ملامح مكة التاريخية من خلال رواية سقيفة الصفا ( 1 - 10 )

تعد رواية سقيفة الصفا للأستاذ حمزة بن محمد بوقري والتي تدور أحداثها في جزء من حارة الصفا المكية قبيل منتصف القرن الرابع عشر، من أوائل الروايات السعودية

تعد رواية سقيفة الصفا للأستاذ حمزة بن محمد بوقري والتي تدور أحداثها في جزء من حارة الصفا المكية قبيل منتصف القرن الرابع عشر، من أوائل الروايات السعودية

السبت - 27 ديسمبر 2014

Sat - 27 Dec 2014



تعد رواية سقيفة الصفا للأستاذ حمزة بن محمد بوقري والتي تدور أحداثها في جزء من حارة الصفا المكية قبيل منتصف القرن الرابع عشر، من أوائل الروايات السعودية. وقد زخرت هذه الرواية بالعديد من الملامح التاريخية المكية، سواء التاريخ الاجتماعي أو العلمي أو الثقافي، لذلك يمكن القول إن هذه الرواية بما فيها من ملامح تاريخية تعد رافدا مهما من روافد دراسة التاريخ المكي، لما فيها من بيان لبعض الصور التراثية، إضافة إلى تركيز المؤلف على بعض المظاهر التي رأى أنها اندثرت بعد أن عايشها وتشبعت ذاكرته من دلالاتها ومعانيها، فحاول أن يحييها من خلال وصفها وتوثيقها، يضاف إلى ذلك الكثير من الشخصيات التي كان يضمها ويحتضنها الشارع المكي، من المجاذيب والمعتوهين وأصحاب المهن والحرف، والذين ورد ذكرهم في الرواية كشواهد حية على نماذج من ثقافات سادت في ذلك العصر.

وسأحاول من خلال هذه الحلقات إلقاء الضوء على بعض ما ذكره المؤلف في روايته مما لم يعد معروفا الآن، وأصبح ضمن الموروث التاريخي المكي، سواء من مفردات بناء البيت المكي الهندسية، أو نظام الدراسة في حلقات الحرم المكي وما يتبع ذلك من دروس في الخلاوي أو بيوت العلماء، أو بعض مفردات أهل الحارة، أو الملابس المكية التاريخية للرجال أو النساء، إضافة إلى بعض الملامح المجتمعية التاريخية، والتي نلاحظ أن المؤلف خلال الرواية، ذكر بعضها بالاسم القديم المعروف في زمانه وبعضها بالوصف الدال عليه.



من أجزاء البيت



فنجده مثلا في أكثر من موضع يذكر الدهليز وهو من المصطلحات الفارسية التي استخدمت في مكة المكرمة من قرون عديدة، ويقصد به لغويا الممر أو المعبر، أما في العمارة المكية فالدهليز هو الجزء الأول من أجزاء البيت والذي يصل إليه من تجاوز الباب الخارجي، ومنه يتم الوصول إلى بقية أجزاء المنزل، لذلك كان يعد بمثابة صالة الاستقبال الأولى، ويختلف حجم الدهليز بحسب حجم المنزل، فنجد أن الدهاليز في البيوت الكبيرة تزين بالنقوش، وتجعل على أطرافها الدكاك (المصاطب) المبنية من بالحجر، أو المصنوعة من الخشب، والمفروشة بالأغطية. وكان يستفاد من الدهليز لنوم الخدم، كما يستخدم في بعض الأحيان لبعض الأعمال التي تستوجب وجود رجل أجنبي داخل البيت، لبعده عن غرف النساء، وذلك كطحن الحبوب، أو ندف القطن أو غيره. وفي بعض البيوت الكائنة في المواقع التجارية كان يستفاد من المساحة الكبيرة للدهليز في بناء مستودعات أو مخازن كما ورد في بعض الوثائق. وقد استخدم لفظ الدهليز أحيانا إضافة لما سبق للدلالة على بعض المساحات الضيقة التي يتوصل منها إلى عدد من البيوت، أي يمكن أن يكون الدهليز داخل البناء، أو خارجه ويعد من أجزاء الحارة.



الحنية والفسحة



كما ذكر مؤلف الرواية حَنِية الفحم في أكثر من موضع، وهي من مكونات البيت المكي القديم ولا يكاد يخلو منها بيت، وتكون عبارة عن مخزن صغير لا يتجاوز ارتفاعه المتر في مثله عرضا، ويكون في باطنها شبه حفرة أو تنور لزيادة مساحة التخزين، ويصنع لها باب صغير من الخشب أو تترك دون أن تبوب، وتستخدم لتخزين الفحم خاصة لذلك ارتبطت به في التسمية، وإن كان الروائي ذكر «أنهم كانوا يربون فيها الأرانب». وتكون حنية الفحم في زاوية غير ظاهرة من زوايا البيت، سواء في الدهليز، أو بعض الممرات أو في سطح المنزل، وتأتي الحنية كنتيجة حتمية أحيانا نتيجة بعض الانحناءات الموجودة في جدران المنزل أو تعرج حدود البيت وعدم انتظام جدرانه فكان يستفاد من الانحناءات في بناء هذه المخازن، وضمن الموروث الشعبي كانت حنية الفحم من الأماكن المرعبة أو المخيفة للأطفال، ففيها يتم حبس الطفل المشاغب، أو على الأقل تعتبر من مصادر التهديد للطفل حتى لا يقع في خطأ ما.

كما أن من المفردات التي ذكرها الأستاذ حمزة بوقري والتي تصنف ضمن أجزاء البيت المكي المهمة الفَسَحَة، والتي يرد ذكرها في بعض النصوص التاريخية باسم الشمسة السماوية، وهي رحبة مكشوفة في وسط المنزل. والفسحة من المعالم التي اختفت مبكرا من البناء المكي أي بعد الخمسينات الهجرية من القرن الماضي تقريبا، وإن ظلت موجودة في بعض المباني القائمة على أطراف مكة القديمة كجرول والتيسير وبعض بيوت الطائف القديمة، وتستخدم الفسحة كمكان لجلوس أفراد العائلة، لبعدها عن أعين المتطفلين حيث تكون محاطة بالوحدات الأخرى في البيت، ويكون في العادة أمامها غرفة أخرى تطل عليها مباشرة لا يفصل بينهما شيء سوى عقد حجري أو جصي أو بعض درجات وتسمى هذه الغرفة الديوان، ويكون للفسحة غطاء من القماش يشد بالحبال بطريقة معينة لإغلاقها عند الحاجة إلى ذلك، وتبنى في وسط الفسحات خصوصا في البيوت الكبيرة فسقية ماء لإنعاش الجو داخل البيت.





 [email protected]



 



ملامح مكة التاريخية من خلال رواية سقيفة الصفا (1 - 10)



أسرار البيت المكي ومكوناته لدى بوقري (2- 10)



 الرواشين من جماليات العمارة المكية ( 3 - 10 )



المطبقية وماكينة الآيس كريم من المقتنيات المكية ( 4 - 10 )



نصبة الشاي ضيافة السيدة المكية ( 5 - 10 )



كوفية جملون والسديري.. اللباس المكي قديما ( 6 - 10 )



المدورة والمحرمة لباس المكيات قديما ( 7 - 10 )



المزهد من شخصيات الشارع المكي ( 8 - 10 )



الشطار والرقيق في الحارة المكية قديما ( 9 - 10 )



الفرمسوني.. المثقف الذي يخافه المجتمع المكي ( 10 - 10 )