التنبيه الأوكراني لحلف شمال الأطلسي

على مدى سنوات، كان قادة إستونيا يستفزون الآخرين في اجتماعات حلف شمال الأطلسي ويصرون أمام سفراء دول أوروبا الغربية أن روسيا بقيادة بوتين هي قوة انتقامية تنوي زعزعة الاستقرار في المنطقة والسيطرة على جيرانها

على مدى سنوات، كان قادة إستونيا يستفزون الآخرين في اجتماعات حلف شمال الأطلسي ويصرون أمام سفراء دول أوروبا الغربية أن روسيا بقيادة بوتين هي قوة انتقامية تنوي زعزعة الاستقرار في المنطقة والسيطرة على جيرانها

الجمعة - 02 مايو 2014

Fri - 02 May 2014



على مدى سنوات، كان قادة إستونيا يستفزون الآخرين في اجتماعات حلف شمال الأطلسي ويصرون أمام سفراء دول أوروبا الغربية أن روسيا بقيادة بوتين هي قوة انتقامية تنوي زعزعة الاستقرار في المنطقة والسيطرة على جيرانها. الآن، يعبر هؤلاء القادة عن ارتياح قاتم بأن ما كان الآخرون يرفضونه ويعتبرونه في السابق وهماً وعقدة اضطهاد أصبح الآن الحكمة التقليدية في الغرب.

لكن الشماتة لها حدود. الرئيس توماس إلفيس قال في مؤتمر أمني في عاصمة إستونيا في نهاية الأسبوع الماضي «أن يكون المرء على حق ليس دائما أمرا جيداً».

إستونيا ودولتا البلطيق الأخريان، ليتوانيا ولاتفيا، التي ابتلعها الاتحاد السوفيتي في 1940 هي مكان جيد لرؤية كيف تغير أزمة أوكرانيا ما كان يعتبر على مدى عقدين «نظام ما بعد الحرب الباردة» في أوروبا. فجأة، لم تعد دول البلطيق صغيرة ونائية، لكنها أصبحت «دول مواجهة» على قارة تهيمن عليها مرة أخرى مواجهة بين موسكو والغرب الديمقراطي.

مجموعة من جنود اللواء 173 الأمريكي المحمول جواً سيطيرون إلى تالين، عاصمة إستونيا، كجزء من نشر 600 عسكري أمريكي في بولونيا ودول البلطيق. طائرات F-16 ستأتي من الدانمرك يوم الأربعاء إلى مطار تم تخصيصه حديثا كمنشأة لحلف الناتو. في بروكسل، الناتو يناقش فيما إذا كان سيجعل نشر القوات والطائرات في المنطقة دائما، وبذلك يلغي تعهدا قدمه لروسيا في 1997 بأن لا ينشر قوات في دول أوروبا الوسطى والشرقية التي انضمت إلى الناتو بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

التهديد الذي كان يعتبر يوماً مجرد خيال يبدو الآن حقيقيا. مثل أوكرانيا، إستونيا ولاتفيا فيها عدد كبير من السكان الذين يتحدثون اللغة الروسية، وغالبيتهم موجودون في مناطق قريبة من الحدود الروسية. كلا البلدين اتهمتهما روسيا بإساءة معاملة هذه الأقلية الروسية. في 2007، أدت إزالة إستونيا لنصب سوفيتي إلى أحداث شغب في البداية من قبل الذين يتحدثون اللغة الروسية وبعد ذلك أصبح هجوما الكترونيا ضخما برعاية روسية.

من الناحية النظرية، دول البلطيق يجب أن لا تكون عرضة للحرب شبه السرية وغير التقليدية التي شنتها موسكو على أوكرانيا لأنها دول أعضاء في حلف الناتو. لكن المتشائمين هنا قلقون من أن عضوية الناتو قد تجعل أيضا دول البلطيق هدفا مغريا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا نجح في تفكيك أوكرانيا.

قال لي رئيس وزراء إستونيا تافي رويفاس أن «الناتو لا يستطيع أن يتحمل سيناريو شبيه بما حدث في القرم أو شرق أوكرانيا في أي بلدة أو أي حدود لأي دولة عضو. ذلك سيكون نهاية حلف الناتو.»

كيف يمكن وقف هذا النموذج من الاعتداء الخاص بالقرن الـ21، بمزيج من الدعاية والهجمات الالكترونية، والقوات الخاصة، والجنود المحتشدين على الحدود؟ الشعب في إستونيا يقولون أنهم تعلموا بعض الدروس من أوكرانيا ومن تاريخهم. الدرس الأول: لا تترددوا في الدفاع عن أنفسكم».

في الواقع، الأمر ليس بهذه البساطة. هناك مشكلة صد الهجمات الالكترونية التي قد تترافق مع اضطرابات في المناطق التي يسكنها الروس، بالإضافة إلى حملة دعائية مركزة على قنوات التلفزيون الروسية. ثم أن هناك خطر الجنود على الحدود. في عام 2009 وفي العام الماضي أيضا، قامت روسيا بمناورات عسكرية ضخمة تمثل غزوا لدول البلطيق باستخدام أكثر من 20.000 جندي. ذلك العدد يفوق العدد الإجمالي لمجموع جيوش الدول الثلاث، التي لا تملك أيضا أي دبابات أو طائرات مقاتلة. قادة الجيش في إستونيا يعرفون أنهم بحاجة إلى قدرات عسكرية تتضمن مدرعات ثقيلة لأن روسيا في رأيهم

لا تفهم إلا لغة القوة. والقوة ليست على الانترنت. القوة هي المدرعات والدبابات.

إن فرص حصول إستونيا على قوة رادعة، سواء بشكل مباشر أو عن طريق نشر قوات للناتو على أراضيها، لا تبدو جيدة. بروكسل، ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا هي من بين الدول التي ترفض نشر قوات للناتو بشكل دائم في دول البلطيق؛ أحد سفراء أوروبا الشرقية قال عنهم أنهم «تحالف الراية البيضاء.» إدارة أوباما نشرت قوات المظليين كعملية ليس لها علاقة بالناتو وقالت إنهم سيبقون على مدى عام 2014. لكن سفير الولايات المتحدة إلى الناتو دوجلاس لوت قال إن «الوقت مبكر للقول» فيما إذا كانت هناك حاجة لبقاء القوات فترة أطول.

كالعادة، تجد إستونيا نفسها متقدمة على حلفائها في توقع ما سيحدث. وزير دفاع إستونيا سفين ميكسر قال إن «الأحداث في أوكرانيا كانت دعوة قوية للاستيقاظ لجزء من المجتمع الدولي. لكن دول البلطيق لم تكن تحتاج إلى إيقاظ».