التحول الوطني لوزارة التعليم وتغطية سوق العمل

الأربعاء - 12 أكتوبر 2016

Wed - 12 Oct 2016

تعزيز قدرة نظام التعليم لتلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل من أبرز أهداف وزارة التعليم التي نصت عليها وثيقة (برنامج التحول الوطني 2020م)، ومؤشر الأداء لهذا الهدف هو نسبة الخريجين الملتحقين بسوق العمل خلال ستة أشهر من تاريخ التخرج.



غير أن الوزارة تحفظت، كما في نص الوثيقة، على هذا المؤشر، وسبب التحفظ هو اشتراك أكثر من جهة غير وزارة التعليم في تحديد احتياجات سوق العمل وقراءة مستقبله.



ومن هنا فإن المؤمل في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تسعى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الثامن والتاسع والعاشر الواردة في وثيقة (برنامج التحول الوطني 2020م)، وهي تباعا: توفير فرص عمل لائقة للمواطنين، خلق بيئة عمل آمنة وجاذبة، رفع المستوى المهاري للسعوديين بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل.



وكذلك فإن على بقية الوزارات والهيئات أن تحدد احتياجاتها المستقبلية لكي تقوم وزارة التعليم بفتح التخصصات المناسبة وإغلاق التخصصات التي لا تناسب سوق العمل؛ وبناء على ذلك فلا بد من إنشاء هيئة تنسيق عليا متخصصة من أجل ردم الفجوة بين احتياجات الوزارات (سوق العمل) ومخرجات وزارة التعليم.



وعلى هذا فلا بد من جمع وتحليل البيانات والمعلومات والإحصاءات المتعلقة بسوق العمل في المملكة العربية السعودية ووضع خطة تتضمن الاستراتيجيات والسياسات العامة بشأن توظيف المواطن السعودي والوافدين إليها بما يتناسب مع الاحتياجات المستقبلية.



وأيضا من الضروري أن تعمل جميع الوزارات والهيئات بالمملكة العربية السعودية في نسق متكامل مستندة في رسم استراتيجيتها على وثيقة (رؤية المملكة العربية السعودية 2030م) من أجل ضمان تقديم خدمات مميزة تسهم في بناء المملكة العربية السعودية.



وتقع على عاتق وزارة التعليم مسؤوليتان كبيرتان أولاهما إعداد الدراسات العلمية التي تقرأ مستقبل سوق العمل ومتابعة احتياجاته في ضوء برامج التنمية والاستثمار.



وثاني هاتين المسؤوليتين الكبيرتين هو توفير المخرجات التي تتناسب مع احتياجات سوق العمل، فمخرجات وزارة التعليم من الطلاب والطالبات هم الذين سيقومون بسد احتياجات سوق العمل، وهم القوى العاملة التي ستنهض بأعباء الوطن وما يتطلبه من خدمات.



إن الشباب والشابات هم عماد الأمم، فبصلاحهم صلاح المجتمع، وبفسادهم فساد المجتمع، وسوق العمل له أثر كبير في صلاحهم أو فسادهم، فإذا استوعب سوق العمل الشباب والشابات، فإنهم سيشعرون بالاعتداد بالذات وبالنجاح وبالانتماء للوطن، وسيكونون صالحين في أنفسهم مصلحين لغيرهم، أما إذا رفضهم سوق العمل، فإنهم سيشعرون بالفشل وبأنهم عالة على غيرهم، وسيكونون فاسدين في أنفسهم، ومفسدين لغيرهم.



والدول المتقدمة تستغل قدرات الشباب والشابات، وتوظف طاقاتهم، وتستثمر مواهبهم بما ينفعهم، وبما يفيد وطنهم؛ لذا قامت بدراسات واعية ومسح علمي وقراءات مستقبلية وأبحاث رصينة هدفها معرفة احتياجات سوق العمل وتوفير الوظائف للشباب والشابات وفتح المجالات أمام المواطنين ليسهموا في بناء الوطن قبل أن يكونوا معول هدم توظفهم أيد أثيمة لتخريب وطنهم.



إن قراءة مستقبل سوق العمل ودراسة احتياجاته ضرورة ملحة وحاجة ماسة تسهم في بناء الوطن وتأمين مستقبل المواطنين من جهة، كما أنها -من جهة أخرى- تقي الوطن من مهددات الأمن، وتحمي المواطنين -الشباب والشابات- من الانزلاق في دوامات الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية.



فتغطية سوق العمل ليست ناحية اقتصادية فحسب، بل تسهم في بناء جيل يحمل الثقة بنفسه والاعتداد بذاته والاعتزاز بأفكاره ومبادئه، ويشعر بالانتماء إلى وطنه ومحبة مجتمعه، وبالتالي يشارك في تطويره وازدهاره وتنميته، ويدافع عن ثقافته وقيمه.