى قطاع التشييد (8% من الائتمان المصرفي). وكان رد مؤسسة النقد العربي السعودي في هذا الشأن أن جزءا كبيرا من هذه الزيادة يرجع إلى سحب شركات التشييد التي تعاني عجزا في السيولة من خطوط الائتمان الحالية انتظارا لصرف المدفوعات الحكومية المتأخرة، ويتوقع تراجع هذه الزيادة مع سداد تلك المدفوعات.