من ينقذ العُهن النبوية من طمر الحجارة وكريمات التجميل؟

لا حديث يعلو -هذه الأيام- عن مخاطر آبار ارتوازية مهملة تصطاد أفواهها الجائعة كلّ غافل يدّب حول حياضها المفتوحة، وارتفعت الأصوات مجددا مطالبة بحملات تطوعية للتنبيه عن مواقع الآبار المهملة والمنسية للعمل على ردمها أو توفير شروط السلامة لها ومنع خطرها بعد حادثة سقوط الطفلة لمى الروقي في بئر مهجورة بعمق 114مترا في وادي لمى «الأسمر سابقا» في محافظة حقل التابعة إداريا لتبوك.
لا حديث يعلو -هذه الأيام- عن مخاطر آبار ارتوازية مهملة تصطاد أفواهها الجائعة كلّ غافل يدّب حول حياضها المفتوحة، وارتفعت الأصوات مجددا مطالبة بحملات تطوعية للتنبيه عن مواقع الآبار المهملة والمنسية للعمل على ردمها أو توفير شروط السلامة لها ومنع خطرها بعد حادثة سقوط الطفلة لمى الروقي في بئر مهجورة بعمق 114مترا في وادي لمى «الأسمر سابقا» في محافظة حقل التابعة إداريا لتبوك.

السبت - 18 يناير 2014

Sat - 18 Jan 2014


لا حديث يعلو -هذه الأيام- عن مخاطر آبار ارتوازية مهملة تصطاد أفواهها الجائعة كلّ غافل يدّب حول حياضها المفتوحة، وارتفعت الأصوات مجددا مطالبة بحملات تطوعية للتنبيه عن مواقع الآبار المهملة والمنسية للعمل على ردمها أو توفير شروط السلامة لها ومنع خطرها بعد حادثة سقوط الطفلة لمى الروقي في بئر مهجورة بعمق 114مترا في وادي لمى «الأسمر سابقا» في محافظة حقل التابعة إداريا لتبوك.



في المدينة المنورة نشطت مؤخرا إدارة الدفاع المدني في حصر ومعالجة أوضاع أكثر من 900 بئر مهجورة، لم يكن بينها أشهر الآبار النبوية والتاريخية التي تعاني حتى اليوم إهمالا لا يليق بها ولا بدورها وحضورها في السيرة النبوية.

في حي العالية وبالقرب من مزرعة نخيل وارفة بالظل والثمر، تقع بئر قديمة تعرف بـ»العهن» وهي على امتداد شارع قربان المتجه لسدّ بطحان، وخلف مبنى أثري قديم تساقطت أجزاء من حجارة بنائه الجميل، فيما علا الصدأ مضخة قديمة لرفع الماء بالقرب من فوهته المطوية بالصخور البازلتية وكلّ ما حولها أرض جافة غير محمية ولا ماء فيها ولا شجر، فضلا عن أنه ليس هناك أي إشارة تعريفية للبئر تدّل الزائرين لها.

وبئر «العهن» هي إحدى الآبار السبعة (في أرجح أقوال مصنفات السيرة النبوية) التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يستعذب ماءها وتجلب له من موقعه البعيد عن مسجده وحجراته الشريفة. وقد ذكرها المؤرخ الشهير نور الدين السمهودي رحمه الله في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى (ج 3 - 982) بقوله: «والذي ظهر بعد التأمل أن بئر العهن هي بئر اليسيرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليها، وكان اسمها عسرة فسماها اليسيرة وأنه توضأ منها وبصق فيها وأنها في منازل بني أمية من الأنصار».

وجاء فيه «قلت: وهذه البئر غير معروفة اليوم بهذا الاسم، والذي يظهر أنها بئر العهن؛ لما قدمناه فيها، وقد استقصينا هذا الغرض فبلغ كما ترى نحو عشرين بئراً، وما اقتضاه كلام بعضهم من انحصار المأثور من ذلك في سبع مردود، لكن الذي اشتهر من ذلك سبع، ولهذا قال في الإحياء: ولذلك تقصد الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ منها ويغتسل ويشرب، وهي سبعة آبار، طلبا للشفاء، وتبركا به صلى الله عليه وسلم، انتهى».

وفي كتاب السيد علي حافظ فصول من تاريخ المدينة المنورة (ص 193ط2/ 1405هـ) وصف بئر العهن في قوله رحمه الله: «وقفت على البئر وذرعتها، فبلغ قطرها 3.5 أمتار وعمقها حتى الماء 16.5 مترا وقد قال المطري إنها منقورة في الجبل، ولو قال إنها منقورة في الصخر لكان أولى لأن الجبل هو ما ارتفع عن الأرض، وهي مطوية بالحجارة السوداء المطابقة وبئرها اليوم معطلة ويشرب بستانها المسمى باسمها من بئر أخرى تسمى النقيرة لحسين الغري مستأجر العهن، والماء في قاع بئر العهن رأيته يلمع بين الصخور وعمقه نحو 75 سانتيماً، وكثير من آبار المدينة ماؤها هكذا، ولكنها تتحمل ضخ طلمبات الماء ليلا ونهارا إذا كان النبع قويا والبئر مشهورة بغزارة مائها وعدم استعمالها يرجع لتوفير المصاريف على الفلاح غالبا. والبئر وبستانها وقف آل البرزنجي وماؤها عذب حلو ويحسن في بستانها النخيل والرمان والعنب والليمون وغير ذلك».

هذه البئر تعاني من إهمال كبير حتى اليوم، حيث تم ردمها بالحجارة المتناثرة حولها وببقايا جذوع أشجار جافة ومخلفات ونفايات متنوعة أكثرها أكياس بلاستيكية محشوة بمئات العبوات الفارغة لمواد مستلزمات تجميل!.

وحال البئر الآن توضحه الصور المرفقة، علّ أن تسارع الهيئة العليا للسياحة والآثار بالقيام بدورها تجاه ترميم وإحياء هذه البئر النبوية صونا للتاريخ وشواهد عصر النبوة. وقديما قالوا: الصورة أبلغ من ألف كلمة!.