المعارضة التركية تبحث عن زعيم يقود دفتها

تقول الطرفة التي يرددها متشددو اليسار التركي في هذه الآونة أن أحد مناصري حزب الشعب الجمهوري اليساري العلماني سأل زميلا له عن مدلول شعار الحزب المرفوع على علمه بالأسهم الستة، فقال لا أعرفها كلها لكنني أستطيع أن أعدد منها القومية اليمينية المتشددة والغولانية

تقول الطرفة التي يرددها متشددو اليسار التركي في هذه الآونة أن أحد مناصري حزب الشعب الجمهوري اليساري العلماني سأل زميلا له عن مدلول شعار الحزب المرفوع على علمه بالأسهم الستة، فقال لا أعرفها كلها لكنني أستطيع أن أعدد منها القومية اليمينية المتشددة والغولانية

الأحد - 06 أبريل 2014

Sun - 06 Apr 2014



تقول الطرفة التي يرددها متشددو اليسار التركي في هذه الآونة أن أحد مناصري حزب الشعب الجمهوري اليساري العلماني سأل زميلا له عن مدلول شعار الحزب المرفوع على علمه بالأسهم الستة، فقال لا أعرفها كلها لكنني أستطيع أن أعدد منها القومية اليمينية المتشددة والغولانية.

هي مجرد طرفة يرددها البعض في صفوف اليسار التركي لكنها حقيقة تعكس حجم الأزمة داخل حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي التي ظهرت إلى العلن بعد الانتهاء من الانتخابات المحلية، وحجم التحالف الحزبي والسياسي الذي تم بين الحزب وخصمه اللدود حزب الحركة القومية المتشدد في وجه اليساريين وجماعة العلامة فتح الله غولن التي حاربها لسنوات طويلة واتهمها بمحاولات تغيير النظام الذي أسسه أتاتورك قبل 90 عاما.

كمال كيليشدآر أوغلو الذي حملته الصدفة إلى دفة القيادة في الحزب بعد فضيحة رئيسه السابق دنيز بيقال والمشاهد المسربة عن علاقته بمديرة مكتبه التي أجبرته على التنحي دخل أكثر من تجربة انتخابية في وجه حزب العدالة والتنمية، لكنه فشل في رفع أسهم الحزب ومنحه الفرصة للوصول إلى الحكم وهو بين أبرز المعنيين بتحمل المسؤولية بسبب هذا الفشل وضرورة دفع الثمن الذي بدأ يطالب به منافسوه في الحزب وهو التنحي وإعطاء الفرصة لقيادة حزبية جديدة.

نظرة سريعة على خارطة تركيا بعد إعلان النتائج تظهر كيف أن الشعب الجمهوري غاب تماما عن صناديق الاقتراع في مدن جنوب شرق تركيا وقلب الأناضول، وتحول إلى حزب مناطقي محلي لا يمكن له بهذه النتائج أن يمثل البلاد ومع ذلك فالنتيجة لا تعني كيليشدآر أوغلو الذي يحاول أن يرمي الكرة في ملعب الآخرين ويقول إنه فعل ما بوسعه خلال الحملة الانتخابية.

نجاتي دوغرو الكاتب والإعلامي التركي وأحد أبرز المتحمسين لحزب الشعب الجمهوري يقول منتقدا “نحن نبحث عن العودة للسلطة منذ أكثر من نصف قرن لكن مع الأسف النتيجة الأخيرة التي وصلنا إليها تقول إن هذا الاحتمال غير موجود وإن الاستمرار بهذا الشكل سيتركنا أمام حصة تتراجع باستمرار، والشعب الجمهوري اسم الحزب لكنه فشل في الوصول إلى الشعب ومخاطبة الجماهير”.

