طريق إيران إلى السلام النووي

فيما يستمر الدبلوماسيون الإيرانيون والغربيون في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ستزداد أهمية التفاصيل أكثر فأكثر. العناد والتشويش سيعيدان الجانبين إلى طريق مسدود. لكن هناك أملا على المدى البعيد إذا كانت إيران والولايات المتحدة مستعدتين للابتعاد عن الماضي.

فيما يستمر الدبلوماسيون الإيرانيون والغربيون في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ستزداد أهمية التفاصيل أكثر فأكثر. العناد والتشويش سيعيدان الجانبين إلى طريق مسدود. لكن هناك أملا على المدى البعيد إذا كانت إيران والولايات المتحدة مستعدتين للابتعاد عن الماضي.

الثلاثاء - 14 يناير 2014

Tue - 14 Jan 2014



فيما يستمر الدبلوماسيون الإيرانيون والغربيون في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ستزداد أهمية التفاصيل أكثر فأكثر. العناد والتشويش سيعيدان الجانبين إلى طريق مسدود. لكن هناك أملا على المدى البعيد إذا كانت إيران والولايات المتحدة مستعدتين للابتعاد عن الماضي. إيران ليس لديها الكثير لعرضه على مدى الـ 50 سنة التي سعت خلالها للحصول على الطاقة النووية. لديها فقط مفاعل تجاري واحد جاهز لإنتاج الكهرباء في بوشهر حصلت عليه من روسيا من دون أن تتعلم إيران الكثير عن التكنولوجيا الضرورية لصنع وبناء المفاعلات. إيران لديها أيضا مفاعل أمريكي قديم للأبحاث من فترة ستينات القرن العشرين في آخر مراحل الإنتاج للنظائر الطبية. المفاعل الذي يعمل بالمياه الثقيلة الذي تبنيه إيران في آراك، ظاهريا لإنتاج النظائر الطبية، يبقى عقبة رئيسية في المفاوضات. تصميم المفاعل الحالي يبدو مناسبا جدا لإنتاج البلوتونيوم الصالح لإنتاج القنبلة النووية أكثر منه للاستخدامات المدنية -وإذا كان إنتاج البلوتونيوم هو الهدف، سيستغرق الأمر عدة سنوات للوصول إلى مثل هذا الإنتاج.



فخر التكنولوجيا الإيرانية، برنامج أجهزة الطرد المركزي لليورانيوم، يستطيع أن يخصب في سنة ما تخصبه الجمعية الأوروبية (يورينكو) في حوالي خمس ساعات. زيادة عشرة أضعاف في قدرات أجهزة الطرد المركزي الإيرانية سيكون عليها تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لتزويد مفاعل بوشهر وحده. ومهما زادت إيران عدد أجهزة الطرد المركزي، لا يمكنها مطلقا أن تصل إلى الاكتفاء الذاتي لأنها لا تمتلك ما يكفي من احتياطي اليورانيوم الخام لبرنامج طاقة على نطاق كبير. تستطيع أن تشتري خدمات تخصيب في السوق العالمية تماما مثلما تشتري اليورانيوم الطبيعي لتغذية أجهزة الطرد المركزي. كل ما تملكه إيران الآن هو القدرة على إنتاج كميات قليلة من وقود المفاعل أو إذا قررت ذلك، ما يكفي لصنع قنبلة أو قنبلتين من اليورانيوم المخصب كل عام. وفي نفس الوقت، التكاليف المباشرة لبرنامجها النووي كانت ضخمة. والتكاليف غير المباشرة على البلد بسبب الاحتفاظ بخيار الأسلحة النووية مفتوحة، من حيث العزلة السياسية والعلمية والعقوبات الاقتصادية، مذهلة. إذا كانت إيران تريد في النهاية برنامج طاقة نووية مدنيا، سوف تتطلب مقاربة مختلفة بشكل أساسي. أفضل خيار اقتصادي لإيران سيكون ببساطة الخروج من مسألة دائرة الوقود النووي بالكامل، لكن هذا غير محتمل بسبب إصرار إيران على حقوقها السيادية بالحصول على الطاقة النووية.



الخيار الثاني هو القبول ببرنامج متوسط للكهرباء النووية يعتمد على مفاعل بوشهر وبناء مفاعل أو مفاعلين روسيين آخرين. تستطيع إيران عندها التخلي عن كل التطوير للطاقة النووية، بما في ذلك التخصيب والتخلص النهائي من الوقود المستعمل. إيران لن تفعل ذلك تحت الضغوط، ولكن وفقا لمصالحها الذاتية. إذا أصرت إيران على برنامج أصلي كبير للكهرباء النووية، تستطيع أن تنجح فقط من خلال التعاون الدولي، وليس العزلة. مثل كوريا الجنوبية واليابان، لا تستطيع إيران مطلقا أن تصبح مستقلة تماما لأنها تفتقر إلى كميات كافية من موارد اليورانيوم الذاتية. تحتاج الدول التي لا تمتلك بنية تحتية نووية صناعية وتنظيمية إلى عقود لإنتاج كميات كبيرة من الكهرباء النووية وهي تتطلب تعاونا قويا مع المزودين النوويين.



الدرس لإيران هو أن عليها أن تركز على تطوير قدرتها على عناصر تصنيع وقود نووي ومكونات المفاعل، وأن تتعلم كيف تبني مصانع طاقة نووية. اليابان وكوريا الجنوبية أصبحتا من الدول الرائدة في بيع المفاعلات من خلال ذلك. هذا يمكن أن يشكل خيارا عمليا ومشرفا. سيتم التخلي عن التخصيب المحلي لأنه غير اقتصادي. وإيران ستتجاوز إعادة تصنيع الوقود المستعمل لأنه ليس فعالا من حيث التكلفة. بالنسبة لمفاعل آراك، تستطيع إيران أن تجري تغييرات تقنية لتقليص مخاطر الانتشار النووي وأن توافق على إرسال الوقود المستعمل إلى خارج البلد لإزاحة القلق حول إنتاج البلوتونيوم. الحل الجذري الأفضل هو التعاون مع دول أخرى تبيع وتصنع المفاعلات وتضع تصاميم للتطبيقات الطبية والبحثية للحد من مخاوف الانتشار النووي. مثل هذه المفاعلات يتم تشغيلها كمنشآت دولية. هناك واحد تبنيه كوريا الجنوبية في الأردن مثلا. مثل هذا الترتيب سيجلب إيران إلى علاقة تعاونية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدلا من علاقة تصادمية، ويمكن أن تدمج برنامجها النووي بدلا من عزله. بعد ستين سنة من إعلان الرئيس آيزنهاور عن برنامج الذرة من أجل السلام، هناك درس واحد واضح: البرامج النووية المدنية تزدهر فقط من خلال التعاون والانفتاح. السرية والعزلة مؤشرات على برنامج أسلحة نووية.



إذا قبلت إيران هذه المقاربات العملية نحو الطاقة النووية، تستطيع أن تحل المأزق النووي بطريقة تخدم شعبها بشكل جيد ومقبولة من المجتمع الدولي. تخفيف العقوبات بشكل ملائم يمكن عندئذ أن يقنع طهران بتطبيق البروتوكول الإضافي لاتفاقية منع الانتشار النووي، مما سيوفر الشفافية غير المسبوقة المطلوبة لإظهار الطبيعة السلمية لبرنامجها. * Source: New York Times