دروس مستفادة من الانتخابات البريطانية لعام 2024
الأحد - 28 يوليو 2024
Sun - 28 Jul 2024
تقدم الانتخابات البرلمانية البريطانية التي عقدت أخيرا العديد من الدروس للحياة السياسية في العديد من الدول.
تجرى الانتخابات البرلمانية في بريطانيا كل خمس سنوات حسب القانون الذي صدر في عام 2011 والمعروف باسم «تشريع الفترة النيابية المحددة».
يختص هذا القانون بتعيين الفترة الزمنية التي يقضيها العضو في مجلس العموم البريطاني.
تمت الانتخابات البريطانية الأخيرة في اليوم الرابع من شهر يوليو في هذا العام، وأسفرت عن فوز ساحق لحزب العمال البريطاني وعودته مرة أخرى للحكم.
وعندما تعقد الانتخابات البريطانية فإنها تعني التنافس على نسب المقاعد في مجلس العموم والتي يبلغ عددها 650 مقعدا.
وقد تمكن حزب العمال من الفوز بـ 411 مقعدا، ومثل هذا زيادة تبلغ 214 مقعدا عما كان عليه تمثيله البرلماني سابقا.
أما حزب المحافظين فقد حصل على 121 مقعدا بعد فقدانه لـ 252 مقعدا أما الحزب الليبرالي الديمقراطي فقد حصل على 61 مقعدا زيادة عن ما كان بحوزته، ليكون تمثيله في مجلس العموم بـ 72 مقعدا.
بالنسبة للحزب القومي الأسكتلندي فقد خسر 37 مقعدا ليحتل حاليا 9 مقاعد في مجلس العموم.
وفيما يتعلق بحزب الإصلاح فهو الآن يمتلك 5 مقاعد ولأول مرة في تاريخه.
ومع خسارته لثلاثة مقاعد، أصبح لحزب البيئة المعروف باسم (الخضر) أربعة مقاعد، وهناك 28 مقعدا في مجلس العموم البريطاني موزعة بين عدة أحزاب صغيرة، ويعتبر هذا زيادة بنسبة 6 مقاعد عن ما كان عليه حال هذه الأحزاب الصغيرة منذ تاريخ عقد آخر انتخابات برلمانية في بريطانيا.
أحضرت الانتخابات رئيس جديد للوزراء في بريطانيا ألا وهو السيد كير ستامر. وهو يحمل اللقب الشرفي لرتبة فارس من طائفة «الباث».
وهو أيضا حامل لمرتبة «محامي الملك»، وهي مكانة راقية للتقاضي في المحاكم في بريطانيا.
وعقب فوزه وتكليفه بتشكيل حكومة بريطانية جديدة، أطلق السيد ستامر تصريحات تتسم بالواقعية قائلا بأنه سوف يقود «حملة للتجديد القومي»، و«حكومة خادمة للجميع»، كما وعد «بإعادة بناء بريطانيا».
أهمية صوت الاحتجاج هو أول درس مستفاد من الانتخابات النيابية البريطانية.
سئم البريطانيون من 14 عاما من حكم حزب المحافظين والذي اتسم بالعديد من الإخفاقات؛ لذا فان فوز حزب العمال البريطاني في الانتخابات لا يمثل ذروة شعبية كبيرة لذاك الحزب وبرنامجه السياسي في معترك الحياة السياسية البريطانية.
والدرس الثاني: المستفاد هو الدور الهام الذي تلعبه الأحزاب الصغيرة في تحقيق النصر وإلحاق الهزيمة بالأحزاب الكبيرة المتناحرة في سباق المنافسة الانتخابية.
نعم استطاع حزب العمال الحصول على نسبة كبيرة تمثل نسبة ثلثي مقاعد مجلس العموم البريطاني، لكن نسبة الفوز كانت ضئيلة في معظم الدوائر الانتخابية.
وحسب تصريح الدكتور روبرت فورد أستاذ العلوم السياسية بجامعة ليفربول، «نصف المقاعد التي ربحها حزب العمال كانت بنسبة حوالي عشرين بالمائة، أو نسبة أقل من هذا».
ثالثا: إن الخطوات التي تتبعها الأحزاب في الحملات الانتخابية تؤثر فعليا على نتيجتها.
وعلى سبيل المثال، تم التنسيق ما بين حزب العمال والحزب الاشتراكي الديموقراطي وارتكزت خطتهما على معارضة أي مرشح آخر لا ينتمي لهما، سواء كان هذا المرشح من حزب المحافظين أو من حزب آخر والنتيجة كانت هزيمة أكبر عدد من المرشحين لو كان قد واجه أي مرشح ينتمي إلى أي من هذين الحزبين.
