معاقون ذهنيا بمهدئات جنسية وبلا رحم

بين مطرقة »التيسير« وسندان »التستير« تقف المعاقات ذهنيا دون أي وعي لما يدبر لهن، بداعي تيسير آلامهن في الظاهر، وحماية سمعة العائلة و»تستير البنت« قبل أي اعتبار في الباطن، موجة جديدة بدأت تدب في أوساط العائلات التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة الذهنية؛

بين مطرقة »التيسير« وسندان »التستير« تقف المعاقات ذهنيا دون أي وعي لما يدبر لهن، بداعي تيسير آلامهن في الظاهر، وحماية سمعة العائلة و»تستير البنت« قبل أي اعتبار في الباطن، موجة جديدة بدأت تدب في أوساط العائلات التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة الذهنية؛

الخميس - 20 مارس 2014

Thu - 20 Mar 2014



بين مطرقة »التيسير« وسندان »التستير« تقف المعاقات ذهنيا دون أي وعي لما يدبر لهن، بداعي تيسير آلامهن في الظاهر، وحماية سمعة العائلة و»تستير البنت« قبل أي اعتبار في الباطن، موجة جديدة بدأت تدب في أوساط العائلات التي لديها أطفال من ذوي الإعاقة الذهنية؛ يتم على أساسها إجراء عملية استئصال الرحم للفتيات في سن المراهقة وإعطاء المهدئات الجنسية للذكور المعاقين ذهنيا، باعتباره عملا مبررا بسبب القصور الذهني للفتيات، وعدم قدرتهن على العناية بنواحي النظافة الشخصية أثناء الطمث، فيما يكون الاعتراف الأخير هو احتمالية التحرشات والاغتصابات التي تتعرض لها المعاقات ذهنيا، ما يجعل احتمال الحمل سفاحا أمرا واردا، تواجهه الأسر بالتهرب من مسؤولية الحماية عبر استئصال الرحم نهائيا.



الضحايا من الجنسين



وتشير إحصائية وزارة الصحة إلى أن عدد المتخلفين عقليا في السعودية بلغ في العام الأخير 9580 حالة، مصنفة في بند التخلف العقلي، عوضا عن عدد كبير من التصنيفات الأخرى مثل الاضطرابات العقلية العضوية، والفصام، واضطرابات النماء النفسي، إضافة إلى الاضطرابات العقلية غير المحددة التي بلغ عدد المصابين بها 134199 مريضا على مستوى البلاد.

البنات لسن الضحية الوحيدة، ففي الجانب المقابل تلجأ بعض الأسر إلى إعطاء المهدئات الجنسية لأبنائها الذكور المصابين بالتخلف أو الإعاقة الذهنية في سن المراهقة، بداعي حمايتهم من تحرشهم بغيرهم أو تحرش الآخرين بهم.



الانحياز للسمعة



ورغم السرية الشديدة التي تغلف كل ما يحيط بالمسألة من قريب أو بعيد، إلا أن المجتمع يقف منحازا إلى سمعته في معظم الأحيان، بحسب الآراء التي استطلعتها «مكة».

«ليلى الصالح 35 عاما» قالت إنها تؤيد استئصال الرحم إذا كانت الأمهات لا يضمن تعرض بناتهن للإيذاء، سواء من قبل أفراد العائلة أو المراكز الصحية، فيما كشفت «أسماء الربيعان 30 عاما» أنها تعرف عائلة سافرت إلى دولة شقيقة وأجرت هذه العملية لابنتها بعد استخراج شهادة «داعي طبي للاستئصال».

وتقول «منيرة الأحمد 31 عاما» إنها لا تجد مشكلة في الأمر، خاصة أن هذه الفئة لن تتزوج أو تكون أما بأي حال من الأحوال.

بينما اعترضت «حصة الشهري 40 عاما» على هذا الإجراء، معتبرة أنه إهداء للمتحرش على طبق من ذهب ليزيد من جرأته، حين يتأكد من عدم قدرة الفتاة على الحمل.



مهدئات الغرب



من جهته، اعتبر أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز الدخيل أن أحقية الفئات الخاصة والمعاقين في الإنجاب والعيش بطريقة طبيعة هي نقطة جدل حتى في المجتمعات الغربية.



الاستئصال دون رجعة



وعدّ أن عواقب تعرض المعاقين للتحرش والاغتصاب مشكلة، ونتاج هذه المشكلة مشكلة أكبر، ولهذا يعتقد البعض أن استئصال الرحم حماية أو تخفيف من المضار، لكنه في الواقع تنصل من مسؤولية حماية المعاقين كما يجب.

وخطورة الاستئصال أو التعقيم للرجال والنساء أنها مسألة نهائية لا رجعة فيها، حتى وإن تحسن المعاقون يوما ما، ولو جزئيا.



