ترى هل كذب الكمبيوتر أم أخطأنا نحن؟!

قبل أيام جمعتني بصديقي، مدير إحدى المؤسسات الاقتصادية الكبرى، جلسة افتخر فيها بأنه قادر في أية لحظة على تقييم موظفيه، الذين يقارب عددهم أكثر من ألف شخص، كل ما عليه هو لمسة زر،

قبل أيام جمعتني بصديقي، مدير إحدى المؤسسات الاقتصادية الكبرى، جلسة افتخر فيها بأنه قادر في أية لحظة على تقييم موظفيه، الذين يقارب عددهم أكثر من ألف شخص، كل ما عليه هو لمسة زر،

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2014

Tue - 23 Dec 2014



قبل أيام جمعتني بصديقي، مدير إحدى المؤسسات الاقتصادية الكبرى، جلسة افتخر فيها بأنه قادر في أية لحظة على تقييم موظفيه، الذين يقارب عددهم أكثر من ألف شخص، كل ما عليه هو لمسة زر، وخلال لحظات تأتي النتيجة، فهذا الموظف كفء ونشط، وذاك عديم الفائدة، ووفقا لذلك يتخذ القرار.

تناقشنا قليلا، وكان لي رأي مختلف، عدت إلى منزلي وأنا أتذكر حادثة سردها د. برونو لوساتو في كتابه الرائع «تحدي المعلوماتية»، فشركة وستنكهاوس لجأت إلى حاسباتها الالكترونية لتأخذ منها تقييما لكل موظفيها البالغ عددهم مائتي ألف موظف، وكانت النتيجة رائعة من الوجهة النظرية، لكنها في الواقع سببت كارثة كبرى لم تفق عليها الشركة إلا بعد فوات الأوان.

فلقد دلت الأبحاث التي أجرتها الشركة بعد ذلك على تلك النتائج، أن الذين نالوا أفضل التقييم وصعدوا على أساسه أعلى السلم الوظيفي، لم يكونوا الأفضل، بل كانوا أولئك الذين عرفوا أكثر من غيرهم كيف يجيبون على الأسئلة، نعم، ففي المجال الاقتصادي، وفي مؤسساتنا الكبرى، بل والصغرى أيضا، أصبح كل شيء لا يقبل المعالجة إلا داخل تلك الاَلات السحرية «الكمبيوتر»، فعلى سبيل المثال في مؤسساتنا الطبية يقيم أداء الطبيب بكم مريض عالج، وكم مريض أجرى له عملية ناجحة، ونسبة المضاعفات في مرضاه الذين تولى علاجهم، وكم أدخل من ربح لتلك المؤسسة، بالطبع هذه مؤشرات رائعة، لكنها لا تقيس كفاءة العمل الطبي بدقة، ولا الالتزام المهني والأخلاقي، فلا أدلة على كم مريض أهمل، وكم مريض أسيئت معاملته، وكم مريض طرد ولم يسجل في سجل المستشفى، وكم.. وكم.. وكم..! وقس على ذلك كل مؤسساتنا.

نعم للكمبيوتر رونق وجاذبية، ونعم يعطي الكمبيوتر مؤشرات ودلالات وتوقعات أكثر دقة، قد لا يمكن للبشر الوصول إليها إلا بشق الأنفس، ولكن يبقى التقييم الإنساني البشري هو الأهم في سد ثغرات التقييم المعلوماتي الفاتن، ترى هل كذب الكمبيوتر، أم أخطأنا نحن بتحميله كل العبء فيما لا يستطيع عمله!!