الفساد يعرقل مواجهة حركة شباب الصومال
بعد عقود من الصراع الذي دمر البلاد، تتأهب الصومال حاليا وبمساعدة دولية، لشن حملة على حركة شباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة وسط وجنوب البلاد، رغم وجود مؤشرات على أن بعض زعماء العشائر الصوماليين ربما يشكلون عقبة أمام نجاح تلك الجهود، ومن ثم عرقلة إعادة إعمار البلاد
بعد عقود من الصراع الذي دمر البلاد، تتأهب الصومال حاليا وبمساعدة دولية، لشن حملة على حركة شباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة وسط وجنوب البلاد، رغم وجود مؤشرات على أن بعض زعماء العشائر الصوماليين ربما يشكلون عقبة أمام نجاح تلك الجهود، ومن ثم عرقلة إعادة إعمار البلاد
الاثنين - 10 مارس 2014
Mon - 10 Mar 2014
بعد عقود من الصراع الذي دمر البلاد، تتأهب الصومال حاليا وبمساعدة دولية، لشن حملة على حركة شباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة وسط وجنوب البلاد، رغم وجود مؤشرات على أن بعض زعماء العشائر الصوماليين ربما يشكلون عقبة أمام نجاح تلك الجهود، ومن ثم عرقلة إعادة إعمار البلاد.
في منتصف فبراير الماضي، رفعت مجموعة مراقبة الصومال وإريتريا تقريرا إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، كشفت فيه أن الأسلحة التي حصلت عليها الحكومة الصومالية بناء على قرار الأمم المتحدة بتخفيف تصدير الأسلحة للصومال، كانت تباع بواسطة بعض الجهات لمتطرفي حركة الشباب.
ووصفت عمليات تسريب الأسلحة للمتطرفين بأنها كانت “منهجية وتتم بواسطة مسؤولين على مستويات رفيعة في الدولة”.
وكان قرار حظر تصدير السلاح إلى الصومال قد اتخذ بواسطة الأمم المتحدة 1992م، إلا أن رفع الحظر الموقت الذي اتخذ العام الماضي مكن مقديشو من الحصول على الأسلحة الصغيرة والصواريخ وقذائف الهاون، وذلك في إجراء هدف إلى تقوية الجيش الحكومي ومساعدته على مقاتلة متمردي حركة الشباب.
كما احتوى التقرير الذي نشرته صحيفة مودرن طوكيو تايمز اليابانية على العديد من الملاحظات، مثل عدم إمكانية شحن الأسلحة للصومال من إثيوبيا وجيبوتي وأوغندا.
وقيام الحكومة الصومالية بإلغاء العديد من عمليات التفتيش الدولية على الأسلحة.
كما اتهم التقرير أحد المستشارين المقربين من الرئيس حسن شيخ محمود بالتورط في إيصال الأسلحة للقيادي بحركة الشباب الشيخ يوسف عيسى.
وأشار التقرير كذلك إلى قيام أحد الوزراء من عشيرة هبر غادر بإبرام صفقة لشراء أسلحة من إحدى الدول العربية وترحيلها إلى أماكن خاصة في مقديشو لاستخدامها بواسطة مقاتلي عشيرته.
ولم يكتف التقرير بذلك، بل قام بإيراد صور فوتوغرافية توضح عرض بعض تلك الأسلحة في سوق مقديشو، وأورد أرقامها التسلسلية”.
ومن المقرر أن ينتهي قرار تخفيف الحظر على تصدير الأسلحة إلى الصومال بنهاية مارس الحالي.
على الرغم من أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل القرار، لذلك يرجح أن يظل القرار ساريا حتى موعد تقديم تقرير جديد في أكتوبر المقبل حول انتهاكات الأسلحة.
وتعمل الحكومة الصومالية على إلغاء قرار الحظر بصورة تامة، والسماح لها بالحصول على الأسلحة الثقيلة والعتاد العسكري المتطور.
إلا أن تقرير الرصد أوصى بإعادة الحظر بصورة تامة، أو استحداث نظام مراقبة مشددة لحركة تنقل السلاح والحيلولة دون وقوعه في أيدي المتطرفين.
وتعليقا على التقرير، شكا مسؤولو الأمن الصوماليين من عدم قيام مراقبي الأمم المتحدة بتزويدهم بأي معلومات أو مستندات تثبت حدوث تسرب للأسلحة لحركة الشباب أو لعشائر أبغال أو هبر غادر، كما لم يوجهوا أصابع الاتهام لأي من مسؤولي القصر الرئاسي.
كما قال أحد مسؤولي الأمن إن هذه الادعاءات لا يمكن إثباتها إلا عن طريق البحث في الأسلحة التي تمتلكها حركة الشباب.
وقال “كيف علم المفتشون الدوليون أن الأسلحة الحكومية تم تسريبها للمتمردين؟ هذا موقف خطير من منسوبي الأمم المتحدة”.
بدوره وصف قائد الجيش الصومالي الجنرال ضاهر عدن علمي التقرير الأممي بأنه “ملفق وزائف وفاقد للمصداقية”.
