قطر تلعب تحت الطاولة في أشد الملفات حساسية

تضج في أرجاء واشنطن على مدار الساعة، أنباء وتحليلات تحمل في طياتها الإنجليزية، عبارات عدائية تجاه المملكة العربية السعودية، متأتية من محطة الجزيرة أمريكا التي أطلقت بالتزامن مع الاتفاق النووي الإيراني الغربي قبل أشهر عدة.
وتلك المواضيع والتحليلات جعلت المتتبع الأجنبي يتملس وجود

تضج في أرجاء واشنطن على مدار الساعة، أنباء وتحليلات تحمل في طياتها الإنجليزية، عبارات عدائية تجاه المملكة العربية السعودية، متأتية من محطة الجزيرة أمريكا التي أطلقت بالتزامن مع الاتفاق النووي الإيراني الغربي قبل أشهر عدة.
وتلك المواضيع والتحليلات جعلت المتتبع الأجنبي يتملس وجود

الجمعة - 07 مارس 2014

Fri - 07 Mar 2014



تضج في أرجاء واشنطن على مدار الساعة، أنباء وتحليلات تحمل في طياتها الإنجليزية، عبارات عدائية تجاه المملكة العربية السعودية، متأتية من محطة الجزيرة أمريكا التي أطلقت بالتزامن مع الاتفاق النووي الإيراني الغربي قبل أشهر عدة.

وتلك المواضيع والتحليلات جعلت المتتبع الأجنبي يتملس وجود حرب خفية متصاعدة تشنها قطر ضد المملكة، إلى جعل صحيفة “فاينانشال تايمز” تعنون افتتاحيتها أخيرا بهذا السؤال: هل تصبح قطر صديقا أفضل للغرب من السعودية؟



تحت الطاولة



وأبرز تجليات هذه الحرب محاربة الحلفاء “العرب” التقليديين للسعودية كمصر، مرورا بإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار الإقليمي بتحالفاتها كتحالفها مع جماعة الإخوان المسلمين، واللعب “تحت الطاولة” في أشد الملفات حساسية في اليمن وسورية وإيران وإسرائيل وروسيا، وانتهاء باستخدام “القوة الناعمة” في ترويج الأكاذيب وتشويه سمعة المملكة وإجهاض كل المحاولات الرامية لتجسير الفجوة مع الغرب في عدد من ملفات المنطقة.

ويؤكد رئيس معهد الشرق الأوسط الروسي يفغيني ساتانوفسكي أن “قطر ستدعم الإخوان المسلمين ليس في مصر أو تونس وليبيا أو حماس غزة فحسب، بل في دول الخليج أيضا، وهي تحتفظ بالأب الروحي للجماعة -المصري الأصل القطري الجنسية يوسف القرضاوي – لإحداث نوع من التوازن مع قوة السلفيين في السعودية”.



طموح قطر



وكتب الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية“CSIS” برنارد هايكل قائلا: لدى قطر استراتيجية طموحة لاستخدام القوة المالية للسيطرة على المنطقة، وبالتالي ضمان أمنها الداخلي.

وفي هذا السياق تؤكد صحيفة “نيويورك تايمز” أن “قطر حققت تقدما في المنطقة أخيرا، لكن السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي طويلا خاصة أن الغرب لن يقبل بسهولة فكرة أن تتبوأ قطر مكانة السعودية”.



الدولة القزم



وأجمل الكاتبان جورج مالبرونو وكريستيان تشيسنو - من أشهر الصحفيين الفرنسيين فى شؤون الشرق الأوسط - في كتابهما الجديد: “ قطر، أسرار الخزينة”، تفاصيل وأسرار كثيرة عن “طموحات الدولة القزم التي تشبه الغيلان حين تتعملق”، على حد وصفهما!قطر تقدم نفسها للغرب اليوم باعتبارها الدولة العربية الوحيدة الموالية والقادرة على خدمة مصالحه عبر الفضاء وعلى الأرض، وربما تمثل قناة الجزيرة “باللغة العربية - 1996” ثم قناة الجزيرة “أمريكا - 2013” أبلغ دليل على ذلك.



الزعامة الحلم



وظنت قطر أنها وفرت الحماية الأمنية لنفسها باستضافتها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين وهي تتبنى استراتيجية “طويلة المدى” لانتزاع الزعامة الإقليمية فأنشأت علاقات قوية ومتميزة مع إسرائيل وإيران في الوقت نفسه، ظنا منها أنها تستطيع أن تتبوأ مكانة كمكانة المملكة العربية السعودية.

