نظم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بالتعاون مع مركز البحوث والتواصل المعرفي، محاضرة بعنوان «خزائن الكتب والمخطوطات - واقع المخطوطات في العراق بين الأمس واليوم»، قدمها المؤرخ العراقي عضو اتحاد المؤرخين العرب الدكتور غازي حميد موسى، وأدارها الدكتور عبدالرحمن الخنيفر، ضمن إطار اهتمام المركز بتوثيق ذاكرة الأمة، والحفاظ على إرثها العلمي والثقافي.
وسلط الدكتور موسى الضوء على جذور الكتابة عند العرب والمسلمين، وأن ما وصل من مخطوطات هو نتاج جهود متراكمة لعلماء ووراقين وناسخين وحرفيين، كرسوا حياتهم للعلم والكتابة، مشيرا إلى أن العرب عدوا الكتابة حرفة وصنعة، والقراءة فضيلة أخلاقية وثقافية، ما منح الكتاب مكانة شبه مقدسة في الحضارة الإسلامية.
وتناول الأدوات التي استخدمها العرب في الكتابة قبل انتشار الورق، مثل الجلود والرق والعظام، مبينا أن دخول الورق إلى بغداد في القرن الثاني الهجري، بدعم من الخليفة العباسي هارون الرشيد، أسهم في ازدهار حركة التدوين والترجمة التي بلغت ذروتها مع تأسيس مكتبة بيت الحكمة، حيث شكلت منارة حضارية بارزة قبل تدميرها عام 656هـ (1258م).
واستعرض عضو اتحاد المؤرخين العرب أبرز خزائن الكتب التي فقدت خلال تلك النكبة، مثل مكتبة بيت الحكمة، ومكتبة المدرسة النظامية، والمكتبة القادرية، وخزانة المدرسة المستنصرية، وخزانة دار العلم في الموصل، إلى جانب مكتبات في البصرة، ومسجد الزيدي ببغداد، التي لا تزال تفاصيل كثيرة عنها مفقودة بسبب ضعف التوثيق.
ونوه الدكتور موسى بأهمية السعي لاستعادة ما يمكن من هذا التراث المهدد، والحفاظ عليه للأجيال القادمة، مشيرا إلى المخطوطات العراقية في العصر الحديث التي تعرضت للفقدان والتلف كمكتبة الباب المعظم في بغداد التي كانت تضم أكثر من 7500 مخطوطة نادرة بعدة لغات، ومكتبة المتحف الوطني العراقي التي احتوت على آثار لحضارات بلاد الرافدين، والمجمع العلمي العراقي في حي الوزيرية الذي فقد منه نحو 80% من مجموع مخطوطاته البالغة 728 مخطوطا، إلى جانب 60 جهاز حاسوب يحوي نسخا رقمية منها.