تونس تعزز مسيرة التحول الديمقراطي

الانتخابات الرئاسية التونسية التي انتهت أمس الأول بفوز مرشح حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي، سطرت صفحة تاريخية في الانتقال الديمقراطي للبلاد. صحيح أن حجم التحديات التي تنتظر القيادة الجديدة يعدّ كبيرا، إلا أن إنجاز هذه التجربة التي أفرزت أول رئيس يتم اختياره بانتخاب مباشر في تاريخ البلاد الحديث، يعطي الأمل بأن المسيرة ستستمر بذات الزخم الذي بدأت به، لا سيما أن السبسي تعهد فور الإعلان عن فوزه بالعمل مع منافسه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي من أجل مصلحة البلاد.

العالم الذي ينظر للتجربة التونسية بكثير من الاحترام تعهد بالعمل مع السلطات الجديدة وكل مكونات المجتمع للمساهمة في تعزيز المكتسبات الديمقراطية التي نص عليها الدستور الجديد وكذلك تطبيق الإصلاحات الضرورية للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي لمصلحة كل التونسيين.

سيكون دور الرئيس محوريا في المرحلة المقبلة قياسا إلى التحديات الأمنية والاقتصادية الهائلة التي تنتظر الحكومة المقبلةـ وبالتالي فإن إدارة البلاد في هذه المرحلة الدقيقة تحتاج إلى إصلاحات واسعة وجهد مضنٍ لجهة تعزيز الاستثمار الخارجي والتعاون الإقليمي في مكافحة الإرهاب.

إن من المهم أن تستصحب القيادة الجديدة في تونس أن هيمنة حزب واحد على مفاصل الدولة لن يكون في مصلحة الديمقراطية الناشئة التي تستلزم توزيعا للسلطات على أكثر من طيف سياسي. ومن شأن ذلك حماية الحقوق والحريات وتغيير الصورة النمطية التي كانت سائدة باحتكار حزب واحد للسلطة. اللافت في هذه الانتخابات هو مشاركة بعض رموز النظام السابق، وهو ما يمثل أيضا خطوة في الاتجاه الصحيح وذلك على خلاف ما جرى في بلدان أخرى من دول الربيع العربي اختارت منهجا مغايرا قام على العزل لبعض المكونات السياسية. ومثلما نجحت تونس في أن تتميز عن بلدان المنطقة بتبني منهج واضح يقوم على رفض الإقصاء بشكل مطلق، فإنها استطاعت أيضا تفادي الوقوع في شراك المحاصصة السياسية، حيث إن كافة المؤشرات تشير إلى أن خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية يعد من بين أكثر الخيارات ترجيحا.