وأصبح حكام قطر على قناعة، بأن الفرصة قد حانت مع ثورات ما يعرف بالربيع العربي، لتقلد هذه الزعامة الإقليمية، ويظنون أن عقبتهم الوحيدة مكانة السعودية، وفي ضوء ذلك يجب أن تقرأ التحركات القطرية الحالية والمقبلة.



قناة الجزيرة



وتعد قناة الجزيرة أصدق تعبير عن “الهوية” الوطنية لدولة قطر وطموحاتها في مجال السياسة الخارجية، ومنذ عام 1995، أصبح عداء قطر لبعض أشقائها العرب كالسعودية ومصر أشبه بحالة مستعصية يصعب الشفاء منها، وهو ما يفسر الدعم المطلق للثورات العربية “2011” وانخراط قناة الجزيرة بشكل كامل في تغطية حية للأحداث في تونس ومصر، بينما استطاع السعوديون والأمريكيون تحجيم قطر في تغطية أحداث البحرين، إلا أن الجزيرة أمريكا دخلت على الخط وبطريقة أكثر عداء.



 



الدوحة صعدت من دون قوة صارمة



يقدم المحللون العقلانيون في واشنطن قراءة للوضع القطري وتحركات الدوحة تختصر بالنقاط الآتية:



1 - لا شك في أن الجهود الحثيثة التي بذلتها قطر لتوسيع نفوذها على مدى العقدين الماضيين (1995 – 2014)، ولا سيما منذ عام 2011 أثمرت بالفعل، فقد كانت قطر حريصة على تصعيد تورطها (كدولة كبرى!) في شؤون جيرانها، فدعمت الثورات في مصر وليبيا وتونس فضلا عن المعارضة السورية. وربما يبالغ القطريون في تقدير إمكاناتهم بالنسبة للقوة الناعمة. صحيح أن قطر لديها المال، ولكنها لا تملك أياً من عناصر القوة الصارمة الأخرى، ناهيك بأنها محل انتقاد بسبب تدخلها في سوريا ودعمها للإخوان المسلمين من بعض دول العالم.



2 - إذا كانت هناك دولة عربية لديها مكانة كبيرة لدى العرب والمسلمين (السنة) في جميع أنحاء المنطقة، فهي المملكة العربية السعودية وليست قطر أو أية دولة أخرى، ليس فقط بامتلاكها للقوة الناعمة من “دعوة” و”مركز للإفتاء” أو بسبب “القوة المالية”، إنما لأنها بالأساس هي موطن لاثنين من أقدس الأماكن الإسلامية هما مكة المكرمة والمدينة المنورة.



3 - قد يبدو أن تحركات قطر أكثر فعالية وحيوية من السعودية، خاصة في استخدام وسائل الميديا والتكنولوجيا والقوة المالية لتحقيق طموحاتها السياسية (سريعا)، لكن استراتيجيتها على المدى البعيد محكومة بالفشل لأنها تقوم أساسا على الهدم وبأي ثمن وليس البناء والتأسيس وهو ما قامت به السعودية في العالمين العربي والإسلامي على مدى أكثر من نصف قرن.



4 - قد يكون الحلم القطري بالهيمنة الإقليمية، هو التمني المخيم على بعض أقطاب القوى في الغرب (المعسكر الصناعي – العسكري) مثل المحافظين الجدد والاتجاهات اليمينية في أوروبا، الذين يدفعون الأمور دفعا باتجاه الحروب الجديدة في المنطقة.



5 - ربما كانت الحكمة المستخلصة من الحروب قاطبة على مر التاريخ هي: “حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه وليس السلاح الذي يحاربك به” .. وهنا بالتحديد يكمن الفوز بالمعارك في العصر الحديث، فما هو هذا السلاح الذي تخشاه قطر وكيف نستخدمه ومتى؟



 



الجزيرة أمريكا: السعودية محاصرة وخائفة



جاء في مقال نشرته الجزيرة أمريكا الآتي:



رأى السعوديون مزيدا من الأدلة على تحول الولايات المتحدة عبر استعدادها للخوض في مفاوضات مع كل من الحكومة الإيرانية والسورية، إضافة إلى أن إعلانها سحب قواتها من أفغانستان سبب لهم الرعب.

شعر السعوديون بأنه لا يمكنهم الاعتماد على حماية الجيش الأمريكي بعد الآن في حال حاجتهم إليه، ولذلك قرروا أن يقوموا بخطوة مستقلة عن الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، أصبحت علاقات المملكة العربية السعودية مع الجماعات الإسلامية أكثر صعوبة، وكانوا حذرين للغاية من أي مجموعة على صلة بتنظيم القاعدة.