على الرغم من أنه وجه بفتح تحقيق في كيفية حصول حركة الشباب على السلاح، وقال “لا بد أن حركة الشباب تحصل على السلاح بوسيلة ما، لأنها لا يمكن أن تسقط عليها من السماء”.
ومع ذلك، فإن قائد الجيش الصومالي يعتقد بوجود أهداف خفية تقف وراء عمل مراقبي الأمم المتحدة، وقال “فريق الرصد الأممي يريد استمرار وجود حركة الشباب إلى ما لا نهاية، من أجل الحصول على أموال من الجهات المانحة، لذلك يعملون بجدية لجعل الحكومة الصومالية ضعيفة وغير قادرة على مواجهة الإرهاب”.
“راكسانريب - 17 فبراير”.
التعاملات المشبوهة والتحديات الاقتصادية
تم إلقاء بعض الضوء على التعاملات المالية الغامضة للحكومة المركزية في الصومال، وذلك عندما استقال محافظ البنك المركزي يسر أبرار بعد 7 أسابيع فقط على تقلده مهام وظيفته، وذلك بعد تعرضه لضغوط متكررة لإجباره على الموافقة على معاملات مريبة يستفيد منها نافذون في الحكومة وأقاربهم.
وفي خطاب الاستقالة الذي وجهه للرئيس شيخ حسن محمود، شكا أبرار من عمليات الفساد والتدخل الحكومي المستمر في عمل البنك المركزي.
وقال “منذ لحظة تم تعييني، وصلتني مطالب عديدة لإجراء معاملات تتعارض مع قيمي الشخصية، وتتناقض مع مصلحة بلدي، وقد رفضتها بصفتي رئيسا للسلطة النقدية في البلاد.
والرسالة التي تلقيتها من أطراف متعددة هي أنني لا بد أن أكون أكثر مرونة، وأنني لا أفهم طريقة التعامل في الصومال”.
“سونا تايمز، 30 أكتوبر 2013”.
خلال الفترة الماضية، كانت تركيا الداعم الرئيس لإعادة الإعمار في الصومال، حيث قامت بتقديم الدعم التقني والمواد والفرق الطبية والمستشفيات الميدانية، والآلات ومختلف وسائل المساعدة الأخرى، بما في ذلك، على ما يبدو مبالغ مالية كبيرة.
إلا أن تقريرا نشرته رويترز مؤخرا نقلا عن مسؤولين في الحكومتين التركية والصومالية أشار إلى أن أنقرة كانت قد قررت في ديسمبر الماضي وقف الدعم المالي المباشر إلى مقديشو الذي بلغ 4 ملايين ونصف المليون دولار في شكل سندات يتم تحويلها إلى البنك المركزي الصومالي شهريا.
وبررت وزارة الخارجية التركية في بيان دعمها المالي للصومال بأن الأخير ليس لديه خدمات مصرفية “حريت - 16 فبراير”.
ولم يذكر البيان التركي ما هي التدابير التي اتخذت لتتبع هذه الأموال ومعرفة أوجه الاستخدام النهائي لها، على الرغم من أن هناك مخاطر كبيرة من إساءة استخدامها أو اختلاس جزء كبير منها، بسبب غياب الإجراءات المصرفية والمحاسبية في مقديشو.
وبعد أكثر من عقدين من الفوضى الاجتماعية والسياسية، فإن جهود إعادة الإعمار في الصومال لا يمكن لها أن تنجح إلا عقب القضاء على حركة الشباب المتمردة.
فالصومال تفتقر إلى اتفاقيات التجارة مع الغرب، كما أنها ليست عضوا في منظمة التجارة العالمية، مما يصعب من عملية الصادرات.
وتتمثل الغالبية العظمى من صادرات الصومال الحالية في الفحم النباتي والحيواني الذي ترسله إلى دول الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان واليمن.
ومن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الصومال كذلك تداول العديد من العملات على أراضيها، وبعضها لا قيمة له.
حيث تغيب الرقابة النقدية بالكامل، مع عدم وجود عملة رسمية بعد أن توقفت عملية طباعة العملة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد سياد بري عام 1991، مما أدى إلى وجود سوق سوداء مزدهرة في العملة.
ومع أن الحكومة الوطنية بدأت خلال الفترة الماضية توقيع صفقات النفط والغاز، إلا أن هناك خلافات عميقة لا تزال قائمة حول الصفقات التي وقعتها بعض الإدارات الإقليمية مثل بونتلاند خلال فترة عدم وجود حكومة مركزية فعالة.
“إيرين - 14 فبراير”.
عمليات بعثة الاتحاد الأفريقي
لمساعدة السلطات الصومالية في حربها على الإرهاب، قام الاتحاد الأفريقي بنشر عدد من الجنود، حيث وصل عددهم أخيرا إلى 22 ألف جندي من أوغندا وبوروندي وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا وسيراليون، إضافة إلى رجال شرطة من غانا وكينيا ونيجيريا وسيراليون وأوغندا.
