ياسر عمر سندي

خالد في ذاكرة العالم

الأربعاء - 10 ديسمبر 2025

Wed - 10 Dec 2025


نترقب عملا جديدا عن سيرة عظيمة تروي مرحلة متميزة من إرثنا الإسلامي المجيد، مانحا المملكة نموذجا آخر من الحضور الثقافي العالمي ضمن استراتيجية صناعة المحتوى المعرفي الإبداعي.

ما أعلنه مؤخرا معالي المستشار تركي آل الشيخ لفكرة طرح فلم سينمائي يليق بتقديم عمل جليل للصحابي خالد بن الوليد كشخصية عسكرية ورمز لمرحلة مفصلية في صدر الإسلام شهدت تحولات إنسانية وفكرية كبرى، من مكة إلى اليرموك وما بعدها. كما أن مقاربة السيرة في هذا العمل لا تعتمد على السرد التقليدي بل تستلهم منه رؤى بحثية حديثة توازن بين الدقة التاريخية والقدرة الدرامية على تجسيد أسطورة قيادية.

يعتبر بطلنا قائدا استثنائيا في فهمه للواقع، سريع البديهة، واسع الحيلة، وصاحب قدرة على اتخاذ القرار في اللحظة الحرجة. هذه المفاهيم تم تعزيزها مع قائد الأمة عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام، والتي يتم تدريسها كاستراتيجيات حرب خالد بن الوليد العسكرية ومنهج عملي في كليات الحرب والقيادة، خاصة في الأكاديميات العسكرية حول العالم وبعض المؤسسات الأكاديمية المتخصصة لتركيزها على الهجوم غير المباشر، وسرعة الحركة، واكتساب زمام المبادرة، وتكتيكات المناورة، التي تعتبر نماذج دراسة حالة في فن الحرب وتاريخه، والتي ستجد طريقها بصياغة مرئية عالميا.

ما يميز هذا العمل ليس استعادة التاريخ وإعادة إنتاج الصور النمطية المقروءة والمسموعة، بل مشروع وطني تتكامل معه الفكرة والإدراك للفهم العميق لهوية المملكة الثقافية. فالعالم اليوم يستقرئ الدول عبر ما تقدمه من سرديات وقيم، والسعودية العظمى باعتبارها حاضنة للتراث الإسلامي ومركزا للتحول الحضاري تعيد تقديم قصص الصحابة بصيغة معاصرة تجعلها في متناول الجمهور بأدوات حديثة، ومعايير إنتاجية عالمية تضاهي أكبر المشاريع الضخمة.

سيتم إسناد الفيلم لفريق إخراج عالمي قادر على تحويل الامتداد الزمني للأحداث لتجربة بصرية مذهلة غير مسبوقة لتلك الفترة من لقطات المعارك الكبرى، والعمران القديم، وحركة القبائل، والطرق التجارية، والتي ستقدم بمعايير تكنولوجية متقدمة تحاكي ذلك الواقع ليعيش المشاهد طبيعة الأحداث وتفاصيلها باستحضار مساحات ذهنية ملهمة لمن أراد أن يتعرف على ديموغرافية وطيبوغرافية تلك الحقبة الذهبية بأبطالها وظروفها كما هي.

المزج بين الخبرات العالمية والرؤية السعودية يمنح الفيلم ميزة نادرة، حيث لا يكتفى بأن يكون ملهما فحسب بل مفهوما ومؤثرا لدى مشاهدي الشرق والغرب على حد سواء، وذلك باستضافة مجموعة من الممثلين العالميين، في خطوة جريئة تتناول تاريخ صدر الإسلام. بتوليفة تؤكد على أن القصة الإسلامية قادرة على أن تكون موضوعا مشتركا بين الثقافات، مفاده بأن الإرث العربي يتعدى الحدود الجغرافية ويتسع ليكون تراثا إنسانيا.

هذه المشاركة العالمية ستمنح العمل صدى أكبر، وتفتح باب الحوار الذي يتجاوز سطحية التمثيل إلى استقراء أعمق للمعاني والقيم التي يحملها التاريخ الإسلامي بخطاب جديد ترسله المملكة ليتخطى بسهولة حدود الدول وجدران البيوت وطبقات العقول ليعرف الجميع بممتلكاتنا ذات القيمة الإنسانية السامية.

عبر مشروع متقن يبقى أثرا خالدا في ذاكرة العالم نباهي به كقوة معرفية ناعمة أدبيا وثقافيا من سرديات حضاراتنا التي نعتز بها.

Yos123Omar@