والأمر الذي يشعرهم بالقلق هم السعوديون الذين ذهبوا إلى سوريا للمشاركة في القتال، إذ يخشون أن يعمد هؤلاء بعد عودتهم للمملكة إلى القيام بأعمال تخريبية.



 



اليمن.. لعب بالنار



لم تعد الشكوك تحيط بالدور القطري في إثارة الفوضى والتطرف في اليمن، إذ كشفت وزارة الخزانة الأمريكية حديثا عن التمويل القطري لتنظيم القاعدة في اليمن ليس فقط لإفشال مساعي السعودية في احتواء الإرهاب المتصاعد هناك، وإنما أيضا من أجل انتقال هذه الفوضى إلى داخل السعودية، وتهديد سلامة أكبر منتج للنفط على مستوى العالم.

استراتيجية قطر تقوم على أن اليمن (ثلث المعتقلين الإرهابيين في جوانتانامو من اليمنيين) يشكل أهمية استراتيجية ليس فقط للسعودية التي تلعب دورا مشهودا في مقاومة الإرهاب ولكن للعالم كله، لأنها الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي يمكن تمرير النفط عبرها إلى البحر المفتوح دون المرور عبر أي مضيق - سواء مضيق هرمز أو قناة السويس- وتعريض هذا الممر للخطر يعني تعريض شريان الطاقة الذي يغذي الاقتصاد العالمي.



 



روسيا وإيران وشبكة "فولتير"



استطاعت قطر أن تتلاعب بالأزمة السورية من النقيض إلى النقيض عن طريق فتح قنوات للتواصل غير المباشر، مع الرئيس السوري بشار الأسد قبل مفاوضات “جنيف 1” عام 2013، عبر وسيط روسي، في نفس التوقيت الذي سربت فيه للغرب مزاعم بأن السعودية تسعى لشراء عشرة رؤوس نووية من باكستان، وأن التعاون النووي لم يتوقف منذ عشرات السنين بينهما.

كما قامت قطر بالتمويل “السري” للعديد من المواقع والشبكات الأجنبية المؤيدة للنظام السوري (بشار الأسد) عبر وسطاء في أوروبا، غرضها الأساسي إظهار أن المملكة تقف وراء الحرب الأهلية والإرهاب في سوريا، ومنها شبكة “فولتير” التي يديرها الصحفي الفرنسي تيري ميسون.

أما التمويل العلني للعديد من التقارير مدفوعة الأجر في الصحف والميديا ومراكز الدراسات وبيوت التفكير والمشروعات البحثية في الجامعات الأمريكية في واشنطون وبنسلفانيا وكاليفورنيا ونيويورك، فإنها تسعى من خلاله إلى محاصرة الحضور السعودي في معقل الرأي العام العالمي عن طريق مضاعفة التمويل والمكافآت المجزية للباحثين والإعلاميين الغربيين.



 



سوريا.. حرب داخل الحرب



إذا كانت قطر تدعم الإخوان المسلمين الآن في مصر مقابل دعم السعودية للجيش المصري، فإنها تمارس حربا داخل الحرب في سوريا عن طريق دعم الميليشيات المتطرفة، وتقسيم المعارضة وتشتيتها بما يضر بالمواقف العربية والمعارضة السورية على الأرض ويخدم نظام بشار الأسد ويطيل أمده في قمعه لشعبه، ويمكنه من الترشح مرة أخرى للرسائة هذا العام.

وأدى الموقف القطري المشبوه قبل مفاوضات “جنيف 2” مباشرة، إلى إثارة خلافات داخل الوفد المشارك ومنعه من توحيد صفوفه (حسب وكالة رويترز 15 يناير 2014) مما أضعف فرصة الوصول إلى حل، وأجهض المساعي السعودية لذلك.

ومثلما قادها طموحها إلي تحويل اهتمامها من دعم الثوار الليبيين في إسقاط القذافي، إلى تمويل الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في مالي، وفقا للباحث في “مركز الدراسات والبحوث الدولية” رولان مارشال، فإنها تقوم بالدور نفسه في سوريا لتأجيج الأوضاع ليبقي الوضع كما هو عليه، أي لمصلحة النظام القمعي القائم وليس العكس.

فقطر أصبحت بمثابة الباب الخلفي لتمويل الإرهاب الأسود في العالم، من خلال الجمعيات الخيرية في سويسرا وأوروبا وبأسماء مستعارة لرجال أعمال قطريين ضبطوا حديثا وتم الكشف عن هويتهم والمبالغ التي حولت إلى قادة التنظيم في سوريا واليمن والعراق.