كما أسفر هذا عن حصول كل من هذين الحزبين على أكبر عدد من المقاعد بنسبة تفوق بكثير حجم التصويت الشعبي لهما.
ولعل المفاجأة التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية هي أن حزب العمال حصل فقط على نسبة 34% من حجم التصويت الشعبي.
وتمثل هذه النسبة ثاني أقل نسبة في تاريخ الانتخابات البريطانية في فترة مائة عام يربح بها حزب الانتخابات البريطانية.
كما أطلقت تلك الانتخابات التحذيرات الخاصة بعدم مبالاة الشعوب وعدم اكتراث الناخبين بحق التصويت الانتخابي.
بلغ عدد من صوت في الانتخابات الأخيرة 28.805.931 ناخبا.
لكن يبلغ عدد المقيدين في سجل الدوائر الانتخابية 48.214.128 ناخبا.
معنى هذا أن نسبة التصويت كانت 5907% من عدد المقيدين في سجلات الانتخابات، وهذا أيضا كان انخفاضا بنسبة 707%عن مجموع التصويت في آخر مرة أجريت فيها انتخابات تشريعية في بريطانيا.
هذا مع وجوب الأخذ في الاعتبار أن نصف من أدلوا بأصواتهم ذكروا أن رغبتهم الأولى كانت الإطاحة بحزب المحافظين من مقاليد السلطة.
أظهرت الانتخابات الدور المتصاعد للأحزاب الخارجة عن نطاق الحزبين الكبيرين.
وفي هذا المضمار، يمثل التيار الوسطي الحزب الليبرالي الديموقراطي، وهو حزب له أهميته لأنه يمتلك مقاعد كثيرة في مجلس العموم.
بالإضافة، حصل حزب الإصلاح وهو حزب يمثل اليمين المتطرف على 4.117.211 صوتا.
لكن من ضمن 609 مرشحين له نجح فقط 6، ويعني هذا أن نسبة التصويت عدديا لا تتقارب مع نسبة التمثيل نيابيا.
لو كان النظام الانتخابي في بريطانيا قائما على التمثيل النسبي، أي حصول الحزب على عدد من المقاعد موافقة لنسبة التصويت الشعبي له، لحصل حزب الإصلاح على عدد كبير من المقاعد في مجلس العموم، ويمكن القول أيضا إن النظام الانتخابي البريطاني يمكن من حكم البلاد بأسلوب الوسط، سواء كان هذا حكم يسار الوسط، أو تشكيل حكومة تمثل يمين الوسط.
وهناك درسان آخران من الانتخابات البريطانية أولهما ضرورة التحري من هوية الناخبين حتى تكون الانتخابات عادلة.
وحسب ما قالته صحيفة الجارديان «لقد تم استبعاد أكثر من 400 ألف ناخب بسبب فشلهم في إحضار الهويات الشخصية اللازمة. وكانت نسبة الاستبعاد الضعف ما بين أفراد الأقليات العرقية في بريطانيا مقارنة بأي جماعة أخرى تعيش في البلاد. وهذا ما أكدته المعلومات الخاصة بالتصويت الانتخابي».
بالإضافة إلى هذا، تعتبر الديموقراطية امتحانا يتكرر لقياس أداء المؤسسات السياسية. وعلى سبيل المثال، سوف تجرى في عام 2025 الانتخابات المحلية البريطانية والتي ستشمل 21 مقاطعة و7 مقاطعات إدارية مستقلة، وكل مقاطعة لديها 25 مقعدا للتنافس.
لكن لا توجد أية ضمانات من أن حزب العمال سوف يفوز بهذه الانتخابات كما حدث في انتخابات الرابع من يوليو.
في أمريكا هناك حزبان كبيران. بريطانيا أيضا لديها حزبان كبيران وعدة أحزاب متوسطة العدد في عضويتها ومن ثم، فإن المنافسة الانتخابية في بريطانيا أكثر حدة عن نظيرتها في الولايات المتحدة.
ويمكن القول إن الأحزاب الأخرى غير الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي لن تساعد الرئيس بايدن والرئيس ترمب.
هناك آلية سياسية انتخابية في بريطانيا تجعل النتيجة النهائية للانتخابات مستمدة من كيفية طريقة التصويت على مستوى كل دائرة انتخابية.
وهذا يسمح بتنظيم مجهود عدد من الأحزاب معا لهزيمة ما يمثل معارضة من قبل الأحزاب الأخرى.