فحص طبي دوري



في الوقت ذاته، دعت عضو جمعية حقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين إلى إجراء فحص طبي دوري للمعاقين، للتأكد من سلامتهم من أي تحرش، مؤكدة ضرورة تغليظ العقوبة على المتحرشين بذوي الإعاقات.

واعتبرت استئصال رحم المعاقات ذهنيا غير إنساني، وفيه تعد على إرادة الله الذي خلقهن كاملي الجسد.

مشددة على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات التي تضمن حماية هذه الفئة من التحرش، وزادت «للأسف هناك من تغتصب من المعاقات حتى من محارمها، فيجب أن توفر الحماية لذوي الإعاقات، ويجب تزويد مراكز العناية بهم بكاميرات مراقبة، وأن يراعى اختيار العاملين فيها، إضافة إلى عمل فحص طبي دوري للتأكد من سلامة المعاقين، وتجريم الأطباء الذين يقومون بمثل هذه العمليات».

ومن وجهة نظر زين العابدين؛ المهدئات ليست إلا وسيلة للإدمان



إلغاء الأنوثة



طبيا، قال استشاري أمراض النساء والولادة بجدة الدكتور صالح الشحري «إن 10% من السيدات التي جرت لهن عملية استئصال الرحم يتوقف فيها المبيض عن أداء وظائفه قبل موعد توقفه المتوقع المعروف بسن اليأس، وهي مسألة اليأس من الحمل وليس من الأنوثة، بمعنى أن استئصال الرحم لا يعد تعديا على كينونة المرأة و هويتها الجنسية، فحتى المستأصلة أرحامهن لأي سبب يتمتعن بما تتمتع به المرأة العادية، نظرا لأن المبيض هو المسؤول عن الهرومونات والتبويض وليس الرحم».

ونفى وجود أي آثار جانبية كبيرة للاستئصال قد تؤثر على هوية المرأة، فيما تكمن الخطورة في العملية فقط، مشيرا إلى أن المهدئات الجنسية إن استخدمت لا تعطى بشكل مستمر، خوفا على وظائف الكبد والكلى.



حق البدن والسمعة



على صعيد آخر، عرضت «مكة» القضية على عدد من رجال الدين الذين اعتذروا عن إعطاء رأيهم في المسألة، مشيرين إلى أنها بحاجة لفتوى عامة من هيئة كبار العلماء.

بدوره، قال عضو هيئة كبار العلماء عبدالله المنيع لـ»مكة» إنه لا بأس ولا حرج من إعطاء المهدئات الجنسية إن لم يكن لها أي آثار جانبية على متعاطيها في وقت تناولها أو في المستقبل، فيما تحفظ المنيع عن البت في حكم استئصال الرحم لفتيات الإعاقة الذهنية.

بينما قال الأستاذ المساعد في قسم الفقه بكلية الشريعة في جامعة الإمام الدكتور سامي الماجد: فيظهر لي والله أعلم، تحريم استئصال الرحم، ما لم يكن في بقاء الرحم تهديد لحياتها بتقرير الأطباء الثقات، وما سوى ذلك ليس مسوّغا لاستئصاله، وذلك لأن سمعة أهل الفتاة المعاقة ذهنيا أو ما تسمى في المصطلح الشرعي بالمجنونة أو المعتوهة، ليست أولى في الاعتبار من حق الفتاة في بدنها، وتقدير مشاعرها الفطرية، ومنها ميل الفتاة إلى مشاعر الأمومة، ومن الممكن تزويجها ولو كانت معاقة ذهنيا.

وأردف الماجد: تكلم الفقهاء قديما عن تزويجها، وفقدانها لعقلها لا يعني فقدانها لغرائزها الفطرية، ومنها الأمومة، وليس من حق أحد أن يصادر منها هذا الحق، وخشية إدخالها العار والسبة على أهلها بحملها من السفاح، فهذا مما يمكن درؤه بصيانتها وحفظها وسد كل ذرائع الفتنة أن تصل إليها، أو أن تكون صيدا سهلا لمرضى القلوب، كما أن استئصال رحمها لا يقيها من مغبة الفاحشة، بل سيزيد من طمع ضعاف القلوب بها متى أمنوا حملها؛ لأن ذلك أبعد عن فضح جريمتهم، واستمرارهم في بغيهم واعتدائهم الفاحش.

وأضاف «وفي رأيي إن الرغبة في استئصال رحمها ينبغي أن يجعل تُهمة يتهم بها وليها والقائم عليها في رغبته بالتخفف من مسؤولية رعايتها وحفظها وصيانتها والقيام بحقها، فيختار أهون طريق ليتقي شر كل فضيحة تدخل عليه من هذه الفتاة المسكينة التي يريدون أن يجمعوا لها بين مصيبتين: مصيبة فقدها عقلها، ومصيبة حرمانها من الأمومة بأسباب غير مقبولة شرعا ولا إنسانية».