ثقافة العطاء

يبدو أن الحملات المتكررة التي تنفذها الجمعيات الخيرية في العديد من المجمعات التجارية وكليات الطب بالجامعات السعودية لم تفلح في إقناع الناس بأهمية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إذ لا تزال ثقافة التبرع بالأعضاء مغيبة في المجتمع السعودي، ولا تجد تقبلا كبيرا ويعتريها كثير من الصعوبات

يبدو أن الحملات المتكررة التي تنفذها الجمعيات الخيرية في العديد من المجمعات التجارية وكليات الطب بالجامعات السعودية لم تفلح في إقناع الناس بأهمية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إذ لا تزال ثقافة التبرع بالأعضاء مغيبة في المجتمع السعودي، ولا تجد تقبلا كبيرا ويعتريها كثير من الصعوبات

الجمعة - 26 ديسمبر 2014

Fri - 26 Dec 2014



يبدو أن الحملات المتكررة التي تنفذها الجمعيات الخيرية في العديد من المجمعات التجارية وكليات الطب بالجامعات السعودية لم تفلح في إقناع الناس بأهمية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إذ لا تزال ثقافة التبرع بالأعضاء مغيبة في المجتمع السعودي، ولا تجد تقبلا كبيرا ويعتريها كثير من الصعوبات.



سد الحاجة



وتهدف حملات التوعية للتبرع بالأعضاء إلى تثقيف جميع شرائح المجتمع بأهمية التبرع بالأعضاء من الأحياء، وكذلك من المتوفين دماغيا، لمصلحة المرضى الذين يعانون من فشل عضوي سواء كان فشلا قلبيا أو رئويا أو كبديا أو كلويا وغيرها من الأعضاء التي تساعد المرضى وتحولهم من أشخاص عاجزين إلى أعضاء فاعلين في المجتمع.

وأكد الباحث والأكاديمي الدكتور خالد صبا لـ»مكة» أهمية ذلك، لسد حاجة مرضى الفشل العضوي، إضافة إلى نشر ثقافة العمل الخيري التطوعي في مجال تنشيط التبرع بالأعضاء.

وقال الدكتور صبا «من جانبي، لا أمانع أبدا في الحصول على البطاقة من أجل التبرع، فيكفيني الحصول على أجرها، وفي حال توفي أحد من أقاربي فأنا لا أملك قرارا حاسما إلا في حال رغبته هو قبيل الوفاة».

ودعا إلى التركيز على نشر ثقافة التبرع وتوعية المجتمع بشكل مكثف، من خلال محاضرات توعوية واجتماعية، حتى يستوعب الناس الأمر من جميع النواحي دينيا واجتماعيا وإنسانيا.



غير شائعة



وتشير الإعلامية غادة الوكيل إلى جهل الناس بثقافة التبرع بالأعضاء، كونها ثقافة غير شائعة في المجتمع السعودية، مؤكدة أنها مع التوجه إلى التبرع بالأعضاء، فالتبرع نافذة أمل لكثير من المرضى، ويأتي ذلك من باب المساعدة والعون، واتباعا لقوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).

وأوضحت الوكيل أنه من المؤلم أن ترى حال المرضى واحتياجهم للأعضاء، ما يدعو إلى ضرورة نشر التوعية في المجتمع، وأنه واجب على كل فرد، محملة الإعلام الدور الكبير في هذا المجال بنشر حالات تمت فيها زراعة الأعضاء.



ثقافة جديدة



بينما ترى خديجة عواد (طالبة آداب) أن هذه الثقافة جديدة على المجتمع سعودي، ومن الصعب أن يتقبلوها، مشيرة إلى أن ذلك يعد متاجرة بشيء لا أحد يملكه، وانتهاكا لحرمة الأموات، فيما تشاركها في الرأي زميلتها خلود، قائلة «أعتقد أن التبرع بالأعضاء أمر مخالف للشرع الإسلامي، ولم يقره علماء الدين، وإن صح ذلك، فيكون التبرع ما بين الأقارب إن احتاج الأمر ذلك، حتى يتم تجنب الأعراض أو الأمراض المستقبلية لا قدر الله».



أسباب التبرع



من جهته، أفاد المقيم السوداني خالد إمام بأن ثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع السوداني مسألة عادية وطبيعية جدا، وتختلف من بيئة لأخرى، فهناك من يرفضها لأسباب تدخل في الدين والشرع والفتاوى، وهناك من يتبرع لأسباب مادية بحتة.

وقال إن التبرع يكون فيما نملكه والأعضاء ملك لله، ونحن نؤتمن عليها فلا يحق للأمين تبديد الأمانة أو التبرع بها، بينما أبدى حسين فاروق (70 عاما) وقفته مع القائلين بالتبرع بالأعضاء للمحتاجين، مؤكدا أنه لن يتأخر في تقديم المساعدة، وستكون وصيته كذلك بمنح أعضائه ابتغاء مرضاة الله.



واجب إنساني



بدورها، عدّت زينب الحرازي (موظفة) أن الحديث عن مسألة مثل هذه يثير القلق نوعا ما، خاصة إن كان التبرع يخرج عن كونه تبرعا بالدم مثلا، فالأعضاء شيء غال على النفس البشرية، إذ تمتنع عن منح جزء أودعه الله أمانة لديها، لا في حياتها ولا بعد مماتها، وتخالفها في الرأي زميلتها إيناس، مشيرة إلى أن التبرع واجب إنساني وأخلاقي قبل كل شيء، ولكن تنقصنا ثقافة الوعي به جميعا على مختلف الفئات، ولن تمانع أن تحصل على بطاقة تتيح لها التبرع بأعضائها، وإن وافتها المنية فبالتأكيد سيعوضها الله أجر إنقاذ حياة شخص يحتاج إليها في جنات النعيم.