لا شك أن هذه الطريقة في إجراء الانتخابات في المملكة المتحدة تعطي الناخب البريطاني فرصا أكثر للاختيار من بين بدائل عدة من المرشحين بدلا من مرشحين فقط في حال الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا ما يجعل الناخبين في أمريكا يصفون دائما أن طريقة تصويتهم هي التصويت للمرشح الذي يبدو أقل شرا من شرور المرشح الآخر.
mr_alshammeri@
تجرى الانتخابات البرلمانية في بريطانيا كل خمس سنوات حسب القانون الذي صدر في عام 2011 والمعروف باسم «تشريع الفترة النيابية المحددة».
يختص هذا القانون بتعيين الفترة الزمنية التي يقضيها العضو في مجلس العموم البريطاني.
تمت الانتخابات البريطانية الأخيرة في اليوم الرابع من شهر يوليو في هذا العام، وأسفرت عن فوز ساحق لحزب العمال البريطاني وعودته مرة أخرى للحكم.
وعندما تعقد الانتخابات البريطانية فإنها تعني التنافس على نسب المقاعد في مجلس العموم والتي يبلغ عددها 650 مقعدا.
وقد تمكن حزب العمال من الفوز بـ 411 مقعدا، ومثل هذا زيادة تبلغ 214 مقعدا عما كان عليه تمثيله البرلماني سابقا.
أما حزب المحافظين فقد حصل على 121 مقعدا بعد فقدانه لـ 252 مقعدا أما الحزب الليبرالي الديمقراطي فقد حصل على 61 مقعدا زيادة عن ما كان بحوزته، ليكون تمثيله في مجلس العموم بـ 72 مقعدا.
بالنسبة للحزب القومي الأسكتلندي فقد خسر 37 مقعدا ليحتل حاليا 9 مقاعد في مجلس العموم.
وفيما يتعلق بحزب الإصلاح فهو الآن يمتلك 5 مقاعد ولأول مرة في تاريخه.
ومع خسارته لثلاثة مقاعد، أصبح لحزب البيئة المعروف باسم (الخضر) أربعة مقاعد، وهناك 28 مقعدا في مجلس العموم البريطاني موزعة بين عدة أحزاب صغيرة، ويعتبر هذا زيادة بنسبة 6 مقاعد عن ما كان عليه حال هذه الأحزاب الصغيرة منذ تاريخ عقد آخر انتخابات برلمانية في بريطانيا.
أحضرت الانتخابات رئيس جديد للوزراء في بريطانيا ألا وهو السيد كير ستامر. وهو يحمل اللقب الشرفي لرتبة فارس من طائفة «الباث».
وهو أيضا حامل لمرتبة «محامي الملك»، وهي مكانة راقية للتقاضي في المحاكم في بريطانيا.
وعقب فوزه وتكليفه بتشكيل حكومة بريطانية جديدة، أطلق السيد ستامر تصريحات تتسم بالواقعية قائلا بأنه سوف يقود «حملة للتجديد القومي»، و«حكومة خادمة للجميع»، كما وعد «بإعادة بناء بريطانيا».
أهمية صوت الاحتجاج هو أول درس مستفاد من الانتخابات النيابية البريطانية.
سئم البريطانيون من 14 عاما من حكم حزب المحافظين والذي اتسم بالعديد من الإخفاقات؛ لذا فان فوز حزب العمال البريطاني في الانتخابات لا يمثل ذروة شعبية كبيرة لذاك الحزب وبرنامجه السياسي في معترك الحياة السياسية البريطانية.
والدرس الثاني: المستفاد هو الدور الهام الذي تلعبه الأحزاب الصغيرة في تحقيق النصر وإلحاق الهزيمة بالأحزاب الكبيرة المتناحرة في سباق المنافسة الانتخابية.
نعم استطاع حزب العمال الحصول على نسبة كبيرة تمثل نسبة ثلثي مقاعد مجلس العموم البريطاني، لكن نسبة الفوز كانت ضئيلة في معظم الدوائر الانتخابية.
وحسب تصريح الدكتور روبرت فورد أستاذ العلوم السياسية بجامعة ليفربول، «نصف المقاعد التي ربحها حزب العمال كانت بنسبة حوالي عشرين بالمائة، أو نسبة أقل من هذا».
ثالثا: إن الخطوات التي تتبعها الأحزاب في الحملات الانتخابية تؤثر فعليا على نتيجتها.
وعلى سبيل المثال، تم التنسيق ما بين حزب العمال والحزب الاشتراكي الديموقراطي وارتكزت خطتهما على معارضة أي مرشح آخر لا ينتمي لهما، سواء كان هذا المرشح من حزب المحافظين أو من حزب آخر والنتيجة كانت هزيمة أكبر عدد من المرشحين لو كان قد واجه أي مرشح ينتمي إلى أي من هذين الحزبين.
كما أسفر هذا عن حصول كل من هذين الحزبين على أكبر عدد من المقاعد بنسبة تفوق بكثير حجم التصويت الشعبي لهما.
