أوباما يخسر الرهان على إيران

كثير من الاهتمام الدبلوماسي سيتركز في الأشهر القليلة القادمة على إمكانية تحويل الاتفاق النووي المؤقت مع إيران إلى اتفاقية دائمة. الرئيس أوباما خاطر بنجاح سياسته الخارجية على هذه المقامرة الجريئة. لكن النقاش حول الاتفاق النووي حوّل الاهتمام عن مراهنة أكثر خطورة قام بها أوباما: فكرة أن إيران تستطيع أن تصبح شريكا متعاونا في الأمن الإقليمي.
كثير من الاهتمام الدبلوماسي سيتركز في الأشهر القليلة القادمة على إمكانية تحويل الاتفاق النووي المؤقت مع إيران إلى اتفاقية دائمة. الرئيس أوباما خاطر بنجاح سياسته الخارجية على هذه المقامرة الجريئة. لكن النقاش حول الاتفاق النووي حوّل الاهتمام عن مراهنة أكثر خطورة قام بها أوباما: فكرة أن إيران تستطيع أن تصبح شريكا متعاونا في الأمن الإقليمي.

الجمعة - 17 يناير 2014

Fri - 17 Jan 2014


كثير من الاهتمام الدبلوماسي سيتركز في الأشهر القليلة القادمة على إمكانية تحويل الاتفاق النووي المؤقت مع إيران إلى اتفاقية دائمة. الرئيس أوباما خاطر بنجاح سياسته الخارجية على هذه المقامرة الجريئة. لكن النقاش حول الاتفاق النووي حوّل الاهتمام عن مراهنة أكثر خطورة قام بها أوباما: فكرة أن إيران تستطيع أن تصبح شريكا متعاونا في الأمن الإقليمي.

ومع أنهما لا يقولان ذلك علنا، إلا أن الرئيس أوباما ووزير خارجيته السيد كيري يحلمان بالتأكيد بضربة معلم شبيهة بتلك التي قام بها الرئيس نيكسون مع الصين. هما يسعيان بصمت إلى إعادة اصطفاف استراتيجي يعتقدان أنه سينهي عقودا من شبه الحرب المفتوحة بين إيران والولايات المتحدة وحلفاء كل منهما. في رأينا، إدارة أوباما تريد أن ترى مكان ذلك «فريقا متناغما» من قوى كبرى - روسيا، أمريكا، الدول الأوروبية وإيران- يعمل على استقرار الشرق الأوسط كما كان عليه الأمر في القرن التاسع عشر.

كخطوة أولى، لم يخف كيري رغبته في إشراك إيران في مباحثات السلام مع سوريا في جنيف. هناك سببان رئيسيان لهذا التحول، أحدهما ببساطة هو رغبة الرئيس أوباما في إبعاد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، الثاني وهو أكثر أهمية، الخوف من القاعدة: البيت الأبيض بلا شك يرى أن إيران وحلفاءها الشيعة شركاء محتملون في الحرب ضد الجهادية السنية. استراتيجية أوباما طموحة إلى حد كبير. وهي أيضا مقدر لها أن تفشل. أولا، تتجاهل هذه الاستراتيجية حقيقة أنه، بعكس الصين في عهد الرئيس نيكسون، إيران ليس لديها عدو مشترك يجبرها على الاتحاد مع أمريكا. مع أن حلفاء إيران يحاربون المتطرفين السنة في عدة جبهات، فإن إيران نفسها تعاونت مع القاعدة وجماعات متطرفة أخرى، مثل حماس وطالبان، عندما كان في مصلحتها أن تفعل ذلك. حكام إيران لا يعتبرون القاعدة تهديدا وجوديا يوازي «الشيطان الأكبر»، في المقابل، كان ماو تسي تونج يرى أن الاتحاد السوفييتي يشكل تهديدا كافيا لتبرير تحالف مع «الإمبرياليين الرأسماليين» في واشنطن. المشكلة الرئيسية الثانية هي أن إيران كانت دائما تحلم بالهيمنة الإقليمية. ليس هناك أي مؤشر بأن انتخاب رجل الدين «المعتدل» حسن روحاني كرئيس غير أي شيء على العكس من ذلك، إيران تصعد دعمها للمتشددين في المنطقة. هناك تقارير مؤخرا تفيد بأن إيران تقوم بتهريب صواريخ متطورة بعيدة المدى إلى حزب الله عن طريق سوريا وأنها أرسلت سفينة، اعترضتها السلطات البحرينية، محملة بأسلحة للخصوم الشيعة للحكومة البحرينية السنية. كما أن إيران لم تفعل شيئا في عهد الرئيس روحاني لتقليص دعمها لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. على العكس من ذلك، أرسلت أعدادا كبيرة من الناشطين الإيرانيين إلى سوريا بالإضافة إلى حزب الله، بالإضافة إلى أسلحة وذخيرة بكميات كبيرة لمساعدة النظام على البقاء في السلطة.

لعبة القوة الإيرانية أدت إلى ردة فعل قوية من قبل السنة. هذه ثالث وآخر مشكلة سوف تسبب فشل تعاون أوباما مع إيران. في العراق، يقوم رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي باعتقال شخصيات سنية بارزة في إقليم الأنبار، وبهذا يدفع كثيرا من المقاتلين القبليين الذين كانوا يقاتلون القاعدة في العراق في وقت سابق إلى التحالف مع الجماعة الإرهابية. نفوذ الجهاديين الآن يمتد من غرب العراق إلى سوريا، حيث ردة فعل السنة بنفس العنف على الهجوم المنظم الهادف إلى إبقاء نظام الأسد العلوي في السلطة. ولأن الولايات المتحدة لا تقدم الدعم للمعارضة المعتدلة في سوريا، يزداد نفوذ الجماعات المتشددة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام. امتداد الحرب من سوريا يؤثر أيضا على لبنان، حيث يشكل حزب الله قوة مهيمنة. سيصبح الوضع أسوأ إذا سُمح لإيران بالحفاظ على برنامجها النووي بمباركة دولية، السعودية أوضحت أنها مستعدة لبناء قنبلتها النووية الخاصة بها، كما هددت إسرائيل بشن ضربة أحادية الجانب ضد منشآت نووية إيرانية. إن سعي الرئيس أوباما لاستخدام الانفتاح مع إيران لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط سيكون له آثار سلبية، قبل مضي وقت طويل، ستجد أمريكا نفسها مضطرة للعودة إلى دورها التقليدي ما بعد 1979 كقائد ائتلاف يواجه المخططات الإيرانية. المكان الذي يجب البدء به هو سوريا، التي تعتبر حاليا ساحة الصراع الرئيسية بين الكتلتين الإقليميتين. محاولة جر إيران إلى حل عن طريق التفاوض سيعني بالتأكيد بقاء الرئيس الأسد في السلطة، هذا بدوره من شأنه أن يستغله المتطرفون السنة. على الولايات المتحدة أن تعمل مع حلفائها على بناء بديل ليس من القاعدة لنظام الأسد من خلال تقديم السلاح والتدريب والتنسيق لمقاتلي المتمردين وإذا لزم الأمر تقديم دعم جوي غربي. كان من الأفضل لو أننا فعلنا هذا في بداية الصراع في سوريا، عندما كان المتطرفون أقل بروزا في معسكر المتمردين، ولكن حتى الآن، ليس هناك بديل أفضل.

Source: NYT