تركي القحطاني

هل يتأثر سوق المحاماة بمعدلات الصحة النفسية المرتفعة؟

السبت - 03 أغسطس 2024

Sat - 03 Aug 2024

الصحة النفسية والجريمة عنصران متلازمان على مر الأزمنة، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال البعض لا يجد ارتباطا بين السلوك المسبب للجريمة ومكونات السلوك من دوافع ومكنونات نفسية.

عندما نتحدث عن الجريمة لا نحصرها فقط في الجناية، فحتى الجرائم التجارية كالغش والتزوير يكمن وراءها دافع نفسي سبب خللا في طريقة التفكير قادت هؤلاء المجرمين في نظر القانون إلى ارتكاب جرائم تحت ضغط أفكار خاطئة.

نرى تأثير الضغوطات النفسية في المجتمعات بشكل أوضح عندما ترتفع نسب الجريمة بشكل طردي مع ارتفاع معدلات الفقر، وعلى الصعيد العالمي لم تغب عن أذهاننا جائحة كورونا وأنواع الجرائم التي انتشرت نتيجة لوضع الأفراد والمجتمع تحت ضغط ظروف جديدة لم يختبرها من قبل، ولا يعرف تاريخ محدد لانتهائها.

في المدارس ينتشر العنف المدرسي بين الطلاب الأدنى في التحصيل الدراسي، وربما لا يكون هذا التدني سببا بل نتيجة أدت إليها مجموعة من الأسباب مثل سوء المعاملة الأبوية والتعرض للتنمر بشكل بمستمر، فلطالما كان الشعور بالرفض من أقوى المشاعر التي قادت سلوك البالغين نحو ارتكاب الجريمة فكيف بالأطفال.

بالإضافة لما سبق، إن ثقافة المجتمع والقيم التي يتبناها تلعب دورا في بناء منظومة القيم لدى الفرد، فبينما يمنع الأهالي أبناءهم من استخدام ألفاظ لها دلالات عنيفة حتى بشكل هزلي، تستخدم هذه الألفاظ في بيوت ومجتمعات بشكل يومي على مسمع ومرأى أطفالهم، وبينما تطور تعريف الجريمة في بعض التنظيمات لتشمل التعنيف اللفظي أو حتى بالإيماء، ظلت التشريعات الأخرى تقليدية بحصر الجرائم وفق تقسيمها المعروف.

لماذا ينبغي أن يعرف المربون والمحامون هذه التفصيلات بشأن دوافع الجريمة؟ إن معرفة المسببات بداية الطريق لقطع طرق أبنائهم نحو الجريمة ومحاولة دحرها من جذورها، فبينما يستغرب بعض الأهالي من سلوك أبنائهم بعض السلوكيات رغم أنهم على حسب وصفهم "لم يقصروا معهم بشيء"، سبب إهمال التوعية بشأن دوافع ومسببات الجريمة والعنصر النفسي الذي قاد الأبناء وأفراد المجتمع لها قصورا في فهم الأهالي وحيرة من المربين.

أما عن المحامين، فلا يتصور ألا يكون المحامي ملما بالدوافع النفسية والسيطرة الشعورية التي قادت موكله لما آل إليه، فمعرفة الأسباب جزء لا يتجزأ من العلاج، بالإضافة إلى دوره في التعامل مع الحالة النفسية لموكله ومنعه من الإنجرار خلف مشاعر الغضب والرغبة في استعجال النتيجة مما يؤدي به إلى اتخاذ سلوكيات تؤثر على سير دعواه.

t_alqahtani9@