باسل النيرب

لماذا يصنع الجمهور أخبارا كاذبة؟

الأربعاء - 15 أكتوبر 2025

Wed - 15 Oct 2025


يعرف التضليل بأنه معلومات كاذبة تنشر عمدا لخداع الجمهور أو تضليلهم، بينما المعلومات المضللة هي معلومات غير دقيقة تنشر عن طريق الخطأ، دون قصد إلحاق الضرر بالآخرين. عالميا تعد الأخبار الكاذبة مشكلة متنامية وقد أصبحت أكثر انتشارا وتنوعا، وخاصة مع تنوع تأثير الأخبار الكاذبة وتعدد مواقع ومنصات الانتشار التي ارتبطت بمفهومي «التضليل» و«المعلومات المضللة».

ومع صعود وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أكثر انتشارا باتت الأخبار التي صنفت بالكاذبة قضية عالمية، فعلى سبيل المثال وفي جنوب آسيا جاءت الفلبين في المرتبة الأولى في انتشار الأخبار الكاذبة بنسبة 88%، ثم تايلاند 82%، وفي المرتبة الثالثة ماليزيا 77%، وهذا يشير إلى أن الأخبار الكاذبة مشكلة عالمية وخاصة في ظل انتشار منصات التواصل الاجتماعي والجمهور هو المرسل والمستقبل في الوقت ذاته.

وهنا نطرح سؤال لماذا ينشر الجمهور الأخبار الكاذبة؟
ضمن التفكر البسيط يظهر السبب الرئيسي في جذب الانتباه، وفي أحيان يكون السبب التأثير على السياسة، حيث تعرف هذه الأسباب عادة بـ»Ps»: ضعف الصحافة، السخرية، الاستفزاز، العاطفة، التحزب، الربح، والسلطة والدعاية، وتبقى الأخبار الكاذبة وما فيها من سلبيات تطال الفرد والمجتمع والدولة ليست عابرة في الحياة اليومية، بل لها تأثيرات، ومن التأثيرات الملاحظة:
  • زعزعة الانسجام والوحدة الوطنية، لأن المعلومات التي تنطوي على عناصر عرقية أو دينية أو سياسية قد تثير الجدل أو الاقتتال أو الانحياز لأحد الطرفين. وتؤدي إلى صراعات اجتماعية وشغب وانتقام غير مبرر، مما يهدد الاستقرار والأمن الوطني.
  • الإضرار بالصحة العامة، وضمن سياقات الأزمات الصحية، فالمعلومات غير الصحيحة أو المضللة حول المرض أو طرق العلاج أو التدابير الوقائية قد تسبب ارتباكا وسوء فهم لدى الجمهور، مما يؤثر على الصحة العامة وأنظمة الرعاية الصحية.
  • الإضرار بالسمعة والمصداقية، من خلال حملات التشهير التي تقوم بها الجهات القائمة على الحملات الكاذبة، فقد يلحق انتشار الأخبار الكاذبة الضرر بسمعة ومصداقية الأفراد أو المنظمات أو المؤسسات ونشاطات الدولة كذلك، قد تكون هذه الآثار طويلة الأمد ويصعب التعافي منها، حتى بعد دحض الأخبار الكاذبة.
  • التشجيع على الجرائم الالكترونية، يمكن للأخبار الكاذبة استغلال نقاط ضعف عند المستخدمين أو مخاوفهم من سرقة البيانات أو من خلال الدعوة لتثبيت برامج ضارة أو تعطيل أنظمة الحاسوب، لتسبب في خسائر مالية، وتهدد ثقة المستخدمين في أمنهم الرقمي.
  • التأثير على العلاقات الدولية، لأن الأخبار الكاذبة التي تتناول دولا أخرى أو قضايا عالمية قد تسبب سوء فهم أو توترات أو صراعات بين الدول، وتقوض الثقة والتعاون بين الدول، وتؤدي إلى ردود أفعال دبلوماسية انتقامية أو عقوبات اقتصادية أو استغلال القضية لتحقيق مصالح سياسية داخلية.
  • الإضرار بالاقتصاد، فيمكن أن يؤثر انتشار الأخبار الكاذبة على النمو الاقتصادي وثقة المستثمرين، فالأخبار الكاذبة حول الركود الاقتصادي، أو فشل الشركات الكبرى، أو التغييرات المفاجئة في السياسات، قد تثير الخوف وعدم اليقين في السوق. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار الأسهم، أو سحب رؤوس أموال كبيرة، أو إلغاء خطط استثمارية تهدد الاستقرار السياسي أو الأمني والاقتصادي.
ومع انتشار المعلومات التي منها الكثير من الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة على منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، يمكن اتباع عدد من التقنيات التي تساهم في تحديد أنماط المعلومات المضللة بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، ومنها مراقبة الوقت الحقيقي في رصد المنشورات أو القصص المشبوهة أو المضللة ضمن موجزات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي.

كذلك التحقق من المحتوى، فيمكن للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التحقق مما إذا كانت الصور ومقاطع الفيديو والوسائط المتعددة الأخرى حقيقية أم معدلة، فيمكن اكتشاف الصور المعدلة، ومقاطع الفيديو المفبركة، أو المحتوى المنتزع من سياقه، كذلك تحليل سلوك المستخدم بواسطة الذكاء الاصطناعي الذي يسمح بتتبع أنماط مشاركة المعلومات عبر الإنترنت، مما يساعد على رصد الحسابات التي تنشر أخبارا كاذبة بشكل متكرر، من خلال تحليل صلاتها بمصادر غير موثوقة أو محتوى مشبوه، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد المستخدمين الذين قد ينشرون معلومات مضللة. يتيح هذا للمنصات الإبلاغ عن الحسابات الضارة أو تقييدها، ويساعد على منع وصول المعلومات المضللة إلى المزيد من الأشخاص.