حسين باصي

الحواجز التي تعيق الابتكار التكنولوجي

الاثنين - 02 سبتمبر 2024

Mon - 02 Sep 2024

عندنا نشاهد التطورات التقنية في السنوات الأخيرة، نجد أننا سنصل إلى تحقيق توقعات أفلام الخيال العلمي قريبا.

أتحدث هنا من جوالات واتصالات إلى إعادة تدوير المخلفات وغيره.

إلا أن هذا التقدم لا يخلو من تحديات رهيبة في عالم التطور التقني.

فالابتكار التكنولوجي رغم أهميته الحيوية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يواجه مجموعة من الحواجز التي قد تعيق تقدمه وتحد من أثره الإيجابي.

تبدأ هذه الحواجز من الجانب المالي، حيث يعتبر التمويل اللازم للأبحاث والتطوير وإنتاج النماذج الأولية وتسويق التكنولوجيا الجديدة من أكبر التحديات التي تواجه الشركات، خاصة الصغيرة منها والناشئة.

فتكاليف البحث والتطوير قد تكون باهظة، وفترة الاسترداد المالي طويلة، مما يصعب من عملية إقناع المستثمرين في خوض هذه التجربة.

يضاف إلى ذلك حالة عدم اليقين التي تكتنف السوق، حيث يصعب التنبؤ بمدى نجاح التكنولوجيا الجديدة، مما يزيد من عزوف المستثمرين عن المخاطرة.

على الصعيد التقني، غالبا ما ينطوي تطوير التكنولوجيا الجديدة على تحديات علمية وهندسية معقدة، تتطلب خبرات ومهارات عالية وتجهيزات متخصصة.

وقد تظهر عقبات تقنية غير متوقعة أثناء عملية التطوير، مما يؤدي إلى تأخيرات وتكاليف إضافية.

كما أن دمج التقنيات الجديدة مع الأنظمة والبنية التحتية القائمة قد يكون عملية صعبة ومكلفة.

أذكر أن هناك تقنية عمل عليها فريق بحثي كنت أراقبهم من بعيد، لم يتمكنوا من الحراك في هذه الفكرة بسبب عدم وجود مصنع يساعدهم في سلاسل الإمدادات.

أما على المستوى التنظيمي والثقافي، فتمثل العزوف عن المخاطرة أحد أبرز الحواجز.

فالابتكار بطبيعته محفوف بالمخاطر، وقد تتردد الشركات في تبني أفكار أو أساليب جديدة خوفا من الفشل أو تعطيل عملياتها القائمة.

كما أن التركيز على تحقيق نتائج مالية قصيرة الأجل قد يحول دون الاستثمار في مشاريع ابتكارية طويلة المدى. بالإضافة إلى ذلك، قد يعيق غياب التعاون الداخلي بين مختلف الإدارات والأقسام داخل الشركات والمنظمات توليد وتنفيذ الأفكار الجديدة.

وقد يبدي الموظفون مقاومة لتبني التكنولوجيا أو العمليات الجديدة، خوفا من فقدان وظائفهم أو بسبب صعوبة تعلم الأدوات الجديدة.

من جهة أخرى تفرض التشريعات والقوانين تحديات إضافية، فالحاجة إلى حماية الملكية الفكرية قد تعيق التعاون وتبادل الأفكار، خشية سرقة تلك الأفكار.

وقد يتطلب الامتثال للوائح والأنظمة وقتا وجهدا كبيرين، خصوصا للشركات الصغيرة أو تلك العاملة في صناعات تخضع لرقابة صارمة.

وقد تثير التقنيات الجديدة قضايا قانونية وأخلاقية، مثل خصوصية البيانات وأمنها، وتأثيرها على الوظائف، واحتمالية إساءة استخدامها، مما يولد مناخا من الحذر والتردد.

أخيرا، يلعب السوق والمجتمع دورا في تشكيل الحواجز التي تعيق الابتكار، فقد لا تنجح التكنولوجيا الجديدة حتى لو كانت سليمة من الناحية التقنية، إذا لم يكن العملاء على استعداد لتبنيها، بسبب التكلفة أو التعقيد أو عدم وضوح الفوائد.

وقد تواجه التقنيات الجديدة مقاومة اجتماعية أو مخاوف أخلاقية.

وقد تحد القيود في البنية التحتية من تبني التقنيات الجديدة وتحقيق أثرها المرجو.

رغم هذه الحواجز يمكن التغلب عليها من خلال تبني مقاربة متعددة الأوجه، تشمل تعزيز ثقافة الابتكار داخل الشركات، والاستثمار في البحث والتطوير، وتبسيط الأنظمة التنظيمية، وبناء منظومة تعاونية بين الأوساط الأكاديمية والصناعية والحكومية، وتعزيز المشاركة المجتمعية.

من خلال معالجة هذه الحواجز وخلق بيئة داعمة للابتكار، يمكننا إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للتكنولوجيا وبناء مستقبل أفضل للجميع.

HUSSAINBASSI@