وكانت السلطات الإثيوبية قد أرسلت جنودها إلى الصومال لتعمل بمعزل عن قوات الاتحاد الأفريقي في عدد من المناطق المتاخمة لحدودها، حتى تم التوصل أخيرا إلى اتفاق يقضي بانخراط القوات الإثيوبية ضمن قوات الاتحاد الأفريقي، وهو الاتفاق الذي يرى عدد من المراقبين أنه سيؤدي إلى تحسين أداء القوة الأفريقية في مواجهة قوات حركة شباب المجاهدين.
وبعد الاتفاق تم نشر القوات الإثيوبية في بلدوين في منطقة هيران، حيث تم إنشاء قاعدة جديدة، إضافة إلى منطقة بيدوا، حيث ستكون مسؤولة عن العمليات الأمنية في باي وباكول وجيدو “شبكة شابيل الإعلامية، مقديشو - 28 يناير”، وكذلك قامت أوغندا التي لديها ما يقرب من 8 آلاف جندي في الصومال بإرسال قوة جديدة مؤلفة من 1600 جندي بقيادة الكولونيل ويليام بينوموجيشا.
والآن يتأهب الجيش الصومالي لشن حملة عسكرية جديدة ضد قوات حركة الشباب بالتعاون مع قوات الاتحاد الأفريقي لاستعادة مدينة باردير في وادي نهر جوبا وميناء باراوي الواقع تحت سيطرة المتمردين الذين يتخذونه مقرا رئيسيا لهم وقاعدة لتدريب المتشددين منذ فقدانهم ميناء كيسمايو الذي استولت عليه القوات الكينية “جاروي أون لاين - 11 فبراير؛ موقع راكسانريب - 11 فبراير”، وإذا ما نجحت القوات الصومالية في ذلك، فإنه يعني ببساطة تقسيم قوات حركة الشباب، وتقليل مساحات حركتهم، وإيقاف أحد مصادر دخلها الرئيسية.
ولكن للأسف، فبدلا من توحيد الجهود كافة في هذا العمل الهام ضد المتطرفين، فإن بعض وحدات الجيش الصومالي في منطقة شابيل السفلى دخلت في مواجهات داخلية استخدمت فيها السلاح الذي جلبته الأمم المتحدة في قتال داخلي اندلع على أساس ولاءات عشائرية “شبكة شبيلي الإعلامية - 28 يناير، جاروي أون لاين - 29 يناير”.
وقال المتحدث باسم بعثة الاتحاد الأفريقي الكولونيل علي عدن حماد، وهو أحد أفراد البعثة الجيبوتية التي يبلغ عدد أفرادها 960 جنديا ينتشرون في منطقة هيران، إن خطة الهجوم تعاني من نقص في القوات البحرية، واقترح أن تواصل القوات الكينية فرض نفوذها على المنطقة الواقعة تحت سيطرتها في جنوب الصومال بدلا من التحرك شمالا، على أن تتم الاستعانة ببعض المروحيات التي طلب من الدول الأفريقية توفيرها.
ويبدي حماد أسفه لفشل الحكومة الصومالية في بناء قوة عسكرية كبيرة مثل قوات أميصوم التي يمكن أن تشارك في العمليات بصورة فعلية، وأعرب حماد عن استغرابه من أن الجيش الصومالي لا يزال ضعيفا رغم برامج التدريب المكثفة التي خضع لها أفراده، وقال “قامت قوات الاتحاد الأفريقي بتدريب أعداد كبيرة من الجنود الصوماليين.
لذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين ذهب هؤلاء؟”.
وتشكل الغارات التي تشنها طائرات الدرون الأمريكية داخل الأراضي الصومالية مصدر قلق كبير لحركة الشباب، حيث استهدف عددا من قادتها الذين سقطوا قتلى في تلك الغارات خلال العام الماضي.
وفي رد فعل على تلك الغارات، قامت الحركة بحملة اعتقالات لعدد من الأشخاص، بتهمة أنهم جواسيس يعملون لصالح الجيش الصومالي، وشملت الاعتقالات عددا من مقاتلي الحركة، كما أدت تلك الغارات إلى إيقاف الاتصالات الهاتفية بين أعضاء الحركة إلى الحد الأدنى، إضافة إلى تقييد تحركات قادتها، بمن فيهم زعيمها عبدي جودان، حيث إن استمرار هذه المكالمات يعرضها للتتبع ومن ثم يكون قادتها عرضة للاستهداف.
وعلى غرار ما يحدث داخل الجيش الصومالي، تعاني حركة الشباب من وجود نزاعات كبيرة في داخلها، مما يهدد بانقسامها وتشرذمها إلى مجموعات متفرقة إذا قتل جودان الذي نجا من محاولتي اغتيال خلال الفترة الماضية، وكانت تقارير قد أكدت أن زعيم المتمردين لديه شكوك في ولاء حراسه الشخصيين.
ولتقليل احتمالات الوشاية بزعماء الحركة، تم إجبار شركة الاتصالات التي توفر خدمة الاتصالات السلكية واللاسلكية بقطع خدمات الانترنت عن جنوب الصومال، حتى لا يحدث أي نوع من التواصل بين السكان المحليين والمخابرات الأميركية أو قوات الاتحاد الأفريقي، “سونا تايمز - 10 فبراير”.