بوتين انتهك اتفاقية جنيف

كُتبت اتفاقية جنيف رداً على الفظائع التي ارتُكبت في الحرب العالمية الثانية، وتم توقيعها في 1949 بتعاون بين المجتمع الدولي والصليب الأحمر

كُتبت اتفاقية جنيف رداً على الفظائع التي ارتُكبت في الحرب العالمية الثانية، وتم توقيعها في 1949 بتعاون بين المجتمع الدولي والصليب الأحمر

الأربعاء - 02 أبريل 2014

Wed - 02 Apr 2014



كُتبت اتفاقية جنيف رداً على الفظائع التي ارتُكبت في الحرب العالمية الثانية، وتم توقيعها في 1949 بتعاون بين المجتمع الدولي والصليب الأحمر. وهدفت الاتفاقية إلى تأسيس الحدود القانونية والأخلاقية للحروب الحديثة. وقع على الاتفاقية 195 دولة –بما في ذلك ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي سابقا. وقد كُتبت الاتفاقية في وقت الحرب الباردة. المعسكران الشرقي والغربي كانا يملكان ترسانات كبيرة من الأسلحة النووية. الإرهاب كان لا يزال في مهده وكان يُعدّ تكتيكا وليس استراتيجية. لكن طبيعة الحرب تغيرت كثيرا منذ ذلك الوقت، ولذلك تم تعديل اتفاقية جنيف 74 مرة لعكس الأنماط المتغيرة للحرب.

الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمها فيما بعد شكلت أكثر من انتهاك لاتفاقية جنيف –كان الغزو مصمما ليتجاوز الاتفاقية بكاملها. كان غزو روسيا لشبه جزيرة القرم تحديا دوليا متعمدا مع النية المسبقة ولذلك كان إهانة للمجتمع الدولي كله. روسيا كانت تمتلك الحق وفقا لاتفاقية ميناء سيفاستوبول لنشر 25 ألف جندي داخل المنطقة المحددة للميناء. وكان يُفترض أن يحصل الكرملين على تصريح من الحكومة الأوكرانية من أجل جميع تحركات القوات الروسية. هذه الاتفاقية تم تجاهلها.

روسيا قامت بغزو الأراضي الأوكرانية في منطقة شبه جزيرة القرم مستخدمة قوات خاصة يرتدون زيا لا يحمل علامة واضحة. روسيا كانت تنفي بشكل دائم أنهم جنودها، وكان الرئيس فلاديمير بوتين يصر أنهم من سكان المنطقة المحليين الذين اشتروا ملابسهم وأسلحتهم من محلات في شبه جزيرة القرم. وضع مثل هؤلاء الجنود الذين لا يرتدون زيا عسكريا واضح المعالم ولا يعترف بهم أحد غير محدد في اتفاقية جنيف، مما يجعل من الصعب على الجيش الأوكراني الرد وفقا لأي شكل من أشكال القانون الدولي. لو أنهم عدّوهم إرهابيين ودافعوا عن بلدهم لاستغلت روسيا هذه الذريعة بسهولة لتغزو أوكرانيا بالكامل –وهو رد يعتقد كثيرون أن روسيا كانت تريد أن تقوم به. الذين قال عنهم الرئيس بوتين إنهم «مناصرون محليون» قاموا بدعم انقلاب أطاح بالحكومة الديمقراطية ووضع مكانها نظاما غير شرعي موال لموسكو. كما دعموا تنظيم استفتاء محلي مرفوض دوليا ولا يزالون حتى الآن يدعمون نظاما غير شرعي لأنه ينتهك القانون الدولي واتفاقية جنيف. «المناصرون المحليون» حاصروا جميع المنشآت العسكرية الأوكرانية ومنعوا القوات الأوكرانية من التحرك بحرية، وبهذا، رغم عدم إعلان الحرب، كان الجنود الأوكرانيون يعدّون «سجناء حرب». لذلك كانت اتفاقية جنيف تنطبق عليهم وتحميهم لأن «سجناء الحرب يتمتعون بالحماية ضد أي أعمال عنف وتخويف وإهانة... كما يضمن القانون الإنساني الحد الأدنى من ظروف الاعتقال مثل قضايا السكن والطعام واللباس والنظافة والرعاية الطبية».

لكنهم حُرموا من ذلك. تعرض الجنود الأوكرانيون للتهديد والإساءات النفسية، وتعرضت عائلاتهم للتهديد، وحرُموا من الطعام والمؤن، وكانوا عرضة للخوف الدائم من التعرض لهجوم. وفقا لاتفاقية جنيف، يفترض أن تكون بين القوات المتحاربة خطوط مفتوحة من الاتصالات من خلال منظمة الصليب الأحمر لضمان معاملة الضحايا والأسرى وفقا لأحكام القانون الدولي. النظام في شبه جزيرة القرم رفض رفضا قاطعا احترام هذا الالتزام مما جعل من المستحيل على السلطات الأوكرانية ترتيب انسحاب منظم للقوات الأوكرانية.

بالإضافة إلى ذلك، بالرغم من ضم شبه جزيرة القرم إلى الاتحاد الروسي، لم تقم القوات الروسية بواجبها في حماية «سجناء الحرب» نتيجة لذلك قام بلطجية يحملون أسلحة عسكرية بالاستيلاء على سفن ومنشآت بحرية مستخدمين قنابل يدوية وبنادق آلية. ثم تم الاتفاق على هدنة بين القيادة العسكرية في كييف و موسكو لكن النظام في شبه جزيرة القرم تجاهل هذا الاتفاق ويبدو الآن وكأنه يتصرف خارج نطاق أوامر موسكو وفي انتهاك صريح للقانون الدولي.

من الواضح أن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يتجاهل ما يحدث في شبه جزيرة القرم ويسمح لعضو دائم في مجلس الأمن الدولي وأحد الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الدولية بانتهاك القانون الدولي بشكل صارخ ومتعمد. منذ 1949 يواجه جميع الذين ينتهكون القانون الدولي العدالة والمحاسبة. ومع أنه لم تكن في هذه الحالة حالات قتل جماعي وفظائع أخرى، فإن نية انتهاك القانون الدولي والتلاعب به مقصودة بدون شك. لذلك آن الأوان أن تفتح محكمة الجنايات الدولية في لاهاي التحقيق في أحداث شبه جزيرة القرم وتبدأ باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا المجال.

* الإندبندنت