5 فتيات يهزمن الخجل ويقتحمن الطب الشرعي

في مشرحة الطب الشرعي بجدة، يبدو مشهد غريب للوهلة الأولى، يحتاج لمزيد من التفاصيل لاستيعابه، بطلاته 5 فتيات يعملن على فك طلاسم وغموض مختلف القضايا، وفي مقدمتها الاعتداء الجنسي على النساء.
في مشرحة الطب الشرعي بجدة، يبدو مشهد غريب للوهلة الأولى، يحتاج لمزيد من التفاصيل لاستيعابه، بطلاته 5 فتيات يعملن على فك طلاسم وغموض مختلف القضايا، وفي مقدمتها الاعتداء الجنسي على النساء.

الاحد - 19 يناير 2014

Sun - 19 Jan 2014


في مشرحة الطب الشرعي بجدة، يبدو مشهد غريب للوهلة الأولى، يحتاج لمزيد من التفاصيل لاستيعابه، بطلاته 5 فتيات يعملن على فك طلاسم وغموض مختلف القضايا، وفي مقدمتها الاعتداء الجنسي على النساء.

التفاصيل وبداية القصة رواها مدير إدارة الطب الشرعي والوفيات بمحافظة جدة الدكتور طلال إكرام وبدأها بكلمة «تشجيع» للإشارة إلى الطريقة التي استقطب بها 5 فتيات سعوديات للعمل في مشرحة الطب الشرعي، في ظل رفض الجميع العمل في هذا المجال.

يقول الدكتور طلال إكرام لـ«مكة» «إنه تم تشجيع 5 أخصائيات وفنيات تمريض منذ بداية 1432 وحتى الآن؛ للعمل في مجال التشريح الجنائي والكشف الطبي الشرعي على ضحايا الاعتداء الجنسي من النساء؛ كما تم تكليف أخصائيتي مختبر؛ وفنية مختبر للعمل في مختبر التشريح النسيجي بالمركز».

ولأن السيدات الخمس يحملن قصصا طويلة من الرفض حتى القناعة؛ فإن محاضرة خلال سنوات دراسة الدكتورة منار الحارثي في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، دفعت إلى قرار غيّر مسار حياتها بالكامل وهو التخصص في الطب الشرعي الذي يعتمد على التعامل المباشر مع الجثث المشوهة والمشتبه في وفاتها، وتقصي الحقائق للوصول إلى أسباب الوفاة.

وتقول أول طبيبة حاصلة على الزمالة السعودية والأردنية في الطب الشرعي بالمنطقة الغربية لـ»مكة» «منذ أن شدّتني محاضرة الطب الشرعي، بدأت في البحث إلى أن قابلت أحد الأطباء بمستشفى الملك فهد في جدة خلال عملي بقسم الطوارئ ليبلغني بحاجة إدارة الطب الشرعي إلى موظفات، ومن هنا بدأ عملي بمكان مختلف تماما حينما كان المركز لا يتعدى كونه شقة صغيرة».

وتؤكد أن السنة الأولى من عملها تسببت لها في التأثر النفسي السلبي إلى درجة جعلتها تفكر في تغيير مجالها، خاصة أن نمط حياتها اختلف كليا من ناحية تعاملها مع الناس، الأمر الذي دفع بعائلتها إلى محاولة إقناعها بالتغيير.

وتضيف «حتى على مستوى الزواج، فقد واجهت طلب تغيير وظيفتي من بعض المتقدمين لخطبتي، وهذا ما صعّب عليّ موضوع الارتباط في ظل رفض تحمّل عملي بهذا المجال». ولكنها استدركت «مع مرور الوقت اقتنعت بما أعمل فيه، ولاسيما أن هناك نقصا في عدد الكوادر النسائية العاملة بمجال الطب الشرعي رغم كثرة الحالات التي ترد إلينا وتحتاج إلى عدد أكبر من الموظفات النساء، خاصة فيما يتعلق بقضايا الاعتداءات الجنسية والاغتصاب».

وأشارت إلى أن هناك 5 سيدات بالطب الشرعي في جدة الآن، بعد أن كانت هناك طبيبة واحدة فقط قبل خمس سنوات، وهذا العدد هو الأكبر بين مناطق المملكة التي لا يوجد فيها سيدات حتى غير سعوديات. بينما ترى الدكتورة خلود الصويغ أنها لم تواجه أي صعوبات في عملها كامرأة بإدارة الطب الشرعي، رغم أنها كانت في بداية حياتها المهنية تعمل في طب الأطفال، وتقول لـ»مكة» «للمكان هيبة، كوننا نعمل بجوار ثلاجات الموتى، إلا أن عملنا في فحص عينات الأعضاء يمكن أن تعمل فيه أي امرأة بمستشفيات أخرى». أما الدكتورة آمنة الفضل، إحدى أخصائيات المختبر بالطب الشرعي ومن أوائل السيدات اللاتي التحقن بالعمل في هذه الإدارة، فإنها على مدار 12 عاما لم تتجرأ على الدخول إلى المشرحة في مقر عملها. وتقول لـ»مكة» «كنت أعمل قبل ذلك في مستشفى الملك خالد للحرس الوطني بجدة، ولاحظت بعد انتقالي إلى مختبر الطب الشرعي رفض عدد من الفتيات العمل فيه، بسبب قربه من ثلاجات الموتى، حتى نظرة الموظفين لي في بداية الأمر كانت غريبة».

ورغم احتكاك الموظفات بالجثث يوميا، إلا أن فاطمة القحطاني، إحدى الممرضات، تتأثر بحالات الاعتداء والتحرش والاغتصاب أكثر من تأثرها بالموتى، وقالت لـ»مكة» «هذه الحالات جعلتني أكثر حرصا على نفسي وأبنائي، وزادت لدي الشعور بالخوف من الخروج بمفردي، فلم أعد منطلقة في حياتي كالسابق».