ولعل المفاجأة التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية هي أن حزب العمال حصل فقط على نسبة 34% من حجم التصويت الشعبي.
وتمثل هذه النسبة ثاني أقل نسبة في تاريخ الانتخابات البريطانية في فترة مائة عام يربح بها حزب الانتخابات البريطانية.
كما أطلقت تلك الانتخابات التحذيرات الخاصة بعدم مبالاة الشعوب وعدم اكتراث الناخبين بحق التصويت الانتخابي.
بلغ عدد من صوت في الانتخابات الأخيرة 28.805.931 ناخبا.
لكن يبلغ عدد المقيدين في سجل الدوائر الانتخابية 48.214.128 ناخبا.
معنى هذا أن نسبة التصويت كانت 5907% من عدد المقيدين في سجلات الانتخابات، وهذا أيضا كان انخفاضا بنسبة 707%عن مجموع التصويت في آخر مرة أجريت فيها انتخابات تشريعية في بريطانيا.
هذا مع وجوب الأخذ في الاعتبار أن نصف من أدلوا بأصواتهم ذكروا أن رغبتهم الأولى كانت الإطاحة بحزب المحافظين من مقاليد السلطة.
أظهرت الانتخابات الدور المتصاعد للأحزاب الخارجة عن نطاق الحزبين الكبيرين.
وفي هذا المضمار، يمثل التيار الوسطي الحزب الليبرالي الديموقراطي، وهو حزب له أهميته لأنه يمتلك مقاعد كثيرة في مجلس العموم.
بالإضافة، حصل حزب الإصلاح وهو حزب يمثل اليمين المتطرف على 4.117.211 صوتا.
لكن من ضمن 609 مرشحين له نجح فقط 6، ويعني هذا أن نسبة التصويت عدديا لا تتقارب مع نسبة التمثيل نيابيا.
لو كان النظام الانتخابي في بريطانيا قائما على التمثيل النسبي، أي حصول الحزب على عدد من المقاعد موافقة لنسبة التصويت الشعبي له، لحصل حزب الإصلاح على عدد كبير من المقاعد في مجلس العموم، ويمكن القول أيضا إن النظام الانتخابي البريطاني يمكن من حكم البلاد بأسلوب الوسط، سواء كان هذا حكم يسار الوسط، أو تشكيل حكومة تمثل يمين الوسط.
وهناك درسان آخران من الانتخابات البريطانية أولهما ضرورة التحري من هوية الناخبين حتى تكون الانتخابات عادلة.
وحسب ما قالته صحيفة الجارديان «لقد تم استبعاد أكثر من 400 ألف ناخب بسبب فشلهم في إحضار الهويات الشخصية اللازمة. وكانت نسبة الاستبعاد الضعف ما بين أفراد الأقليات العرقية في بريطانيا مقارنة بأي جماعة أخرى تعيش في البلاد. وهذا ما أكدته المعلومات الخاصة بالتصويت الانتخابي».
بالإضافة إلى هذا، تعتبر الديموقراطية امتحانا يتكرر لقياس أداء المؤسسات السياسية. وعلى سبيل المثال، سوف تجرى في عام 2025 الانتخابات المحلية البريطانية والتي ستشمل 21 مقاطعة و7 مقاطعات إدارية مستقلة، وكل مقاطعة لديها 25 مقعدا للتنافس.
لكن لا توجد أية ضمانات من أن حزب العمال سوف يفوز بهذه الانتخابات كما حدث في انتخابات الرابع من يوليو.
في أمريكا هناك حزبان كبيران. بريطانيا أيضا لديها حزبان كبيران وعدة أحزاب متوسطة العدد في عضويتها ومن ثم، فإن المنافسة الانتخابية في بريطانيا أكثر حدة عن نظيرتها في الولايات المتحدة.
ويمكن القول إن الأحزاب الأخرى غير الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي لن تساعد الرئيس بايدن والرئيس ترمب.
هناك آلية سياسية انتخابية في بريطانيا تجعل النتيجة النهائية للانتخابات مستمدة من كيفية طريقة التصويت على مستوى كل دائرة انتخابية.
وهذا يسمح بتنظيم مجهود عدد من الأحزاب معا لهزيمة ما يمثل معارضة من قبل الأحزاب الأخرى.
لا شك أن هذه الطريقة في إجراء الانتخابات في المملكة المتحدة تعطي الناخب البريطاني فرصا أكثر للاختيار من بين بدائل عدة من المرشحين بدلا من مرشحين فقط في حال الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا ما يجعل الناخبين في أمريكا يصفون دائما أن طريقة تصويتهم هي التصويت للمرشح الذي يبدو أقل شرا من شرور المرشح الآخر.
mr_alshammeri@