محمد إدريس

المياه الجوفية في جدة.. معاناة مستمرة وحلول تنتظر التنفيذ

الاثنين - 18 نوفمبر 2024

Mon - 18 Nov 2024

في أزقة شمال شرق جدة وأحياء أبحر، يكاد الحديث عن المياه الجوفية أن يصبح رفيقا يوميا للسكان، إذ لا تخلو جلسة أو حديث جار عن هذه المشكلة المتفاقمة التي باتت جزءا من المشهد اليومي. المياه التي يفترض أن تكون بركة الأرض، تحولت في هذه المناطق إلى مصدر قلق ومعاناة للسكان، سواء من ناحية التأثيرات الصحية، أو البنية التحتية التي تئن تحت وطأة هذه المياه، أو حتى الاضطرار الدائم للصيانة والتكاليف الإضافية.
تبدو معاناة السكان وكأنها نداء مكتوم، يواجه بين الحين والآخر موجة من الوعود التي لا يكتب لها الخروج من دائرة النقاشات النظرية إلى الواقع العملي. لكن على الجانب الآخر، لا يمكن إنكار الجهود الحثيثة التي تبذلها أمانة محافظة جدة في التعامل مع هذه المعضلة، من خلال محاولاتها لإيجاد حلول استثنائية تسهم في معالجة تراكم المياه الجوفية وتأثيراتها. لقد رأينا مشاريع تستهدف تقليل منسوب المياه، وابتكارات تهدف إلى تحسين الصرف، ولكن التساؤل المحوري يبقى قائما: أين دور شركة المياه الوطنية؟
هذه المؤسسة، التي يفترض أن تكون في مقدمة الجهات المعنية بإيجاد حلول استراتيجية عاجلة، تظل غائبة عن المشهد بقدرٍ يصعب تفسيره. متى نرى تدخلا حاسما منها؟ لماذا لا نشهد خططا واضحة أو مبادرات طموحة توازي حجم التحدي الذي يواجه هذه المناطق؟ الأهم من ذلك، لماذا يغيب الظهور الإعلامي لهذه الشركة الذي يمكنه أن يسلط الضوء على خططها المستقبلية، أو حتى أن يطمئن سكان المناطق المتضررة بأن مشكلتهم في قائمة الأولويات؟
السكان ليسوا في انتظار بيانات إعلامية أو تصريحات مجاملة، بل يتطلعون إلى رؤية جهود فعلية، تترجمها مشاريع تنموية وإصلاحات جذرية تبدأ بمعالجة الأحياء الأكثر تضررا.
إن جدة، المدينة العريقة التي تتكئ على تاريخها وخصوصيتها، تستحق حلولا تعزز جودة حياة سكانها. ما بين جهود أمانة محافظة جدة، التي تشكر على مبادراتها، ودور شركة المياه الوطنية المنتظر، يبقى الأمل في أن يتحول هذا التعاون بين الجهات المختلفة إلى رؤية تكاملية فعالة تعالج المشكلة من جذورها.
الحديث عن المياه الجوفية في جدة ليس رفاهية، بل هو حديث عن واقع يومي يؤثر على حياة الآلاف. فمتى يكتب لهذه المشكلة أن تُطوى صفحتها، ويصبح الحديث عنها مجرد جزء من تاريخ تجاوزه الجميع؟