وردا على سؤال أين أخطأ حزب الشعب الجمهوري؟ يقول الأكاديمي حسين يايمان في جامعة غازي إن التحالف مع جماعة غولان كلفهم وسيكلفهم الكثير، فقواعد الحزب وأفكاره وطروحاته تتعارض مع ما تقوله وتريده الجماعة، لكنهم تجاهلوا كل ذلك بهدف إسقاط إردوغان ولم يصلوا إلى ما يريدون فلا بد أن يكون هناك من يتحمل المسؤولية ومن يدفع الثمن.

ويضيف يايمان مشكلة الحزب الأخرى أنه اختار مرشحين بخلفية يمينية قومية في أنقرة وهتاي، وأن هذه شخصيات حملت معها قواعدها التي صوتت لها مقتنعة أن قياداتها لن تتخلى عنها حتى ولو انتخبت باسم اليسار العلماني، لذلك موعد وتأريخ المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري لا بد أن يكون قريبا جدا ونسمع حتما الأصوات تتعالى ضد كيليشدآر أوغلو وأعوانه.

مشكلة المعارضة التركية وحزب الشعب كما يصورها الكاتب اليميني محمد شوكت إيغي أنه بنى حملته الانتخابية على ما تقدمه له جماعة غولان من معلومات وأوراق وتسريبات وأنه بدل أن يعرض برامج إنمائية في المدن اختار التركيز على مهاجمة إردوغان وحزبه بتهم الفساد والرشاوى مع أن الانتخابات كانت منافسة حول مقاعد البلديات وطرق إدارتها وتنظيم شؤونها.

أزمة المعارضة التي تابعتها بتفاصيلها ليلة إعلان النتائج وتصورها لنا الكاتبة التركية سفيلاي أوز يوراك بقولها إن زعيم الشعب الجمهوري كمال كيليشدآر أوغلو غاب عن المشهد تماما ليلة إعلان النتائج، وأن نقاشا جديا حول تنحيه طرح على طاولة الاجتماع المطول في مقر الحزب بأنقرة، لكن أعوانه نصحوه بالتريث إلى أن تتضح الصورة لكنه اختار هو أن يتراجع تماما عن فكرة ترك موقع القيادة تاركا منافسيه الحزبيين يطالبونه بذلك إذا ما كانوا قادرين حقا على إنشاء تكتل قوي معارض يستطيع إسقاطه، وهي أزمة اليسار التركي التي تتكرر دائما مما تتركه يجول ويصول حول رقم الـ25% من مجموع أصوات الناخبين فرحا بهذه الكتلة التي سيفقدها تدريجيا في العمليات الانتخابية اللاحقة.

الإنتلجنسيا اليسارية الأتاتوركية بدأت تتحدث بصوت مرتفع حول التغيير في قيادات الحزب وهناك طبخة وضعت على نار هادئة كما فهمنا من كلام الكاتب اليساري بكير جوشقون لكننا لم نعرف بعد اسم المرشح البديل لتولي دفة القيادة، هل ستتم العودة إلى الرئيس السابق دنيز بيقال أم أن سيناريو آخر سيتصدر المشهد وهو تفاهم مصطفى صاري غول مرشح إسطنبول اليساري ومنصور يواش مرشح أنقرة اليميني على تسلم القيادة بعد الانتصارات الجزئية التي حققوها في العاصمتين الاقتصادية والسياسية لتركيا.

شخصية أخرى تتابع عن بعد وتنتظر من يوجه لها الدعوة وهو كمال درويش الخبير الاقتصادي الدولي الذي قدم قبل 15 عاما لإنقاذ الاقتصاد التركي من الإفلاس لكنه عاد وانسحب بعد فترة إلى موقعه بالولايات المتحدة بعد هجمات سياسية وإعلامية كثيرة تعرض لها.

بانتظار تبدد الضباب المحيط بمراكز المعارضة ومعرفة خياراتها البديلة يبقى السيناريو الأقرب تمسكها بورقة جماعة غولان خشبة الخلاص وعدم الابتعاد كثيرا عن اليمين القومي، الذي تحتاج إليه في معركة انتخابات رئاسة الجمهورية التي اقترب موعدها كثيرا في تركيا.