مانع اليامي

الاستقرار الاجتماعي «إذا كنت في نعمة فارعها»

الثلاثاء - 19 أغسطس 2025

Tue - 19 Aug 2025


خلصت في مقالي الفائت تحت عنوان «المجتمعات المنغلقة.. تبحث عن مذبحها» إلى ما خلاصته أن المجتمع المنغلق في أي مكان غالبا ما يكون على مقربة من الصراعات المفرطة بداية في داخله، إما نتيجة لفقدان التوازن أو عطفا على هشاشة الانسجام في أقل التقديرات، خلصت أيضا إلى أن الحالة كما يظهر مرتبطة من أساسها بالنشأة على ما يمكن توصيفه بمشروع الخصومة، يزيد المسألة تعقيدا تدني الوعي والعلة في كثرة بسطاء العقول إلى ذلك غياب أو تغييب فكرة إعمال العقل التهمة المرافقة لهذا النوع من المجتمعات.

على أية حال إذا كان تدني الوعي مصيبة تولد التشدد الذي يصعب مع حدوثه إصلاح الاعوجاج أو رتق الخلل، فإن تغيب العقل أو غيابه حالة أشد وقعا غير أنها لزوم ما يلزم للمراوحة في المكان ذاته في محيط مليء بالحواجز، وهنا تتعثر خطى الخروج من ضيق الآني وتعرجاته إلى براح الآتي.

عموما، في عالمنا اليوم وعبر وسائل الإعلام الاجتماعي بما فيها من وسائط الهيمنة على الكثير من جوانب الحياة هناك ما يلفت النظر، يتعالى صوت المكاشفة المصحوبة بالحدة وتناثر الأسئلة التي لا تستوعبها تأملات الظهيرة كما يقال، بعض المجتمعات على مستوى الوطن العربي يخون بعضها بعضا، وتقصي من يخالف التوجه أو الراي - فوضى عدم التوافق حاضرة عارية، ويبقى المثير للدهشة أن المزايدات تدخل على الخط في كل جدال - المزايدات على اللحمة الوطنية تقفز إلى قلب المشهد وقبلا الوطنية نفسها.

وبعيدا عن كل جدال تبقى الوطنية بسمو معناها في أي زمان وأي مكان لا تقاس بطول الكلام ولا بقصره أيضا كميته، حتى وإن أتت الكلمات منمقة، العبرة في الأثر الصادق وترجمة الأقوال إلى أفعال نزيهة وصادقة تسهم في رفعة الوطن وصون مكتسباته وخدمة أهله بصدق وإخلاص، في المقابل اللحمة الوطنية ليست مجرد شعار، بل وعي عميق بأهمية التماسك وعظيم مردوده العام الإيجابي على الأرض والناس سلاما وأمنا.

ما أريد الوصول إليه في الختام هو أن المجتمع الذي لا يصارح نفسه ويواجه مكامن الخلل داخله ويتكيف مع المتغيرات لركوب قطار التحول السريع إلى المستقبل، مجرد مجتمع مريض في حالة تطبيع مع الأخطاء في نظر الآخرين، حتى وإن تصاعد التصفيق. أخيرا «إذا كنت في نعمة فارعها» وكفى. أنتهي هنا وبكم يتجدد اللقاء.