عبدالله أحمد الزهراني

صيف الباحة.. طقس بارد وفعاليات ساخنة

الاثنين - 02 سبتمبر 2024

Mon - 02 Sep 2024

من حسن حظي أن قضيت صيف هذا العام في ربوع منطقة الباحة، حيث يتواجد الأهل والأحباب في أحضان طبيعة خلابة وأجواء جذابة، وكمعظم المصطافين يمضي الوقت في مراوحة بين ارتباطات اجتماعية وترفيه بريء حتى نعطي البدن حقه من الراحة والنفس نصيبها من المتعة، وهكذا أظن حال معظم المصطافين في جميع مصايف مملكتنا الحبيبة.

إلا أن ما يميز صيف منطقة الباحة هو التناغم الجميل الذي عشناه هذا الصيف وكل صيف بين برودة الأجواء وسخونة الفعاليات الأدبية والثقافية والفنية التي تنظمها الجهات ذات العلاقة.

فكما جبلت الباحة كسائر مناطق بلادنا على الجود والسخاء، فلم تكتف بتقديم ما تجود به المنطقة من فواكه موسمية تضرب بها الأمثال في الجودة كالعنب والرمان والمشمش والخوخ والبرشومي والتين وخلافها، أو أكلات شعبية كالخبزة المُقنّاة - وهي الطبق الشعبي المعتمد في المنطقة- إلا أنه على الجهة الموازية كانت تقدم وجبات كاملة الدسم من الفكر والثقافة والأدب والتاريخ والفنون من نتاج أبناء المنطقة.

ومن يمت للأدب بصلة أو للثقافة بعلاقة كمتخصص مهتم أو كهاو متابع فلا شك أنه عاش صيفه بالباحة مستمتعا محتارا، فكثرة الفعاليات وتنوعها واختلاف مواقعها وأوقاتها كلها مغريات كفيلة بأن تفتح الشهية الفكرية وتبعث على الطمع في المزيد، وقد يبعث ذلك على الحسرة أحيانا عندما تتداخل المناشط ويضطر حينها إلى أن يضحي بأمسية شعرية في سبيل محاضرة في التاريخ، أو أن يفرط بعرض مسرحي لحضور معرض فني.

وبعد، فهذه المناشط الثرية والمتنوعة تكفلت بإنعاش صيف الباحة لعشاق الثقافة وطلاب الأدب، فشعروا بنشوة فريدة من الرضا ممزوجة بعبق الأجواء العليلة، ومن الجميل أيضا أن هذه المناشط والفعاليات لم تقم في المقرات الرسمية سواء للنادي الثقافي الأدبي أو لجمعية الثقافة والفنون، فتارة تقام في المتاحف الخاصة وتارة في المواقع الأثرية وأخرى في الحدائق والمتنزهات، وهي تجارب جعلت ما يقام من فعاليات ملكا مشاعا للجميع عوضا عن حبسها في المقار الرسمية وحصرها على النخبة. وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها من خلال الحضور اللافت والتفاعل من قبل المهتمين.

في الحقيقة فقد بدأت هذه الفعاليات في السنوات الماضية، ولكن بأعداد محدودة وأنشطة معدودة، ولكن هذا الصيف كان أجمل حضورا وأجزل عطاء وأشمل نفعا، وهذا ما نرجو تكراره في المواسم القادمة وتعميمه على جميع مصايفنا حتى نجمع للمصطاف بين السياحة الجغرافية والسياحة الثقافية.

وبعد فهذه تحية إجلال وتقدير ورسالة شكر وامتنان على القائمين على هذه الأنشطة من منظمين ومشاركين ومستضيفين، وأخص بالشكر الأستاذ حسن الزهراني رئيس النادي الثقافي الأدبي بالباحة، الذي كان له قصب السبق في إذكاء شعلة هذه الفعاليات، وسن هذه السنة الحسنة في خدمة الأدب والثقافة، وتنويع أطباق الضيافة السياحية لتشمل الوجبات الثقافية والأدبية.